قلق العالم حول تنقيب تركيا عن ثرواتها الطبيعية

العالم الغربي بزعامة العم سام وبعض أجرائه يبدون قلقهم من بدء تركيا التنقيب عن النفط والغاز الطبيعي في جرفها القاري ضمن مياهها الإقليمية.

فبعد إعلان تركيا في 3 أيار 2019، عن نيتها إجراء عمليات تنقيب عن الغاز حتى أيلول المقبل في منطقة من البحر المتوسط، بدأت الاتهامات الدولية تتراشق قلقة من نوايا أنقرة حول عمليات التنقيب.

المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية مورغان أورتاغوس أصدرت بياناً، أعربت فيه عن قلقها من نوايا تركيا إجراء عمليات تنقيب عن النفط والغاز قبالة سواحل قبرص الرومية.

ومن جانبها حذرت الخارجية المصرية، من انعكاس أية إجراءات أحادية الجانب على الأمن والاستقرار في منطقة شرق المتوسط، مشيرة إلى أنها تتابع باهتمام وقلق التطورات الجارية حول نية تركيا بدء أنشطة حفر في منطقة بحرية تقع غرب قبرص الرومية.

الخارجية التركية ردّت على كل هذه المزاعم، بأنها "لا تمت للحقيقة بصلة"، فقلق الولايات المتحدة حول التنقيب في أراضي غير تركية ليس صحيحاً، ودعوة أمريكا تركيا "لعدم التنقيب في منطقة يدّعي القبارصة الروم أنها لهم، على الرغم من وجود اتفاقية ترسيم حدود سارية، ليست مقارَبة بنّاءة ولا تتماشى مع القانون الدولي".

وصرح وزير الخارجية مولود جاوش أوغلو خلال زيارته قبرص التركية في 4 أيار 2019، أن بلاده أقدمت على الخطوات اللازمة، وبدأت سفن التنقيب التركية أنشطتها في المناطق التي سمحت جمهورية شمال قبرص التركية بالتنقيب فيها.

عام 2013، عقدت مصر وقبرص اتفاقية بترسيم الحدود البحرية بينهما نكاية في تركيا، للاستئثار بالمصادر الطبيعية في المنطقة الاقتصادية الخالصة للبلدين في شرق البحر المتوسط، لحقها اتفاقاً آخر عام 2018 بشأن الغاز، يشمل مد خط أنابيب تحت المياه في أعقاب منتدى غاز الشرق الأوسط، ضمن صفقة مصالح مشتركة بين مصر وقبرص الرومية لتمديد خطوط الغاز الطبيعي واستخراج النفط بعيداً عن تركيا ودون النظر إلى مصالحها.

وفي 5 شباط الماضي، أعلن وزير خارجية تركيا مولود جاوش أوغلو عدم اعتراف بلاده باتفاقية ترسيم الحدود بين مصر وقبرص الرومية، واصفاً إياها بأنها "لا تحمل أي صفة قانونية".

وأكد جاوش أوغلو أن تركيا تقدمت بطلب لرفض الاتفاقية بين مصر وقبرص الرومية، بوصفها "تنتهك الجرف القاري التركي عند خطوط الطول 32 و16 و18 درجة".

وحذّر جاوش أوغلو من إجراء أية أبحاث علمية غير قانونية أو بدء عمليات التنقيب عن النفط والغاز في الجرف القاري التركي والمناطق البحرية المتداخلة فيه.

هذه التصريحات أثارت حفيظة الجانب المصري، الذي يرى أحقيته في الدفاع عن مصالحه الاقتصادية وفقاً للاتفاقية التي عقدها مع قبرص الرومية والتي يعدّها قانونية.

وقال المتحدث باسم الخارجية المصرية أحمد أبو زيد، في تصريحات صحفية تثير الاشمئزاز والغرابة: "إن مصر "تحذّر من محاولة المساس بسيادتها فيما يتعلق بالمنطقة الاقتصادية داخل المياه الخاصة بها شرقي البحر المتوسط"، ونسي أبو زيد أن الصهاينة ينتهكون السيادة المصرية في عقر دارهم، وبالتالي فإن فعل الصهاينة أمر شرعي، أما ما تقوم به تركيا ضمن حقها في مياهها الإقليمية غير شرعي.

أما على الجانب القبرصي الرومي، فقد عقدت في السنوات الأخيرة، صفقة مع شركة إيني الإيطالية وتوتال الفرنسية وإكسون موبيل الأمريكية للتنقيب عن الغاز.

وفي شباط 2018، اعترضت قطع بحرية تركية سفينة تابعة لشركة إيني الإيطالية لاستكشاف النفط، كانت في طريقها للتنقيب عن الغاز المكتشف في مناطق متنازع عليها بين قبرص الرومية وتركيا.

الاستثمارات النفطية في قبرص الرومية قُدرت بـ 198 مليار متر مكعب من الغاز عام 2012، والتي من المتوقع أن توفر لها مبلغ 39 مليار دولار تشمل حصة التنقيب.

فيما قدرت هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية كامل مخزون الغاز في المتوسط بنحو 122 تريليون قدم مكعب بما فيها الحقول الواقعة في المياه الإقليمية.

وهذه الأرقام الفلكية المهولة أسالت لعاب الدول الكبرى؛ التي تريد أن تستحوذ على هذه الثروات الهائلة وحرمان دول المنطقة من الاستفادة منها، وهي الأحق بها كونها داخل مياهها الإقليمية أو الأقرب لها من باقي الدول؛ بما فيها مصر؛ التي تنفش ريشها هذه الأيام، بعد أن نضبت آبارها من النفط والغاز، والتي كانت تهب معظم ثروتها من الغاز للكيان الصهيوني إما مجاناً أو بأسعار رمزية، وعندما احتاجت للنفط والغاز؛ صارت تستورده من الكيان الصهيوني الذي استثمر منابع الغاز في مياه فلسطين ولبنان وأجزاء من سورية بأسعار عالمية دون أي تمييز.

كنا نتمنى على مصر التي كانت كنانة العرب يوما ما؛ أن تنفش ريشها في مواجهة الاحتلال الروسي لمنابع النفط والغاز في الساحل السوري، وفي مواجهة الاحتلال الأمريكي لمنابع النفط والغاز في الجزيرة والصحراء السورية، لا أن تنفش ريشها في مواجهة تركيا الجارة المسلمة التي كانت على الدوام تقف إلى جانب قضايا العرب العادلة، وتتبناها وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، ووقف نزيف الدم في سورية، والوقوف إلى جانب الحكومة الشرعية في ليبيا، ناهيك عن مواقفها لمواجهة الإرهاب العالمي الذي يمارس ضد المسلمين في عدد من دول العالم العنصرية والمتعصبة.

وسوم: العدد 833