الإمارات وتركيا: محاور علنية جديدة في سورية
المركز السوري سيرز
أحدثت تصريحات القائم بأعمال السفارة الإماراتية في دمشق عبد الحكيم النعيمي خلال حفل افتتاح سفارة الإمارات في سورية مساء الاثنين 02.12.2019 ضجة إعلامية.
وبالرغم من الحديث الدائم عن دعم الإمارات العربية المتحدة لحكومة الأسد إلا أن إعادة افتتاح السفارة الاماراتية في دمشق قبل عام، وكلمة النعيمي قبل يومين، أوضحت بشكل لا يقبل التأويل إعادة الاصطفاف الإماراتي مع النظام السوري.
تصريحات النعيمي قابلها رد واضح الدلالة والمعنى من قبل نائب وزير خارجية النظام السوري في حفل افتتاح السفارة فيصل المقداد بقوله " لن ننسى دور الإمارات ووقوفها إلى جانب سورية في حربها على الإرهاب".
هذا التمظهر الجديد للعلاقة المستترة بين الطرفين ترافق مع تطورات في ملفات إقليمية متعددة بدأت من الإعلان عن قاعدة عسكرية تركية جديدة في قطر تحمل اسم خالد بن الوليد، وإلى توقيع تركيا والحكومة الليبية في 27 تشرين الثاني الحالي مذكرتي تفاهم:
الأولى: حول التعاون الأمني والعسكري
الثانية: تتعلق في تحديد مناطق النفوذ البحرية.
وما رافق هذين الحدثين البارزين من مواقف إقليمية معارضة أطلقها التحالف (اليوناني الإماراتي المصري).
وهنا لا بد من الإشارة إلى توجهٍ إمارتي للرد على تركيا في أقرب نطاقٍ جغرافي لها وهو سورية، فتصريحات النعيمي في حفل افتتاح السفارة وما تلاها من تقارير إعلامية عن خط ائتماني إماراتي بقيمة مليار دولار لحكومة نظام الأسد بعد تهاوي قيمة الليرة السورية إلى ما يقارب 1000 ليرة سورية للدولار الواحد، يظهر بوضوح التشكل الجديد للمحاور الإقليمية ودور نظام الأسد في هذه المحاور.
فإعادة تمكين نظام الأسد سياسياً وميدانياً سيشكل رداً ذا بعدٍ جيواستراتيجيٍ على الدور التركي في المنطقة، وهنا يمكن أن تتلاقى الأدوار المعادية للدور التركي في الشرق الأوسط عموماً وفي المنطقة العربية على وجهة التحديد.
إن بنية منطقة الشرق الأوسط السياسية والاجتماعية والثقافية وتوزع القوى وتوجهاتها تفرض النظر إلى أحداثها وتداعيات هذه الأحداث باعتبارها كلأً واحداً ومن الخطأ الفصل بين الأحداث التي تقع في وحدات هذه البنية المعقدة وشديدة الترابط، ولا يمكن إغفال عوامل الترابط الجيوسياسي بين التطورات التي تحدث في ملف بعينه عن باقي الملفات.
وحول هذه النقطة يجب التنبيه مرة أخرى إلى خطورة وصول المحور المعادي للدور التركي إلى حدودها الجنوبية، فنجاحات السياسة الخارجية التركية في المنطقة (قطر- الصومال- ليبيا...) وغيرها وتطور هذه النجاحات مرتبط بنجاح أساسي في حدودها الجنوبية ولا يمكن أن تكون قاعدة خالد بن الوليد في قطر فاعلة إن لم تكن النقاط التركية المنتشرة في إدلب والشمال السوري فاعلة، ومن غير المرجح أن تنجح الاتفاقيات العسكرية والأمنية بين تركيا وليبيا أو بين تركيا والصومال إن لم يكن لتركيا دورٌ فاعل في سورية.
ولربما أدرك المحور الإماراتي أن التأثير على السياسة الخارجية التركية وتطويق نجاحاتها في المنطقة يبدأ من سورية، الأمر الذي دفعها لإظهار تحالفها مع نظام الأسد إلى العلن وإضافة النظام السوري إلى محور الإمارات مصر اليونان، الأمر الذي سيشكل مخاطر جيواستراتيجية كبرى قد تؤثر بعمق على الدور الاقليمي التركي.
وسوم: العدد 854