استشهاد الأسير حسين مسالمة بسبب سياسة الإهمال الطبي
كان من المتوقع أن يلقى الأسير حسين مسالمة مصيره المحتوم بالوفاة والاستشهاد بعد أن أمضى 19 سنة من الاعتقال في سجون الاحتلال، ولم تمهله السنة المتبقية على إنهاء حكمه أن يبقى على قيد الحياة، بسبب سياسة الإهمال الطبي التي تعرض لها من قبل إدارة السجن، وذلك كحال العديد من الأسرى الذين واجهوا نفس المصير وبسبب سياسة الإهمال الطبي نفسها، وقد أعلنت هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية، استشهاد الأسير الفلسطيني المحرر المريض بالسرطان حسين مسالمة، فجر الخميس 23/ 9/2021 ، في المستشفى الاستشاري بمدينة رام الله في الضفة الغربية المحتلة .وكانت سلطات الاحتلال الإسرائيلي أصدرت قرارا بالإفراج عن الأسير مسالمة (39 عاما)، من بلدة الخضر جنوب بيت لحم في شهر شباط/ فبراير الماضي، وتم نقله إلى مستشفى "هداسا" في مدينة القدس المحتلة.
وكان الأسير مسالمة واجه منذ نهاية العام الماضي، تدهورا على وضعه الصحي، وعانى من أوجاع استمرت لأكثر من شهرين، ماطلت خلالها إدارة سجون الاحتلال في نقله إلى المستشفى، ونفّذت بحقه سياسة الإهمال الطبي الممنهجة (القتل البطيء)، حيث كان يقبع في حينه في سجن "النقب الصحراوي"، إلى أن وصل لمرحلة صحية صعبة، ونُقل إلى المستشفى ليتبين لاحقًا أنه مصاب بسرطان الدم (اللوكيميا)، وأن المرض في مرحلة متقدمة. ومكث مسالمة في مستشفى "هداسا" حتى 13/9/2021 حيث نقل إلى المستشفى الاستشاري بمدينة رام الله، ويذكر أن الأسير مسالمة اُعتقل عام 2002، وصدر بحقه حكما بالسّجن لمدة (20 عاما)، أمضى منها نحو (19 عاما).
ولد حسين محمد حسين المسالمة في بيت لحم عام 1982، وهو الابن البكر لعائلته، المكونة من عشرة أشقاء ووالديه. ومع اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000، انخرط الأسير مسالمة في العمل النضالي ومقاومة الاحتلال، حتى اعتقل في تاريخ 22 تشرين الثاني/ نوفمبر 2002.
تعرض لتحقيقٍ قاسٍ استمر ثلاثة شهور، تنقل الأسير مسالمة في عدة سجون، وكانت محطته الأخيرة في سجن "النقب الصحراوي"، وعلى مدار عامين ماطلت إدارة سجون الاحتلال في نقله إلى المستشفى، حتّى تبين أنه مصاب بسرطان الدم (اللوكيميا)، وأنه في مرحلة متقدمة من المرض، ونقل لاحقًا إلى مستشفى "سوروكا" الإسرائيلي.
الاحتلال هو المسؤول عما وصل إليه الأسير مسالمة، حيث نفّذ بحقه جريمة الإهمال الطبي، التي طالت وما زالت تطال المئات من الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي.
وتفيد الهيئات الفلسطينية المعنية بشؤون الأسرى أن أوضاع الأسرى المرضى في سجون الاحتلال الإسرائيلي خطيرة جدا، مع تسجيل حالات جديدة بإصابتها بأوارم بدرجات مختلفة، لا سيما بين الأسرى الذين أمضوا أكثر من 20 عاما.
قوافل شهداء الأسرى بسبب الإهمال الطبي لم تتوقف، فقد أستشهد الأسير سعدي الغرابلي في الثامن من شهر تموز/ يوليو 2020 بعد معاناة مع "مرض السرطان وأمراض أخرى"، وبعد قضائه 26 عاما في السجون الإسرائيلية. حيث "واجه جريمة الإهمال الطبي (القتل البطيء) على مدار سنوات اعتقاله"، والغرابلي هو ثاني أسير فلسطيني يقضى منذ بداية العام الماضي داخل السجون الإسرائيلية، حيث أستشهد في شهر نيسان/أبريل امن العام نفسه، الأسير نور البرغوثي (23 عاما) في سجن النقب.
إن سياسة "الإهمال الطبي المتعمد تسببت باستشهاد أكثر من 70 أسيرا منذ العام 1967، من أصل 224 أسيرا قضوا داخل السجون الإسرائيلية، وفقا لمعطيات المؤسسات الفلسطينية المعنية بشؤون الأسرى، ولا تزال هذه السياسة تهدد إن استمرت في وفاة الكثيرين من المرضى الأسرى، من بينها حالة الأسير ناصر أبو حميد (49 عاماً) من مخيم الأمعري بمدينة رام الله، والذي تدهورت حالته بشكل كبير، وذلك بعد بدء معاناته مع الأوجاع الحادة بالصدر ونوبات السعال الشديد التي تجعله يتقيأ في كثير من الاحيان، ومنذ أوائل الشهر الماضي جرى نقل الأسير أبو حميد لمشفى "برزلاي" الإسرائيلي، وهناك أُجريت له العديد من الفحوصات ليتبين بعدها إصابته بورم بالرئة دون تحديد طبيعته، وقد قام أطباء الاحتلال بتزويده بمضاد حيوي، لكنه بانتظار إجراء فحوصات أخرى للتأكد من طبيعة الورم وتشخيص وضعه بالشكل الصحيح، علماً بأن الأسير أبو حميد يقبع بمعتقل "عسقلان" ومحكوم بالسجن سبع مؤبدات و50 عاماً.
في حين تتعمد إدارة معتقل "ريمون" اهمال حالة الأسير رامي العيلة (43 عاماً) من قطاع غزة والذي يمر في الآونة الأخيرة بوضع صحي مقلق، فهو يعاني من وجود كتلة بخده الأيسر منذ فترة، وقد خرج لعيادة المعتقل عدة مرات لكن دون فائدة فلم يتم منحه أي علاج يُذكر، وينتظر الأسير العيلة منذ قرابة 8 شهور تحويله لمشفى "برزلاي"، لأخذ عينة من هذه الكتلة وتشخيصها، لكن لغاية اللحظة إدارة المعتقل تماطل بتحويله، ويشتكي الأسير العيلة أيضاً من مشاكل بالمعدة ومشاكل بالعظام وهو بحاجة لتقديم علاج يُناسب وضعه الصحي.
أما الأسير خالدة مخامرة (26 عاماً) من بلدة يطا قضاء الخليل، والقابع بمعتقل "ريمون" أيضاً، فهو يشتكي من آثار إصابته برصاص جيش الاحتلال أثناء عملية اعتقاله، حيث أُصيب في ظهره ويده ورجله، ولا يزال يعاني الأسير مخامرة من آلام في رجله، وهو بانتظار تحويله لأخذ جلسات علاج طبيعي ليده ورجله.
وهناك حالتين مرضيتين تقبعان داخل ما يسمى عيادة سجن "الرملة"، إحداهما حالة الأسير ناظم أبو سليم من مدينة الناصرة في الداخل المحتل، والذي يعاني من ضعف حاد في عضلة القلب، ويتناول العديد من الأدوية، وهو بحاجة ماسة لإجراء عملية ووضع منظم لضربات القلب، لكنه بانتظار رد إدارة سجون الاحتلال للموافقة على إجراء العملية أم لا، علماً بأن حالته الصحية تستدعي رعاية خاصة وإجراء العملية بأسرع وقت ممكن.
كما يشتكي الأسير نضال أبو عاهور (45 عاماً) من مدينة بيت لحم، من فشل كلوي ويغسل الكلى 4 مرات أسبوعيا، وكان أبو عاهور يعاني في السابق من مرض السرطان، وتم استئصال أحد الكليتين للأسير نتيجة لهذا المرض، ولا يزال الأسير بحاجة لمتابعة طبية لحالته.
هؤلاء بعض الأسرى المرضى الذين يواجهون الآن خطر الموت، إن لم يتم الافراج عنهم حالا، لتلقي العلاج المناسب لهم، ومن هنا ينبغي التحرك العاجل من قبل الهيئات الدولية الحقوقية، ومن قبل الهيئات المعنية بالدفاع عن الأسرى في الوطن، وفي جميع بلدان العالم، وعلى الجميع الآن التحرك الفوري والعاجل من أجل انقاذ حياة الأسرى المرضى وتأمين العلاج المناسب قبل فوات الأوان.
وسوم: العدد 948