حول قيصر - وقانون قيصر - وانهيار سعر صرف الليرة السورية
أما أولا - فتحية تكريم وتقدير للمواطن السوري الملقب بالقيصر ، على الدور الوطني الجميل الذي سبق إليه . ونأمل أن يكون سبقه هذا نوعا من السنة الحسنة التي يتابعها عليها آخرون من السوريين الذين ، جرت أو تجري المأساة تحت أعينهم بأي أسلوب وأي طريق .
نشكر المواطن السوري الملقب بالقيصر ، على الدور الإنساني والوطني الذي سبق إليه . ونعتبر شكره وتقديره حقا على كل الأحرار من السوريين . ونرفض ما يحاوله البعض من البحث في الخلفيات والنوايا ، ونرفض كل ما يحاوله آخرون من إثارة البلبلة والشقاق بين أطراف المعادلة الوطنية مهما تكن السبيل .
وأما ثانيا - فإننا نقوّم ما صدر عن الولايات المتحدة الأمريكية تحت عنوان " قانون قيصر - تقويما إيجابيا سديدا على طريق إنصاف السوريين .
ونذكر بالشكر والعرفان والتقدير الفريق الوطني من العاملين السوريين الذين شاركوا في بلورة هذا القانون ، وسرّعوا عملية إصداره ، والذين يعملون على وضعه موضع التنفيذ .
إن تقويمنا الإيجابي للنص القانوني النظري ، لا يستوفي حقه ، حتى يتبين لنا كمواطنين سوريين ، مدى الجدية والمصداقية والعدل في تطبيق القانون ، والأهداف العملية التي سيوظف لتحقيقها .
وأما ثالثا ..
فإن ما يزعمه بشار الأسد وزمرة الاستبداد والفساد أن الانهيار الاقتصادي في سورية سببه هذا القانون ، وأن هذا القانون دليل على أن الولايات المتحدة كانت منذ البداية ضد النظام الطائفي الغارق في الاستبداد والفساد فكلام باطل ومردود على أصحابه ، وعلى بطلانه يقوم ألف دليل ودليل.
وأبسطها أن القانون لم يوضع بعد موضع التنفيذ .
ثم يكمل ذلك ما جاء عن السفير الأمريكي جيفري أن الغاية من القانون : تعديل سلوك بشار فيما يخص إيران والإرهابيين . والفرق لا يخفى بين سحب رخصة السائق وبين أمره بالتزام السرعة أو التزام اليمين !!
بعد عشر سنوات من القتل المنفلت الذي وقع على الشعب السوري ، بالتواطؤ بين قوى الاستكبار العالمي وقوى الشر الإقليمي والمحلي ، ثم تجد من يحدثك عن تعديل سلوك ، لمجرم حرب ، لجديرة بحسم كل اللجاجات التي يتذرع بها بشار الأسد وداعموه عن المؤامرة الكونية التي كانت تستهدفه . وهي حقيقة جديرة بالاعتبار من كل الذين يظنون أنفسهم قيمين على الثورة ومشروعها .وقد علم أبناء شعبنا بجد حقيقة المؤامرة وأبعادها وأهدافها وحقيقة الضالعين فيها ..
إن ادعاء بشار الأسد وزمرته أن " قانون قيصر " هو سبب الانهيار الاقتصادي ، وفقدان الليرة السورية لقيمتها ، هو نوع من الهرب من مواجهة الاستحقاقات العملية التي أغرق نظام الطغمة سورية فيها يوما بعد يوم ، وهو نوع من تحويل الأنظار عن المأساة الحقيقية التي يريد بشار الأسد أن يصرف الأنظار عنها . وهو نوع ثالثا من التأليب المعتاد على شيطان الإمبريالية والاستعمار في كلام ممجوج باتت تشمئز منه النفوس .
ومن هنا نقول إننا مع حرصنا على تلمس الجدية والمصداقية في تطبيق قانون قيصر ، نرفض الحملة التي يسوقها البعض ضد القانون بتحميله المسئولية عن معاناة السوريين ، وعجزهم عن تأمين لقمة عيشهم ، كفافهم وخبز يومهم . ونحذر كل سوري حر من الانجرار وراء الحملة الأسدية الكاذبة .. فهي نوع من التضليل في التضليل .
ونحن في الوقت نفسه مع المعاناة الإنسانية لكل السوريين ، نستشعر آلامهم ، ونتعاطف مع معاناتهم ، ونرفض أي إجراء على أي مستوى يستهدفهم في حيواتهم وأعراضهم وأرزاقهم . مع كل المواطنين السوريين بكل خلفياتهم لننقذ سورية معا من براثن الطغاة والمستبدين والفاسدين .
أما عن أسباب انهيار الاقتصاد السوري والليرة السورية فيمكن أن نلخصها لبشار الأسد وداعميه بسطور بسيطة من غير تكلف ولا تعقيد ، وأبرز هده العوامل التي أنتجت هذا الانهيار
- سياسة الاستنزاف المديد ، على مدى نصف قرن من سرقة المال الخاص والعام معا ..
- الأكلاف الباهظة للأجهزة الأمنية التي أسسها الأسدان، ومكنوها وسلطوها على رقاب السوريين ، وعلى ثرواتهم ، وعلى مشروعاتهم الإنتاجية . بدأ الأمر بالمستر فايف وانتهى بالماسترز فيفتي.
- سياسات تهجير الطاقات العقول والسواعد ورؤوس الأموال ؛ خلال نصف قرن من حكم الأسدين لسورية !! حتى الأموال التي سرقها الأسديون مودعة في الحسابات السرية والبنوك الأجنبية.
- السياسات الاقتصادية الضالة والمضللة . والتي لا يمكن نسبتها لأي نظام اقتصادي معروف لا اشتراكي ولا رأسمالي ولا ..
- الحرب الظالمة المدمرة التي شنها بشار الأسد على الشعب السوري، بأكلافها الاقتصادية الباهظة ، التي راهن بعض الدارسين أنها يمكن أن تسقط اقتصاديا الاتحاد الروسي ، كما شاركت الحرب في أفغانستان في إسقاط الاتحاد السوفياتي .
- الاستهداف المستمر في الحرب المجنونة التي كان يشنها الأسديون والروس والإيرانيون وغيرهم على البنى التحتية للاقتصاد السوري ، وحرق الأراضي والمحاصيل وقطع أشجار التين والزيتون على سبيل التجويع والإفقار ..
- ما أقدم عليه بشار الأسد وزمرته من رهن سورية ومواردها وثرواتها وبرها وبحرها وجوها للدول المحتلة والمستعمرة وعلى مدى نصف قرن قادم من الزمان .
- الاختلالات البنيوية الحادة في قواعد الحياة الاقتصادية في سورية المستباحة منذ سبعة عقود ، والتي يبقى التفصيل فيها من حق المختصين .
- وأخيرا وليس آخرا ما يمكن أن يقال عما نشهده من نزاعات تطفو على السطح بين أفراد العصابة ، وشركاء الجريمة ، الذين لو طبق عليهم منهج : من أين لك هذا ؟ لعرفنا عن خبايا الزوايا الكثير .
- أيها السوريون جميعا ..
تحديات كبرى تفرض نفسها على شعبنا ، ووطننا ، وثورتنا ، وليس أمامنا لمواجهتها، إلا الارتقاء بوعينا ، والتوحد في موقفنا ، والسعي الحثيث الناجز لبناء سورية العدل والحريّة والمساواة ، على قاعدة السواء الوطني نلتقي . لمواجهة التحديات ، والانتصار على مشروعات الاستبداد والفساد ومشروعات الاسئثار والتخريب والتبديد ...
أبها السوريون الأحرار جميعا :
اقبضوا على جمر قضيتكم وتذكروا قول أجدادكم : من استرعى الذئب فقد ظلم.
وسوم: العدد 881