التوريث ليس أصل الحكم ولو كانت سلالة الأمير عبد القادر
03حزيران2021
معمر حبار
قرأت صباح اليوم عبر صفحة يشيد صاحبها بالأمير عبد القادر رحمة الله عليه. وممّا جاء في منشوره، قوله: "والأصل أن يكون الملك والحكم في سلالته". وعليه أقول:
- أقف مع الزميل المحترم في ذكره للخصال العظيمة التي اتّصف بها الأمير عبد القادر.
- لايمكنني بحال أن أقف مع زميلنا في عبارته: "والأصل أن يكون الملك والحكم في سلالته" ولو كان الأمير عبد القادر كما ذكر زميلنا: " لأنه مؤسس الدولة وأول من حارب فرنسا لا بطريقة شعبية بل بتنظيم دولة".
- نفس الموقف أقفه مع أسيادنا الشهداء من أمثال بوعمامة ولالة فاطمة والمقراني وبن مهيدي وحسيبة بن بوعلي وعلي لابوانت وزيغود يوسف وبوڤرة وغيرهم كثير رضوان الله عليهم جميعا.
- أظلّ أحارب التوريث في الحكم ولو حرّر صاحبه القدس وطرد الاستدمار الفرنسي من الجزائر وأعاد للعرب والمسلمين أراضيهم المغتصبة من طرف الصهاينة والاستدمار الغربي.
- العظماء يحترمون، ويقلّدون في خصالهم العظيمة، ويستشارون في القضايا العظمى، ويرفعون فوق الرؤوس، ويشكرون على ماقاموا به لخدمة الوطن والأمّة. لكن أبدا، لايرثون الحكم ولا يكون الملك والحكم في سلالتهم لسبب يتعلّق بالنسب والتوريث.
- سيّدنا رسول الله صلى الله عليهم وسلّم لم يورّث الحكم لأعزّ الأصدقاء إليه وهو سيّدنا الصّديق رضوان الله عليه. ولم يورّث الحكم لابن عمّه سيّدنا علي بن أبي طالب. ولم يورّثه لأحد من عائلته. وسيّدنا الصديق لم يورّث الحكم لابنه وهو القائد الذي تتوفّر فيه شروط القيادة. وسيّدنا عمر بن الخطاب لم يورّث الحكم لابنه ابن عمر وهو الفقيه العارف العالم. وسيّدنا عثمان بن عفان لم يورّث الحكم لابنه ورضي أن يستشهد على أن يورّث ابنه الحكم.
- التوريث إذن، ليس من الإسلام في شيء وقد جاء الإسلام ليقضي عليها ويمحوها بتصرّف سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم مع عائلته وتصرّف أسيادنا الصّديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان مع أبنائهم وهم القادة والسّادة والعلماء والفقهاء.
- رفض الأمير عبد القادر أن يكون أميرا على المغرب. ورفض أن يكون أميرا على المشرق العربي. احتراما للسلطان المغربي والسّلطان العثماني وهو يختلف معهم. ورفض أن يكون أميرا على قبرص وقد طلبوا منه أن يكون حاكما عليهم.
- الديكتاتورية التي تعرفها الدول العربية والدول الإسلامية لاتدفع المرء أن يطالب بتوريث الحكم باعتبار أنّ الجمهوريات العربية والإسلامية هي في الحقيقة وراثية. والسبب في ذلك أنّ التوريث في الحكم هو وجه من أوجه الديكتاتورية. فلا يمكن استبدال حكم ديكتاتوري مهما كان اسمه باسم حكم ديكتاتوري تحت التوريث والنسب.
- في المقابل، من حقّ أبناء الأمير عبد القادر أن يتقلّدوا المناصب ويحكموا الجزائر إذا توفّرت فيهم الكفاءة والنزاهة والفاعلية والشروط القانونية والإدارية المطلوبة، باعتبارهم في هذه الحالة جزائريين كغيرهم من الجزائريين وليس باعتبارهم أبناء الأمير عبد القادر فإنّ ذلك أمر شخصي يعنيهم. والتوريث ليس ركنا من أركان الحكم.
- نكرّر مانذكره دوما: لانتدخل في الشؤون الداخلية للدول والمجتمعات التي اختارت التوريث كنظام حكم، ولا نتدخل في اختياراتها.
- خلاصة، ما أعظم الأمير عبد القادر رحمة الله عليه وقد اتّصف بأخلاق الأنبياء والرسل حتّى انبهر به الأعداء قبل الأصدقاء في علو أخلاقه. لكن لايمكن القول: "والأصل أن يكون الملك والحكم في سلالته"، بل الأصل أن حكم الجزائر للجزائريين جميعا الذين تتوفّر فيهم الشروط العلمية والأخلاقية والفاعلية والإدارية والدينية.
وسوم: العدد 931