لا تعتذروا في دمشق
الدستور
لا أحد يعرف على وجه الخصوص اذا كان الوفد النيابي، الذي يضم خمسة عشر نائبا، حتى الان، والذي اعلن عنه النائب طارق خوري، سيذهب فعلا الى دمشق، ام لا، لكن علينا ان ننتظر الأيام القليلة المقبلة، لنرى الكيفية النهائية لهذا الوفد، والذي سيفعله في دمشق؟.
النائب طارق خوري، يقول انه يضع رئاسة مجلس النواب، في صورة تحركاته واتصالاته، وعلينا ان نتذكر هنا، ان ذات رئاسة مجلس النواب، التقت سابقا وقبل فترة قصيرة، رئيس مجلس الشعب السوري، في بطرسبورغ الروسية، ولم يؤد هذا اللقاء الى ضجة كبيرة سلبية، من جانب قوى كثيرة تعادي النظام السوري، بل على العكس كان لافتا للانتباه هذا البرود في ردود الفعل، وغياب التراشقات الى حد كبير.
اللافت للانتباه هنا، ما يقوله خوري، حول ان هذا الوفد ليس رسميا، بمعنى انه وفد برلماني، يشارك به عدد من النواب، يمثلون دوائر انتخابية مختلفة، بمعنى انه وفد شعبي، لكن علينا ان نشير الى ان هذا نوع من الانفتاح السياسي، الذي ترضاه الدولة، حتى لو لم يكن الوفد رسميا، والا كان بالإمكان تعطيل فكرة الوفد، او التشويش عليها، او منعها، بطرق مختلفة، اقلها عبر الطلب من رئاسة النواب، عدم السماح بهكذا وفد.
هذا يعني ان هناك مظلة رسمية غير معلنة للوفد، والا كيف يذهب في هذا التوقيت، لولا ان الدولة بحاجة أيضا الى ترطيب للأجواء بين عمان ودمشق، عبر منصات بديلة، تتولى مرحلة الاحماء السياسي، توطئة لمرحلة مقبلة، إضافة الى ان هكذا وفد يمنح الدولة الفرصة للتبرؤ لاحقا، من الزيارة، إذا ثبت ان لا داعي لتحسين العلاقات حاليا، وسيكون الحديث لحظتها عن وفد قرره النواب، بمعزل عن الجهات الرسمية.
على اية حال، لم يمنع الأردن وفودا كثيرة، من الذهاب الى سوريا، طوال سني الحرب، والكل يعرف ان سياسيين وحزبيين ونقابيين واعلاميين، ذهبوا الى دمشق، ولم تمنعهم الدولة، مثلما لم تمنع التيار الأردني المحسوب على دمشق الرسمية، من التعبير عن موقفه، بشكل يعاكس السياسات الرسمية، خصوصا، في بدايات الازمة السورية، وهذه هي طبيعة الدولة تاريخيا، التي تترك دوما لمجموعة سياسية معينة، مساحة تعاكس خطها العام، من باب توظيفها لاحقا اذا لزم الامر، ومن باب السماح بحد ادنى من التنوع في المواقف السياسية داخل البلد الواحد.
في التقييمات ان هذا الوفد سيتعرض الى حملة سياسية كبيرة، في الأردن، إذا تمت الزيارة، خصوصا، ان الوفد أيضا، يؤكد انه وفد شعبي، وليس رسميا، وعلى هذا علينا ان نسأل اذا ما كان هؤلاء النواب، يمثلون رأي قواعدهم الشعبية، في التقارب من نظام الأسد، ام يمثلون توجهاتهم الفردية، والأرجح ان الخيوط متداخلة في هذه القصة.
في كل الحالات، لربما الأهم، يتعلق بالذي سوف يسمعه هؤلاء من دمشق الرسمية، بخصوص الأردن، وهذا جانب حساس جدا، وسيترك اثرا كبيرا، على الخطوة التي ستلي هذه الزيارة، خصوصا، ان الأردن امام ملفات كبيرة، تتعلق بالحدود، والإرهاب، والجماعات المتطرفة، والميلشيات المذهبية التي تتقرب من الحدود، إضافة الى ما يتعلق بالمعابر، وموقف واشنطن، وبقية الدول العربية والروس، من ملف سوريا.
أسوأ ما في الإدارة السورية، للعلاقة مع الأردن، يتعلق بتلك الروح الاحتفالية الشامتة، التي توحي دوما، ان الأردن بدأ يندم، وبدأ خطواته لاسترداد العلاقات مع دمشق، ولعلها نصيحة تقال للطرفين، ان على البرلمانيين، ان يتجنبوا تلبس روح المعتذرين، وان على السوريين، أيضا، ان يتجنبوا تلبس روح المحتفلين، فما زلنا كلنا، في توقيت حساس، لم تتضح صورته بالكامل، هذا فوق الكلف التي دفعها الشعب السوري البريء.
هي كلف لا يمكن لأي طرف ان يتعامى عنها، وان يجد فوق هذا الركام الإنساني، لحظة للاعتذار او الاحتفال من جهة أخرى.
وسوم: العدد 831