مبادرة شعبية أوروبية لمقاطعة منتجات المستوطنات
في إطار الجهود الدولية لمواجهة ووقف الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، اعلنت المبادرة الاوروبية الشعبية عن تاريخ 20/02/2022 انطلاق حملة جمع مليون توقيع على عريضة تطالب بحظر دخول منتجات المستوطنات الاسرائيلية في الاراضي الفلسطينية المحتلة، والتي تدعمها جمعيات ومنظمات اوروبية متضامنة مع الشعب الفلسطيني. وتهدف المبادرة لجمع مليون توقيع من مواطني دول الاتحاد الاوروبي، لإجبار المفوضية الاوروبية على قبول المبادرة، والبدء بتنفيذ منع دخول منتوجات المستوطنات الاسرائيلية المقامة على الاراضي الفلسطينية المحتلة الى السوق الاوروبية.
تأتي هذه المبادرة الشعبية الأوروبية طبقا لأحكام المعاهدة التأسيسية للاتحاد الأوروبي، والتي تكمن في جمع مليون توقيع من مواطنين أوروبيين، وتحويل المبادرة الى قانون أوروبي نافذ، لمنع دخول منتوجات المستوطنات الى السوق الأوروبية. وكانت محكمة العدل الاوروبية، قد أصدرت حكما قضائيا في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2019 بخصوص تمييز منتجات المستوطنات، من خلال وضع إشارة واضحة بأنها "منتجات مستوطنات إسرائيلية قادمة من الأراضي المحتلة، والجولان السوري المحتل".
ويذكر في هذا السياق أن مجموعة من المواطنين الأوروبيين قد رفعت شكوى الى محكمة العدل الأوروبية لمنع دخول منتوجات المستوطنات الى أوروبا، وذلك في شهر كانون الثاني/يناير من العام الماضي 2021. بعد رفض المفوضية الأوروبية بداية 2019 طلب تسجيل مبادرة شعبية أوروبية طبقا لأحكام المعاهدة التأسيسية للاتحاد، والتي تكمن في جمع مليون توقيع من مواطنين أوروبيين، وتحويل المبادرة الى قانون أوروبي نافذ لمنع دخول منتوجات المستوطنات الى الأسواق الأوروبية.
تكتسب هذه المبادرة الشعبية الأوروبية أهمية كبرى، خاصة أنها تستهدف سن قانون أوروبي يلزم دول الاتحاد الأوروبي بمقاطعة منتجات المستوطنات الإسرائيلية، باعتبار أن الاستيطان غير شرعي ومخالف للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، عوضا أن الاستيطان يعتبر جريمة حرب وفقا لنظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية. وقد أوضحت محكمة العدل الأوروبية، في قرار سابق لها أن الاتحاد الأوروبي ألزم نفسه بالتقيّد بالقانون الدولي، ووفقا للقانون الدولي فإن إقامة المستوطنات، تعد مناقضة لما نصّت عليه اتفاقية جنيف الرابعة، كما أنها تعيق حق الشعب الفلسطيني في التمتع بتقرير المصير. وهذا يملي على الاتحاد الأوروبي ترجمة مواقفه عمليا، بالقبول بموقف المبادرة الشعبية الأوروبية، لمنع دخول منتجات المستوطنات الى السوق الأوروبية المشتركة، ومقاطعة هذه المنتجات بالحد الأدنى.
إن نجاح المبادرة الشعبية الأوروبية في جمع مليون توقيع من مواطنين أوروبيين، وتحويل المبادرة الى قانون أوروبي نافذ، لمنع دخول منتوجات المستوطنات الى الأسواق الأوروبية. طبقا لأحكام المعاهدة التأسيسية للاتحاد الأوروبي، يعتبر إنجازا هاما يضاف إلى إنجازات الموقف الشعبي الأوروبي، الذي يعتبر الاستيطان غير شرعي ومناقض للقانون الدولي.
كما تشكل هذه المبادرة خطوة هامة وكبيرة للضغط على الاتحاد الأوروبي الذي يبدي أحيانا التردد في تبني موقف عملي لسياساته المعلنة لمواجهة الاستيطان، الذي يزداد توسعا وانتشارا في عموم الأراضي الفلسطينية المحتلة بما في ذلك القدس المحتلة، في ظل الحكومة الاسرائيلية اليمينية بزعامة نفتالي بينيت.
وتأتي هذه المبادرة الشعبية الأوروبية أيضا في ظل اعلان حكومة الاحتلال عن توسيع الاستيطان في القدس المحتلة، وفي ظل تصاعد إرهاب المستوطنين ضد الشعب الفلسطيني والذي تمثل في اعتداءاتهم المتواصلة على الفلسطينيين وعلى ممتلكاتهم وعلى بيوتهم، والذي يجد التشجيع والدعم من حكومة وجيش الاحتلال.
وفي هذا الإطار وافقت ما يسمى اللجنة المحلية للتخطيط والبناء التابعة لبلدية القدس التابعة للاحتلال، في شهر كانون الثاني/يناير الماضي، على بناء 3557 وحدة استيطانية ضمن 5 مخططات جديدة.
وتشير بيانات حركة "السلام الآن" الحقوقية الإسرائيلية، إلى وجود نحو 666 ألف مستوطن إسرائيلي و145 مستوطنة كبيرة و140 بؤرة استيطانية عشوائية (غير مرخصة من الحكومة الإسرائيلية) بالضفة الغربية، بما فيها القدس المحتلة.
ورغم إعلان العديد من الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية رفضها للتوسع الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك داخل مدينة القدس المحتلة، لكن هذه المواقف رغم أهميتها، إلا أنها لم تتحول بعد إلى خطوات عملية ملموسة ومباشرة، لوقف مخططات شرعنة وتوسيع الاستيطان وبناء مستوطنات جديدة، وهذا ما يجعل المبادرة الشعبية الأوروبية أكثر أهمية لأنها تسعى إلى إجبار الاتحاد الأوروبي لسن قانون جديد ملزم له، لمنع النشاط الاستيطاني وتوسيع المستوطنات، ومنع دخول منتجاتها إلى السوق الأوروبية، وتعتبر خطوة عملية لمواجهة الاستيطان، فهل تنجح هذه المبادرة الشعبية الأوروبية في تحقيق غاياتها.
ان نجاح المبادرة الشعبية الأوروبية في تحقيق غايتها، يشكل خطوة حاسمة وهامة، لدفع الاتحاد الأوروبي لتبني مواقف عملية أكثر جدية ضد الاستيطان، كما يمنح المبادرة الشعبية الأوروبية موقفا متقدما لتجريم الاستيطان، ومحاكمة المستوطنين وقادة الاحتلال الذين يقومون بتوسيع الاستيطان، وبناء مستوطنات جديدة، ودعم إرهاب المستوطنين ضد الشعب الفلسطيني.
وسوم: العدد 968