الفاتحة على الدور الوطني للجامعات الفلسطينية

🔘 اعتدت أن اسأل جموع طلبتي ، عن مواضيع " سهلة " تتعلق بفلسطين مثل : حدودها ، مساحتها ، نشيدها الوطني ، علمها ، مدنها وقراها ومخيماتها ،عاداتها وتقاليدها..وتفاجئني غالبا إجابة " لا أعرف " . يوم أمس دخلت إحدى محاضراتي ، وأحببت " أنكش رأسي " ، وسألت عن : إبراهيم طوقان ، خليل الوزير ، صلاح خلف ، النشيد الوطني الفلسطيني، حدود فلسطين .لم يعرف أحدهم الإجابة .فصرخت بأعلى صوتي : الله أكبر .. لا حول ولا قوة إلا بالله .

🔘 هل تعلمون أيها السادة أن معظم طلبةالجامعات في فلسطين ، لا يدرسون إلا مساقا إجباريا واحدا عن تاريخ وطنهم ، يقدم معلومات مختصرة مركزة عبر وسيلة " البصم أو النقل" .. وتقييماته تتم عبر امتحانات تشبه محتوى برنامج " من سيربح المليون "..يتعوذ الطلبة من دراسته ، وينظمون الأفراح والليالي الملاح بعد النجاح فيه . وكان التعليم الإلكتروني أدام الله عزه ورفع ذكره ، فرصة لهم لقنص أعلى العلامات ، اعتمادا على براعة صديق مختص أو شركات أو تجمعات مدفوعة الأجر .

🔘 معظم المساقات التي يدرسها طلبة الجامعات الفلسطينية عن وطنهم ، لا تدمج التاريخ مع الجغرافيا والسياسة والسياحة والفكر والدين والتراث والفلسفة ، ولذلك لا تقدم رواية وطنية فلسطينية ، ولا تصنع جيلا قادرا على الدفاع عن قضيته ، هي مواد " لصف الكلام " و" طقع الحكي " وجمع الأموال ، و"مكياج" للمظهر الوطني لا أكثر .

🔘 هل تصدقون أن تاريخ أرض كنعان أو فلسطين القديم بمختلف محطاته وعصوره التاريخية شبه مفقود من الجامعات الفلسطينية العتيدة .. وهو ملعب واسع ما زالت تصول وتجول في جنباته الرواية التوراتية التي اخترعت الشعب اليهودي وربطته بأرض الميعاد .. تلبية لرغبة الرب في عودة شعبه المختار إليها ؟! .. وهل تصدقون أن جل المجمع الطلابي في الجامعات الفلسطينية ، لا يعرف شيئا عن المشروع الصهيوني وأهدافه ومنطلقاته وتفاصيله ؟!..وهل تصدقون بأن جغرافية الوطن السليب الحالية ( مواقع ، طرق ، اتجاهات ) ، ترتبط بأسماء ومواقع المستعمرات والحواجز الإسرائيلية الجاثمة على أرضنا ؟! .

🔘 هل تصدقون أن معظم الجامعات الفلسطينية، قامت مؤخرا بتجميد أقسام التاريخ في كياناتها " لأنها بطلت توفي " ، وتتجه إلى إلغائها كلية من الخارطة العلمية ؛ لأن أعداد الدارسين فيها قد تقلص إلى أدنى مستوياته ..تبعا للسياسات الرسمية المتعلقة بالمناهج والوظائف ، في الوقت الذي تمتلئ فيه " البيوت " بالخريجين من هذا التخصص المصلوب .. علما بأن الجامعات العبرية تضم تخصصات تاريخية متعددة : عقائدية ، فكرية ، فلسفية ، سياسية ، لغوية ، "فلكورية" ، تسلط الضوء على ما يسمى " أرض إسرائيل الكبرى " وارتباط الشعب اليهودي بها من جميع الجوانب .

🔘 الجامعات الفلسطينية أصبحت أشبه ( بالمولات الكبيرة ) ، تخضع لعوامل الربح والخسارة .. ضعف الهدف الإستراتيجي الوطني الذي أسست من أجله هذه القلاع ..وأصبحت ممالك وإقطاعات شخصية وعائلية ، وثكنات عسكرية من الألف إلى الياء..لا علاقة لوزارة التعليم العالي الفلسطيني بها من قريب أو بعيد ، إلا بالاسم الظاهري .. أو للأمانة العلمية " هناك خيط رفيع بينهما وهو : قضايا التراخيص وفتح الكليات والأقسام الجديدة فقط لا غير " .

🔘 أيها السادة والسيدات، هذا عهد كليات الجمال والتجميل ، والأزياء ، وصناعة الأفلام المتحركة ، والعوالم الإلكترونية في مجالات الهندسة والتسويق والإعلان . هذا عصر مساقات :" التتو " و " البوتكس " و " الفلر " ..هذا عهد " عمي يا بو البار " و" بسبوس عاشق بسبوسة " و " أصابيع رجليكي " .

🔘 صراعنا مع العدو الصهيوني ، يدور حول الرواية الفلسطينية بكل أصنافها : التاريخية والأدبية والعقائدية والفكرية .. " شلحنا على الملط " روايتنا وحثثنا الخطى لتحويل العقل الفلسطيني الجمعي ، إلى نظرية الربح والخسارة والسوق والمولد الكبير .. وأول وأخطر علامات التغيير ، تحويل جامعات الوطن والثورة والحرية إلى "مولات" لتفريخ الأجيال الفارغة من المحتوى الوطني .

🔘 الأخوة والأخوات رجال الحكم والسياسة والفكر ، نحن أقرب من أي وقت مضى إلى نقطة اغتيال الدور الوطني للجامعات الفلسطينية .. والرواية الوطنية الفلسطينية فيها .. اللهم هل بلغت اللهم فاشهد .

وسوم: العدد 959