الحركات الأصولية
[ من كتاب: "يوم الله – الحركات الأصولية المعاصرة"، لمؤلّفه: جيل كييل – ص18 ]
في عام 1964م بدأ النظام الناصري إصلاحاً جذرياً في جامعة الأزهر الإسلامية لكي يجعل من "العلماء" المتخرجين منها وصلةَ بثٍّ لبثّ الأيديولوجية الناصرية، ولهم بعد ذلك أن يمتدحوا فضائل الصراطية الإسلامية. لم يكن الأمر أمر إزاحة الدين عن المسرح السياسي وإلغائه، بل حظر كل تعبير ديني لا تتحكم به السلطة وجعله أداة تضفي الشرعية أو المشروعية على النظام الاجتماعي.
وهكذا فإنه أصبح للخطاب الديني بعد ترويضه على هذا النحو، وضع الملحق المساعد، بالقياس على اللفظيات الشائعة: التقدمية، العداء للإمبريالية، الاشتراكية، الحياد الإيجابي، إلخ... وهو يتوجه بخاصة إلى الشرائح الشعبية التي تظل المقولات البيانية الحديثة بالنسبة إليها غير مفهومة، بينما ينظر إليه المثقفون (الانتيلجانسيا)، المعتنقون لقضايا النظام ويُعربون عن أطروحاته، باحتقار. وقد استمر هذا الوضع إلى حين وقوع صدمة الهزيمة العسكرية الكاملة أمام إسرائيل في حزيران 1967م، التي لعبت دور الكاشف، وسرّعت أزمة المجتمعات العربية المستقلة بمجملها، وقلبت قواعد اللعبة الأيديولوجية رأساً على عقب، وفتحت الطريق أمام الاحتجاجات الإسلامية والرفض الإسلامي.
وسوم: العدد 1030