لو كان رفع أعلام المحتل يضفي شرعية على احتلاله لما نال بلد محتل استقلاله أبدا
يوم أمس شهدت مدينة القدس ما سماه المحتل الصهيوني مسيرة أعلام حملها من يوصفون بالمتدينين المتطرفين العنصريين، وطافوا بشوارع المدينة القديمة الناطق بنيانها بالهوية الإسلامية التاريخية والجلية وهم يهتفون بحلم تهويدها ، ويسبون ويشتمون أهلها ،ويعتدون عليهم ، وجيش الاحتلال يحميهم ويشاركهم في عدوانهم على أهل المدينة وأصحاب الحق التاريخي فيها كما صورت تصويرا حيا مختلف وسائل الإعلام العالمية .
ولقد فضحت تصريحات رئيس وزراء الكيان الصهيوني الحالي التي أشاد فيها بمسيرة الأعلام ، و هو ما فعله أيضا سلفه السابق وقد شوهد وهو يحمل علما وسط أتباعه العنصريين ، فضلا عن إشادة جميع رؤساء مختلف الأحزاب الصهيونية مما يدل بجلاء أن الصهيونية العنصرية ملة واحدة ، وأن هدفها هو الحلم بتهويد المدينة المقدسة ، وهو هدف تتحين الفرص المواتية لفرضه بالقوة ، وهو يمهد له عن طريق سياسة التطبيع لجعل التهويد أمرا واقعا مفروضا على الشعب الفلسطيني من خلال عزله عن حاضنته العربية والإسلامية .
ولقد حاول الكيان الصهيوني النفخ إعلاميا في رمزية ما سماه مسيرة الأعلام لجعلها حدثا مهما ،وفاصلا في ما يروم تحقيقه من حلم تهويد للقدس .
ومعلوم أن التاريخ قد سجل بما لا يرقى إليه أدنى شك أنه ما من محتل رفع أعلامه فوق أرض احتلها بالقوة إلا وجاءت لحظة تنكيسها ، ولحظة خروجه مذموما مدحورا ، ولم يبق له فيها من أثر سوى ذكره السيء ولعنة أبدية تلاحقه.
ولا زال الكيان الصهيوني يبيع لكل من جلبهم من يهود إلى أرض فلسطين من كل أصقاع العالم حلم الاستقرار في أرض الإسراء والمعراج وأرض أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين وهم يصدقون أكاذيبه مع أنهم يعلمون علم اليقين أن مقامهم بأرض فلسطين إلى زوال لا محالة كما كان الشأن بالنسبة لكل من غصب أرضا لا يملك فيها ذرة تراب .
ولئن تقاعست اليوم الأمة الإسلامية بجناحيها العربي، وغير العربي ، شعوبها وحكامها عن تحرير أرض الإسراء والمعراج، فإن الوعد الصادق والناجز لله عز وجل جاء فيها : ((فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم )) .
وإن شرف تحرير أرض الإسراء والمعراج شرف لا يرقى إليه شرف مهما كان ، وهو لا يقدر يثمن ، وقد ذكر الله تعالى أنه فضل منهم ، لهذا قد جعله لمن يحبهم ويحبونه ، وفيهم أربع خصال : ذلة على المؤمنين ، وعزة على الكافرين ، وجهاد في سبيل الله ، وعدم الخوف من لوم لائم في ذلك . وما لم تتوفر هذه الخصال، فلن يتحرر بيت المقدس من دنس التهويد الذي يتهدده ما يزيد عن سبعة عقود خلت . ولا شك أن طول هذه المدة هو ما أطمع الصهاينة في المضي قدما في مشروع التهويد الذي رفعت له يوم أمس أعلام تنكرها أرض فلسطين .
واليقين الذي لا يخامره شك هو حتمية إتيان الله عز وجل بأحبته الذين يحبونه ويجبهم ، وهم أذلة على المؤمنين وأعزة على الكافرين ، وهم مجاهدون في سبيل الله لا يخشون في ذلك لومة لائم ، ويكون مجيئهم مباشرة بعد قوم يدعون محبة الله وهم لا يبرهنون على ذلك بدليل ، فأنى يحبهم الله عز وجل ؟ ، وهم أعزة على المؤمنين، وأذلة على الكافرين ، ويخشون ويكرهون الجهاد في سبيله ، ويخشون في ذلك لوم اللائم .
ومن طنز الكيان الصهيوني على من جلبهم من فلول المتعصبين اليهود من كل أرجاء العالم أنه يعدهم بدوام أعلامه فوق الأرض المقدسة ، وهو يصدقون طنزه ، ويغترون بجيشه الذي يعدّ له الله عز وجل جيشا من أحبته كما جاء في وعده الناجز في سورة الإسراء ، وكما بشر رسوله صلى الله عليه وسلم بذلك حين ينطق الله تعالى بقدرته الشجر والحجر الذي يحتمي خلفه جيش الاحتلال فيفضحه ويقول يا أحبة الله هذا صهيوني خلفي ، فاقتلوه إلا شجر الغرقد، فإنه من شجر صهيون ، وهو شجر شوكي جاث على الأرض ، ورائحته نتنة ، وله ثمار لا تؤكل ، ولا يزيد طوله عن متر أو مترين . وصدق وعد الله عز وجل المحمود على كل نعمه وأفضاله ، وصدق وعد رسوله صلى الله عليه وسلم الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ، ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله جل في علاه.
وسوم: العدد 983