قصة انهيار الليرة السورية
المصرف المركزي من مهامه الاحتفاظ باحتياطي من الذهب والعملات بما يوازي قيمة النقد الورقي المطروح ليعزز الثقة به .
ومن مهامه ان يجمع لديه كل موارد البلد من العملات الاجنبية الناجمة عن التبادلات التجاريةومن مهامه إصدار النقد الورقي وتخزينه.
ومن مهامه تثبيت سعر صرف الليرة واعادة التوازن اليها ما اختلت عن طريق طرح كمية من الدولارات في السوق الذي يعمل على قاعدة العرض والطلب فإذا قل وجود الدولار يرتفع سعره واذا المركزي طرح كمية جديدة بالسعر الذي يريد يعود التوازن لسعر صرف الليرةالى الحدود التي قررها المصرف .!
ما حدث ان المصرف المركزي لم يقم بهذا الدور لانه اولا لم يعد يملك مخزونا من العملات الصعبة ليس للمضاربة بل ايضا لتغذية سوق استيراد المواد الأولوية للزراعة والتجارة وغيرها.
الإنفاق العسكري ومصاريف الحرب ابتلعت كل الموجودات في المصرف المركزي كما ان عمليات تهريب الأموال للخارج وأكثرها من بطانة النظام خوفا من قانون قيصر قبل نفاذه ساهمت في تدهور سعر الليرة وسوف يتزايد ذلك لان دول الدعم توقفت عن دفع المساعدات المالية وحتى استيراد القمح والمحروقات والمواد لا ينفذ الا بعد الدفع بالدولار."..
أسعار الدواء ارتفعت لان الدواء المستورد من الهند خاصة بعد رفض المصرف المركزي تمويلها بالدولار كالمعتاد مما جعل استيراد هذه المواد صعبا الا عن طريق التهريب من دول الجوار ويكلف كثيراوخطرا .!
معامل الادويةًخففت انتاج مواد كثيرة ومعامل اغلقت نهائيا وسرحت العاملين تفاديًا لخسارة كبيرة .!
أسعار الخضراوات والمنتجات الزراعية ارتفع لزيادة سعر المازوت والبذور والسماد بشكل كبير مع ان أكثرها لا علاقة له بالاستيراد مما يعكس جشع التجار وفقدان الرقابة
على الاسعار بفعل الرشوة !
التجار في سوق الحميدية وأكثر موجودات محلاتهم مستورد توقفوا عن البيع بالأسعار المعتادة لانهم لن يستطيعوا شراء البدائل الا بسعر مضاعف وأكثر .
هذه الحالة في المتاجر تشبه ما يسمى في الحركات العمالية ( الإضراب في المكان ) حين العمال يبطئون الإنتاج ولا يوقفوه وهكذا يفعل تجار الشام لا يريدون ان تفهم السلطة من الإغلاق معنى سياسيًا لذلك افرغوا محلاتهم من ٩٠/: من البضاعة وأبقوها مفتوحة ليحولوا بين السلطة والقدرة على قمعهم !
جميع الموظفين والعمال والمواطنين وصلوا بسبب تدهور سعر الليرة وارتفاع الاسعار الى حد المجاعة.
ضغط الروس على النظام لدعم المصرف المركزي من اموال ممن اغتنوا من الحرب ومن النظام فجمع الاسدعددًا منهم وأجبرهم على دفع مبالغ لم تتجاوز كلها المئة مليون دولار وبعضهم سلم تبرعاته بموجب شيكات من ودائعه في المصارف اللبنانية التي جمدت كل التحويلات !
وكل هذه التبرعات لم تسعف المصرف المركزي لساعات !
اضطر الاسد الى إلزام رامي مخلوف وشركاته بمبالغ كبيرة من أرباح احتكاره للاقتصاد السوري وشركاته ومن تخلفه عن دفع الضرائب لسنوات فامتنع مدعيًا ان ارباحه صرفت على قوات الدفاع الوطني وعلى أسر شهداء الساحل فتم الحجز على شركاته بغية تحصيل ما أمكن وإرضاء للدول التي تضغط عليه لتامين المبالغ اللازمة لدفع مستحقات أثمان الاسلحة والمواد الغذائية المستوردة!
طالبه الروس بدفع مبالغ بالمليارات من موجودات الاسد وعائلته وبعضها في الروسيا البيضاء فامتنع.
كل هذا حدث قبل تنفيذ قانون قيصر الذي منع اي تحويلات لسوريا ومنع اي شركة او دولة من التعامل مع النظام.
لذلك فان انهيار العملة السورية لا يعود مباشرة الى قانون قيصر الذي لم ينفذ عمليًا بل نفذ منه حتى الآن وقف التعامل مع المصرف المركزي وشل فاعليته والبنوك المتعاملة معه داخليًا وخارجيًا ولم يمنع دخول المواد الطبية والغذائية.
هذا القانون وضع الشبكة المحيطة امام خيارات صعبة هي فك تحالف النظام مع ايران وترحيل قوات حزب الله والحرس الايراني وميليشياته وبالموجز تركيعه او اسقاطه.!
يبقى ان الحل امام السلطة العسكرية التي تحمي النظام صار محدودا بتغيير هذا النظام بانقلاب داخلي مدعوما من الروس يرحل معه الاسد وشبكته ويتم تشكيل مجلس عسكري وسياسي مع المعارضة فتفتح السدود وتأتي المساعدات ويبدأ الإعمار.!
وما عدا ذلك هو الطوفان !
فماذا سوف يختارون ؟
وسوم: العدد 886