للمزيد من تحصين دولة أسياده وأجداده اليهود! ما دلالة توسيع نظام السيسي المنطقة العازلة شمال سيناء؟

بعد أكثر من خمس سنوات من قرار السلات المصرية إقامة شريط عازل على الحدود المصرية مع قطاع غزة، وهدم آلاف المنازل بمدينة رفح، ونقل سكانها إلى مناطق أخرى، سلط تقرير حقوقي الضوء على قرار رئاسي يبتلع أضعاف المنطقة العازلة برفح.

في تقريرها الجديد، كشفت مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان، أن القرار الرئاسي بتحديد ما يناهز ثلاثة آلاف كيلو متر مربع من الأراضي في شمالي شرق شبه جزيرة سيناء، كمناطق حدودية تخضع لقيود صارمة، يعني عمليا ابتلاع المزيد من أراضي المنطقة ضمن مخططات غامضة للجيش لإفراغ المنطقة من سكانها، إذ تقوض تلك القيود حياة من تبقى من السكان فيها.

ووصفت المنظمة القرار الذي يحمل رقم 420 لسنة 2021، وصدر دون أدنى مناقشة مجتمعية أو إعلامية تذكر، ونشرته الجريدة الرسمية في 23 سبتمبر 2021 دون تقديم أي تفسيرات، وصفته "بالخطير"، مشيرة إلى أن القرار يشمل الكثير من القرى والتجمعات السكنية ومدنا رئيسية ما زالت تضم آلاف السكان، ضمن المناطق المحظورة.

من تداعيات القرار أيضا، بحسب المنظمة، صعوبة أو استحالة عودة آلاف السكان الذين هجرهّم الجيش قسريا في السنوات الماضية تحت ذريعة مكافحة الإرهاب إلى المدن والقرى التي أصبحت محظورة، وعززته بالكشف عن صور بالأقمار الصناعية لبناء سور يفصل مناطق الشيخ زويد والعريش الواقعة ضمن المنطقة العازلة "المحظورة" الجديدة.

وتوضح صور الأقمار الصناعية مسار السور الذي يمتد من ساحل البحر المتوسط عند منطقة الشلاق غرب مدينة الشيخ زويد باتجاه الجنوب، ثم يتجه غربا ليحيط بمدينة العريش، وتحيط تلك الجدران عمليا بالتجمعات السكانية الرئيسية المتبقية في مدينتي الشيخ زويد والعريش، وتحول تلك المجتمعات إلى ما يشبه السجن الكبير.

تفريغ شمال سيناء

حذر الناشط السيناوي، أبو الفاتح الأخرسي، من مغبة القرار الرئاسي الجديد، وقال: "إنه يعني حرفيا إضافة منطقة الشيخ زويد إلى قائمة المدن التي تم محوها من الخارطة بواسطة الجيش، وينتهك حقوق أبناء شمال سيناء، ويصادر أملاكهم، ويشرعن مخالفة الدستور المصري الذي يمنع عمليات التهجير القسري".

وأضاف : "يبدو أن الدولة مستمرة في ممارسة الانتهاكات بعيدا عن الإعلام والمنظمات الحقوقية والمجتمع المدني، ولن يخفف قرار إلغاء الطوارئ من سوء الأوضاع وصعوبة الحياة اليومية"، مشيرا إلى أن "أهالي سيناء لا يستطيعون ممارسة حياتهم بشكل طبيعي في مدن الساحل، وغالبية الإمدادات والاتصالات مقطوعة، ويتم التعامل معهم بشكل غير إنساني".

واعتبر الأخرسي أن "المستفيد الأكبر هو الكيان الإسرائيلي، في المقابل فإن الدولة لا ترى أهالي شمال سيناء، ولا تتعامل معهم كمواطنين إلا من خلال الإعلام، ولا يملكون أي حقوق، وكل المشروعات التي يقوم بها النظام هي لأخذ اللقطة والإيحاء بأن هناك تنمية مستغلة جهل الكثيرين بحقيقة وطبيعة الخارطة في شمال سيناء؛ لأن غالبيتها في محافظات أخرى متاخمة، فأي تنمية في ظل عدم وجود اتصالات أو وقود أو كهرباء ومياه بشكل متصل أو منظم".

وأكد أن "الحاكم العسكري هو الحاكم الفعلي، وكل أجهزة الدولة هي أجهزة صورية، ولا تملك أي صلاحيات، وتدار المحافظة من داخل الكتائب والمعسكرات، وكل ما يتم تداوله من تعويضات بعد تهجير الأهالي هو للترويج الإعلامي، والتعويض يكون بشكل مجحف، ولا يشكل إلا نسبة قليلة من حقوقهم".

إعادة تشكيل ديموغرافية سيناء

اعتبر الباحث في الشؤون السياسية والإستراتيجية، أحمد مولانا، أن رفح المفرغة تشكل نقطة وصل مهمة بين نظام السيسي والكيان الإسرائيلي، قائلا: "هناك توجه واضح من النظام الحالي بإعادة تشكيل ديموغرافية سيناء بشكل يخدم المصالح الإسرائيلية".

وأوضح : أن "هذه الإستراتيجية الجديدة تأتي في ظل حرص نظام السيسي على توثيق علاقته بتل أبيب لتخفيف الضغوط التي يتعرض لها أمريكيا، ومن أجل دفعها للوساطة في ملف سد النهضة".

واستبعد مولانا أن تستفيد منطقة شمال سيناء من إنهاء حالة الطوارئ في مصر، وأن تعود الحياة إلى طبيعتها، وأرجع ذلك إلى أن "المنطقة بأسرها يراد تفريغها من السكان، وهو ما يعزز من عملية حصار غزة، والتحكم في أي بضائع تدخل لها، والسيطرة على كل شيء".

في 25 تشرين الأول/ أكتوبر ، أعلن رئيس الانقلاب في مصر، عبد الفتاح السيسي، رفع حالة الطوارئ بالبلاد، لأول مرة منذ أكثر من 4 سنوات.

وكان بموجب حالة الطوارئ، يحق للسلطات المصرية إخلاء مناطق، وفرض حظر التجوال، واتخاذ إجراءات أمنية مشددة، ومعاقبة المخالفين بالسجن.

وسوم: العدد 953