كوابيسُ الاحتلال الأجنبيّ ، تفهمُها الشعوب، أمّا الكوابيسُ الوطنية، فيَصعبُ فهمُها !
مرّت بأمّة الإسلام ، خاصّة ، احتلالات كثيرة ، واجتياحات عسكرية شتّى ، منها، على سبيل المثال :
كابوس غزو المغول والتتار: اجتاحت موجات هائلة ، من غزو المغول والتتار، مساحات واسعة ، من البلاد الإسلامية ! بعضُ هذه الموجات ، أسقط الخلافة الإسلامية ، ذاتها ، في بغداد .. وبعضُها اجتاح الشام ومصر، حتى قيّض الله للأمّة حكّاماً ، قادوها إلى النصر، بتوجيه من علماء أفذاذ ، مخلصين !
كابوس الغزو الصليبي : وتعاقبت موجات الغزو الصليبي ، لبلاد المسلمين ، حتى احتلّ هؤلاء ، منا طق كثيرة ، من بلاد الإسلام ، وعلى رأسها القدس الشريف ! وتعاون الصليبيون ، المحسوبون من أهل الكتاب ، مع المغول الوثنيين ، في بعض المراحل ، في محاربة المسلمين ، حتّى هيّأ الله للأمّة ، قادة مخلصين .. وبحضّ وتوجيه وإرشاد ، من علماء مخلصين أفذاذ ، قضوا على الممالك ، التي أقامها الصليبيون ، في بلاد الإسلام !
كابوس الاستعمار، بأنواعه المختلفة ، في العصر الحديث : وتعاقبت على أمّة الإسلام ، موجات الغزو الاستعماري الحديث ، بأشكال مختلفة ، وبأسماء متنوّعة، وتحت عناوين شتّى ، وشعارات شتّى .. قبل الحربين العالميتين ، وفي أثنائهما ، وبينهما ! واستمرّ الإستعمار، بعدهما ، حتى جدّت ظروف دولية ، قضت على عهد الاستعمار الأجنبي ، ليبدأ عصر الاحتلال المحلّي ، الوطني !
الكوابيس المحلّية : سُمّيت هذه الكوابيس ، وطنية ، على سبيل الخداع والتضليل ، والتمويه على الشعوب المستغفلة ! فقد رحل الاستعمار الحديث ، تاركاً عملاء مخلصين له ، من أبناء الدول ، التي استعمرها .. فتجرّأ هؤلاء العملاء ، على مالم يتجرأ عليه ، أخبث المستعمرين ، من انتهاك لحرّيات الناس ، ومصادرة لأرزاقهم، وامتهان لحرمات بيوتهم .. وكلّ ذلك ، تحت شعار: الحكم الوطني ! فقد كانت مقاومة الاستعمار الأجنبي شرفاً ، يعتزّ به كلّ وطني حرّ شريف ، ويتسابق الناس ، إلى الجهاد ، لنيل الشهادة ، دفاعاً عن الوطن والشرف والمقدّسات ! فصار الناس ، تحت الشعارات الوطنية ، يتهيّبون ، من مقاومة المحتلين الوطنيين ؛ لأنهم وطنيون ، من أبناء البلاد ، والجيوشُ التي يَقتل العملاء ، برصاصها ، أبناء الأوطان ، هي جيوش وطنية ، سلاحُها مشترى من مال الشعوب ! يفعل العملاء هذا ، كلّه ، متسلّحين بدعم القوى الأجنبية ، التي غادرت البلاد ، وسلّمتهم أزمّتها !
ومَن تحرّك شعبُه ، من الخونة ، ولو سلمياً ، لإزاحته عن السلطة ، استنجد بسادته، الذين عيّنوه ، فدعموه بالمال والسلاح ، والنفوذ السياسي !
ياسلام .. ما أبدع هذا !
وسوم: العدد 870