لا مُعارَضة ، ولا مُوالاة ، بل : مُعارَلاة !
المَدرَحيّة : كلمة ، من ابتكار أنطون سعادة ، مؤسّس الحزب السوري القومي الاجتماعي! وهي كلمة مشتقّة ، من كلمتَي : المادّة والرُوح ، وهما عنصران متكاملان ، في الكيان البَشري ، لاتناقض بينهما !
أمّا المُعارَلاة ، فهي كلمة لا معنى لها ، وهي مركّبة ، من كلمتين متناقضتين ، هما: المعارضة والموالاة ! وقد تجد لها تفسيراً ، في إحدى الكلمات التالية :
نفاق .. ذَبذبة .. تَقلَب .. تلوّن .. انتهازية..!
أمّا الكلمات ، التي يفلسف بها ، أصحابُ المعارلاة ، موقفهم ، مثل : مصلحية .. نفعية.. فهي ليست حكراً عليهم ؛ فالناس ، جميعاً ، يَحرصون ، على مصالحهم ومنافعهم، ويسمي بعضهم البحث عنها : براغماتية ، بصرف النظر عن المبادئ !
وأمّا كلمات ، مثل : الحكمة ، والحنكة ، والدهاء .. فهي شاملة ، لكلّ مَن يتّصف بها، ويسعى إلى الإفادة منها ، في خدمة مصالحه ، دون النظر، إلى كونه : انتهازياً متقلّبا.. أو كونه : مبدئياً مستقيماً !
سئل أحدهم : أأنت عصاميّ ، أم عظاميّ ؟ فلم يعرف كيف يجيب ؛ لأنه لايعرف ، معنى كلّ من الكلمتين ، فقال : أنا عصامي وعظامي ! فأعجِب به السائل ، وأثنى عليه ، لأن كلمة عصاميّ ، منسوبة إلى عصام ، حاجب النعمان بن المنذر؛ فقد سأل النابغة الذبياني ، عصاماً هذا ، عن كيفية الدخول ، إلى الملك النعمان ، فنصحه نصيحة استفاد منها ، فقال مادحاً عصاماً :
نفسُ عصامٍ سوّدتْ عصاما - وعوّدتْهُ الكَرّ والإقداما
فصارت كلمة عصامي ، مثلاً ، لكلّ مَن يعتمد على نفسه ، في تكوين مجده ، وصنع حاضره ومستقبله !
أمّا كلمة عظامي ، فتعني ، الاعتزاز بأمجاد الآباء والأجداد ، الذين صارت عظامهم في التراب!
وبالعودة إلى المعارلاة ، يكتشف العقلاء ، مذهب المتقلّبين الانتهازيين :
فمعارضة نظام الحكم القائم ، تكلّف جهوداً وتضحيات ، ليسوا مستعدّين لدفعها!
وموالاة الحاكم الظالم ، المجرم الذي يفتك بالناس ، ويستبيح دماءهم .. ثقيلة على نفوسهم ، وثقيل عليهم تحمّل تبعاتها: الخلقية والاجتماعية والسياسية .. أمام الناس ! فاشتقّوا لأنفسهم ، هذه التسمية ، من الكلمتين المتناقضتين ؛ تهرّباً من دفع كلفة أيّ منهما ! هكذا توهّموا ، وغضّوا أنظارهم ، عن قيمتهم الفعلية ، في نظر الحكّام ، الذين يحتقرونهم ، ولا يقبلون منهم ، سوى الانحياز التامّ لهم ! كما تغاضوا ، عن نظرة أكثر الناس إليهم ، وتصنيف هذه الأكثرية لهم ، في صنفٍ ، لا يحبّون سماعَه ؛ بَلهَ الاتّصاف به !
ولله في خلقه شؤون .
وسوم: العدد 839