فرنسا الحالية تتعهد بأن لاتعترف بجرائم فرنسا في الجزائر
تابعت البارحة مقطعا للماكرو ماكرون ، فكانت هذه القراءة:
1. قال الماكرو ماكرون: حان الوقت لطي ملف الماضي. أقول: حسنا، لنبدأ بإلغاء قانون تمجيد الاستدمار الفرنسي الذي وقعته فرنسا. وباعتراف فرنسا بجرائمها ضدّ الجزائر والجزائريين طيلة 132 سنة من النهب والسطو والاعتداء.
2. يتحدّث الماكرو ماكرون عن الاستدمار الفرنسي، ويقول: أساء لفرنسا، ولسمعة فرنسا، وقتل آلاف من الجنود الفرنسيين. أقول: وما ذا عن الجزائريين، وسمعة الجزائري، وخيرة شباب الجزائر. وهو يقصد أيضا أن الجزائريين، وانطلاقا من المصطلح الاستدماري المجرم "معركة الجزائر؟ !"، كانوا أيضا من وراء قتل الجنود الفرنسيين المجرمين المحتلين، والإساءة لسمعة فرنسا حين رفضوا الخضوع للاستدمار الفرنسي، وأساؤوا لسمعة فرنسا حين واجهوا الاستدمار الفرنسي.
3. راح الماكرو ماكرون يعدّد "فضائل الاستدمار الفرنسي المجرم؟ !"، ويقول: الاستدمار الفرنسي ساهم في التطور، وعشرات الآلاف من الأساتذة، من أطباء، ومزارعين الذين أعطوا الكثير للجزائر. أقول: والثمن الذي دفعته الجزائر هو نهب الأراضي الخصبة، وطرد أصحابها، وتحوّل الجزائري إلى عبد ذليل، وتسليط الضرائب، وحرق المزارع، وحرمان الجزائري من خيراته، وتصدير منتجات الجزائر إلى أوروبا وحرمانها على الجزائري، وفرض الجوع والفقر والعري على الجزائري، ناهيك عن التعذيب والاغتصاب والتدمير والحرق والنسف.
4. دافع الماكرو ماكرون عن المجرمين المحتلين من الخونة الحركى حين قال بالحرف: "غادروا الجزائر بطريقة عنيفة". وهو بهذا يقصد أنّ الجزائر طردتهم بعنف، وما كان لها أن تفعل ذلك، وكان عليها أن تستقبلهم وتعاملهم كمواطنين جزائريين باعتبارهم جزائريين. وهو بهذا يعاتب الجزائر لأنّها لم تحتضن الخونة من الحركى. وقال كلاما في غاية الخطورة، حين قال: لم يتركوا لهم مجالا للبقاء في أرضهم غير الطرد من الجزائر. وهو بهذا يعاتب الجزائر لأنّها لم تحتضن الحركى وكان عليها أن لا تدفعهم لمغادرة الجزائر نحو فرنسا. إذن مسؤولية الحركى لدى الماكرو ماكرون هي الجزائر التي لم تحتضنهم وليست فرنسا المحتلة المجرمة.
5. قال بالحرف: "حان الوقت لترك الماضي... يمضي". أقول: هل يستطيع الماكرو ماكرون وفرنسا أن تنسى ماضيها تجاه الفرنسيين الذين تعاملوا مع هتلر؟ وإنّي على يقين لو أنّ فرنسا علمت أن عجوزا فرنسيا في القرن من عمره تعامل مع هتلر لحاكمته اليوم قبل الغد وطالبته بالتعويض وهو أقرب إلى القبر منه إلى الحياة.
6. قال الماكرو ماكرون: لن أخضع لجميع الساسة الذين يطالبونني بتوظيف التاريخ لأغراض انتخابية حزبية. ويقصد بهذا الكلام: لن أخضع لساسة الجزائر وللجزائر الذين يطالبوني بالاعتراف بجرائم فرنسا في الجزائر. إذن، مع الماكرو ماكرون، لن يكون هناك اعتراف فرنسا بجرائمها في الجزائر، ولن يكون هناك تجريم الاستدمار الفرنسي.
7. يطالب الماكرو ماكرون من الجزائريين بالتعاون مع فرنسا دون طرح ملف الماضي، ثمّ يضيف: هذه العلاقة لابدّ أن تبنى على الاعتراف المتبادل لآلام وجروح الآخر، والاعتراف بجروح الجميع، لكن علينا أن نتجاوزها ونعفو عنها وننظر للمستقبل. أقول: يتعمّد الماكرو ماكرون أن يضع الاحتلال الفرنسي المجرم في نفس مرتبة دفاع الجزائريين عن عرضهم وأرضهم. ويضع القاتل المجرم المغتصب الفرنسي في نفس منزلة الجزائري الذي استشهد وهو يدافع عن عرضه وأرضه. ويضع 132 سنة من النهب والسطو والقتل والإعدام والاعتداءات الجنسية على الجزائريين في نفس منزلة جهاد الجزائريين من رجال ونساء طيلة 132 سنة لتحرير أرضهم واسترجاع حريتهم. وما قاله الماكرو ماكرون، صورة صادقة عن ساسة فرنسا ونظرتهم الاستدمارية المجرمة تجاه الجزائر والجزائريين منذ بداية الاحتلال الفرنسي للجزائر سنة 1830 إلى يومنا هذا.
8. لاحظت أنّ الماكرو ماكرون وهو يقدّم كلمته، أنّه يوجد عن يساره صورة لحركي جزائري خائن، وعن يمينه العلم الفرنسي وعلم الاتحاد الأوروبي.
9. أضيف: تابعت منذ يومين كلمة وزير الخارجية الجزائري صبري بوقادوم، وهو يثني على فرنسا والماكرو ماكرون. وأقول: بالغ وزير الخارجية الجزائري في المدح والثناء دون داع لذلك.
10. تابعت من قبل كلمة رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون بمناسبة استرجاع السيادة الوطنية، وأثنى كثيرا على الماكرو ماكرون. وأقول: بالغ رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون في المدح والثناء على الماكرو ماكرون دون داع ولا سبب يدفعه لذلك.
11. مازال الماكرو ماكرون يستعمل المصطلح الاستدماري المحتل وهو "معركة الجزائر؟ !". ما يعني أنّ الحرب في نظره كانت بين الجزائريين ولم تكن ضدّ الاستدمار الفرنسي منذ 132 سنة.
12. سبق لي أن استنكرت على الأساتذة الجزائريين الجامعيين والمؤرخين الجزائريين والإعلاميين استعمالهم للمصطلح الاستدماري المجرم "معركة الجزائر؟ !". دون استعمال مصطلحات: الاستدمار الفرنسي، والاحتلال الفرنسي، وجرائم فرنسا، وغير ذلك من المصطلحات الدالة على النهب، والسطو، والتعذيب، والاعتداءات الجنسية على الرجال والنساء، ونسف البيوت، وحرق المزارع، ورمي الجزائريين من الطائرات، وتحريض الكلاب المدرّبة على نهش أجساد الجزائريين والاعتداء عليهم جنسيا، والإعدامات ببرودة تامة، وفصل رقابهم الشريفة عن أجسادهم الشريفة، وسرقة جماجم أسيادنا الشهداء ووضعها في متحف "الإنسان؟ !" طيلة 170 سنة وما زال، وسرقة عظام موتى الجزائريين من مقابر الجزائريين لاستخدامها لأغراضهم الشخصية.
وسوم: العدد 885