في “أولمبياد الاغتيالات”: ماذا تتأملون من دولة تقتل الذي تفاوضه؟

كانت نهاية أسبوع سعيدة، لم نشهد مثلها منذ عشرة أشهر. الأربعاء الماضي، أسقطنا إسماعيل هنية في طهران. والجمعة أسقطنا كيرا اوزدمير في باريس. أسقطنا هنية بقنبلة، واوزدمير بهاتف “آيفون” خلال 15 ثانية. بين هذين الإسقاطين عامل مشترك؛ فكلاهما أثارا موجة من السرور والتفاخر الوطني. وحتى إن شبكة فيكتوري أقامت مأدبة بمناسبة الإسقاط الأول؛ كلاهما استهدف ذلك بالضبط. هما أيضاً ليست لهما أي فائدة، باستثناء الكرامة، الرضا، الاستمتاع والتفاخر الوطني. جميل، هذا أمر يعزي، أسقطنا الحمساوي والتركية.

تنافس السياسيون الصهاينة فيما بينهم حول من يبالغ أكثر في الاستناد إلى الإسقاطين، يئير لبيد ويئير غولان انفعلا من الإسقاطين. سموتريتش فعّل الرابط: “بيتر بلتشيك حقق النصر هذا المساء على منافسه السويسري، وما فعلته عنبر لنير بخصومها في الجولات الثلاث. هزموهم وأخضعوهم” (العبرية مشوشة من المصدر). شاي غولدن أبرز وحسّن وصف روح العصر في إسرائيل عندما قال “راز هرشكو، المقاتلة الإسرائيلية، نحن نملك المقاتلات الأفضل على الفرشة وساحة المعركة. إله إسرائيل! شعب إسرائيل حي!”.

حي، على الفرشة أو في ساحة المعركة. من غير المنطقي المقارنة بين فرع رياضة تنجح فيه إسرائيل بصورة شرعية مثيرة للاحترام، وبين فرع الاغتيالات الذي تنجح فيه إسرائيل بطريقة غير شرعية وغير محترمة بالتأكيد. ولكن هذه المقارنة حيوية عندما نعرف أن كثيراً من الإسرائيليين، وربما الأغلبية الساحقة، ينظرون إلى الفرعين بنفس الروح. ليس في الرياضة سوى الميداليات، ولكن انظروا كيف يعطي الإسرائيليون أنفسهم الميداليات للاغتيالات أيضاً. “في عمليات اغتيال تحبس الأنفاس، عادت إسرائيل خلال ست ساعات إلى ما كانت عليه من قبل، دولة مع قدرة عالية تقزم أفلام هوليوود”، هذا ما قاله بن كسبيت بصبيانية محرجة. هذه أجمل ساعاتنا، الساعات التي نصفي فيها الأشخاص، ولا نريد قول قتل أشخاص، مثلما هي الحال لدى المافيا والأنظمة الظلامية. ساعاتنا الجميلة جداً، حيث معظم العالم يمقتنا حتى النخاع.

شكراً لكم، في الموساد، على الساعات الست الجميلة التي عرفناها، مثل ساعات الجودو في الألعاب الأولمبية ومثل ألعاب الأرضية لسيمون بايلس. شكراً لوسائل الإعلام التي تبيّض عمليات القتل هذه بحقارتها وتغني لها أغنيات الإعجاب. لم تولد بعد التصفية التي جلبت الفائدة لإسرائيل، أبداً. في الساعات الست التي يستند إليها بن كسبيت، قامت إسرائيل بتصفية اثنين من أعدائها، الأول عسكري في حزب الله، والثاني سياسي في حماس. دمج الكلمات هذا، سياسي في حماس، يصم الأذن الإسرائيلية. لا شيء كهذا في صفحة الرسائل الدعائية. ولكن إسماعيل هنية كان رئيس الجناح السياسي في حماس. مشكوك فيه أنه كان يحمل سلاحاً آخر غير “المسطرين” عندما كان يعمل في مجال “القصارة” داخل إسرائيل. ومشكوك فيه إذا عرف مسبقاً ما تم التخطيط له في 7 تشرين الأول. ليست هناك أغنية لمدح هنية أو أغنية رثاء لموته، ولكن الدولة التي قتلت الشخص الذي تتناقش معه حول وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن، تجاوزت حدود شرعيتها. الدولة التي تفعل ذلك على الأراضي الإيرانية بعد يوم على تنصيب الرئيس الجديد هناك، دولة تريد الحرب مع إيران. الدولة التي تهتف لذلك هي دولة غبية. فهي تهتف للكارثة التي قد تنزل على رأسها، حرفياً.

هذا حقاً يشعل الخيال. قنبلة وضعت مسبقاً في الغرفة الصحيحة في بيت الضيافة التابع لحرس الثورة الإيراني. “الفوضى” التي كانت ستعرض عملية كهذه، كانت ستتهم بعدم الإخلاص. من اللطيف معرفة أننا نستطيع. ولكن بربكم، من أجل ماذا هذا جيد؟ ما فائدة ذلك؟ سنرى الأضرار في الفترة القريبة القادمة. الآن تم تسجيل التخوفات القادمة في البيوت والمحلات ورياض الأطفال. عندما تنزل الكارثة تذكروا الذين يهتفون.

وسوم: العدد 1090