ما يجري بين جماعة كولن وبين أردوغان

ما يجري بين جماعة كولن وبين أردوغان

هل هو نسخة مكررة لدور حزب النور مع مرسي؟؟؟

جمال زواري أحمد ـ الجزائر

[email protected]

لقد آلمنا كثيرا الخلاف الحاصل هذه الأيام  بين أردوغان وحكومته وحزبه وبين جماعة ((الخدمة)) لفتح الله كولن ، والذي خرج إلى العلن بصور مؤلمة لكل محب لتركيا وتجربتها السياسية والتنموية الناجحة بالنسبة لأردوغان ، والثقافية والفكرية والتعليمية والتربوية والإعلامية والخدمية بالنسبة لفتح الله كولن.

والذي لم نستطع أن نستوعبه ونتفهمه ونحن المتابعون للشأن التركي ، أن يقبل كولن والذي نحبه ونحترمه كثيرا ويمتعنا بإشراقاته الروحية العميقة ، وجماعته الرائدة في الإبداع الخدمي والإنجازي ليس في تركيا وحدها بل في العديد من دول العالم ، أن يلعب مع حكومة أردوغان نفس الدور القذر الذي لعبه حزب النور وقياداته ومراجعه مع مرسي ونظامه ، وفي كلا الحالتين الراعي والصانع واحد وهو الإدارة الأمريكية ، والمستفيد وجاني الثمرة واحد وهو الطرف العلماني المتطرف المعادي لكل ما هو إسلامي مهما كانت طبيعته ومجال عمله سياسي تنموي تنفيذي كحزب العدالة والتنمية و أردوغان ورفاقه ،  أو تعليمي تثقيفي تربوي كجماعة الخدمة وفتح الله كولن ورفاقه.

فأن تتعاون جماعة فتح الله كولن مع حزب الشعب الجمهوري العلماني المتطرف ، وبرعاية أمريكية ومشاركة أوروبية وتهليل عربي رسمي لإسقاط أردوغان وحكمه وإنهاء كابوس نجاحه المتصاعد دوما ، المغري بنقل التجربة والتوق إلى تمثلّها وإن بنسخ معدّلة محليا حسب بيئة وظروف كل بلد من ناحية ، والفاضح والمحرج للأنظمة المتهالكة المهترئة  والمصابة بالشيخوخة المتقدمة في معظم دول المنطقة والتي تتصرف مع أوطانها وشعوبها على أساس أنها عزب عائلية ، تفعل جماعة كولن ذلك  تقريبا بنفس مسار حزب النور الذي تحالف مع جبهة الإنقاذ بعلمانييها وفلولها وبتخطيط أمريكي ومباركة أوروبية كذلك وبمشاركة وتمويل من بعض دول المنطقة وتهليل أعداء المشروع الحضاري الإسلامي بكل تجلّياته ورموزه ، لإسقاط مرسي أو نظام الإخوان كما سمّوه .

فيبدو أن هناك إرادة دولية أمريكية بدرجة أولى وأوربية ومعهم الكثير من دول وأنظمة المنطقة على منع وإسقاط وإفشال أيّ نموذج حكم يمثل الفكرة الإسلامية الوسطية المعتدلة المحسوبة على فكر الإخوان المسلمين خاصة إذا كان ناجحا أو يحقق نجاحات متتالية ، ويبدو أن المخطط قد نجح ــ ولو مؤقتا ــ في مصر واليمن وسوريا وليبيا ، والمحاولات شغالة في تونس ، ولم يبق إلا أردوغان وحزبه وحكمه ونموذجه ومشروعه كجدار صد أخير ــ حسب تصورهم ــ ، فتوجهت له الآن الأرمادة الانقلابية المؤامراتية الإفسادية بكل أطرافها الخارجية والداخلية المحلية والإقليمية والدولية ووسائلها المادية والمعنوية .

ورغم ثقتنا في حكمة أردوغان وفريقه ودهائه السياسي وإدراكه لخيوط المؤامرة وأهدافها وأطرافها ووسائلها ، لكن على ما يبدو فهي حسب مؤشراتها كبيرة رغم أنها مفضوحة ، لكن أن يكون أحد وسائلها المبدع فتح الله كولن وجماعته جماعة((الخدمة)) سليلة مدرسة بديع الزمان سعيد النورسي ، فهذا هو المستغرب وغير المستساغ ، ونأمل أن نكون مخطئين في تحليلنا هذا نظرا لمكانة كولن في قلوبنا .

 فإن صحّت قراءتنا لما يحدث هذه الأيام في تركيا بالصورة التي ذكرناها ، فقد يخسر فتح الله كولن الكثير من رصيده ومكانته في قلوب العدد الأكبر من محبيه ومحترميه في المنطقة العربية والإسلامية ، كما خسره من قبله مشايخ الدعوة السلفية في الإسكندرية برهامي ومن على شاكلته ، وهو ما لا نتمناه له ولجماعته ، ولا لتركيا وتجربتها وأردوغانها أمل الأمة جمعاء بعد النكسات المتتالية التي تجرعت وتتجرع مرارتها بشكل شبه يومي في الفترة الأخيرة.