المسلمون الأمريكيون وخياراتهم الانتخابية الصعبة

أسبوع واحد يفصلنا عن انتخابات الرئاسة الأمريكية.

وتشكل الانتخابات الأمريكية للأقلية المسلمة التي تعيش هناك، تحديا مستداما، وأنموذجا عمليا لحالات "المساوءة" والتي أستعملها كمقابل لغوي، لما تعودنا أن نسميه "المفاضلة" . فالمسلمون الامريكيون محاصرون دائما في اختيار الأقل سوء، من المرشحين، بالنسبة لقضاياهم، وقضايا أمتهم أيضا، وحتى هذه تبقى أكثر تناقضا فيما بينهم.

أنموذج الانتخابات الأمريكية، يقدم لنا تجربة عملية صارخة لاختيار "أهون الشرين واحتمال أصغر المفسدتين"

وهو تمرين عملي يجب على المسلم حيثما عاش، في زمن غلب عليه الفساد أن يدرب نفسه عليه، وان يطّوع عقله الشرعي، والعملي له.

إن العقل المثالي الحدي فيما يقبله المسلم أو يدعه؛ قد جلب إلى المسلمين في فضائهم الزمني شرا كبيرا، وفوت عليهم خيرا كبيرا، ومن تأمل علم…

من المؤسف أن نقرر أننا نقر في كثير من الأحيان بمقتضيات الحق النظرية، ثم عند التجربة العملية نأباها…

كثير منا ونحن صغار كان يفضل المعاناة على تناول شربة "زيت الخروع" بطعمها غير المستساغ، يوم كانت أسرنا تقتنع أن شربة من زيت الخروع هي علاجنا الوحيد الممكن…

بالعودة إلى المجتمع المسلم في الولايات المتحدة، ما أظنه أنه اتفق على خيار موحد.. فلا قوة للقرار الموحد، ولا قوة للإلزام بالقرار الموحد..

ومرجعية حسابات المصلحة الشخصية أو الفئوية للمواطن الأمريكي المسلم؛ تتنازعها العوامل التي تتنازع مصالح الأمريكيين أنفسهم. وموقف المسلمين الأمريكيين من قضايا أمتهم، تتوزع بالطريقة نفسها التي تحصل في بلدانهم…

في بلداننا لم نكن نتصور في أي لحظة أن الموقف من قضايا القتل والاعتقال والاغتصاب تكون يوما موضع خلاف بين ممثلي الشعوب، ولكننا نجد منظمات ذات عناوين عريضة؛ آثرت الانحياز إلى صف من يمارس كل هذه الموبقات..ولن يصعب على لسان ذلق أن يجد لمثل ذلك تعلات..

نستمع كثيرا إلى تأثير ما يعرف باللوبي الصهيوني على صناديق الانتخابات الأمريكية..

نتذكر أن المسلمين في الولايات المتحدة عشرة ملايين مواطن، يقابلهم ستة ملايين من اليهود..

سندرك مباشرة أن الدور في هذه المعركة المعتمدة في النهاية على العدد ليست معركة عدد!!

في كل المعارك الانتخابية يجب أن نعيد التفكير في كيفية الإمساك بإرادة الناخبين، أو بطريقة إدارتهم…

الجالية اليهودية متمكنة بطريقة عملية علمية متعوب عليها من مفاصل قرارات الشعوب والجماعات..ربما هي تجربة يجب أن تدرس.

وأعود لخيارات بعض المنظمات الأمريكية ذات المسحة الإسلامية..

فهي قد قرّ قرارها على دعم ترامب!! يجب علينا نحن المسلمين في المواطن الأخرى، أن نتعود على التفهم..

حديث تُصدق الليلة على زانية، تصدق الليلة على لص، تصدق الليلة على غني؛ يجب أن يعلمنا الكثير..

وقرأت الرسالة التي قدمها بعض المعنيبن، يتحدثون فيها عما ينتظرون من الرئيس الذي يريدون أن يتعهدوا بانتخابه..

ربما زممت شفتيّ أكثر من مرة، مرة مما غاب ومرة مما حضر… ومع ذلك يجب أن نتعلم التعاطي الإيجابي، دون أن يخطر ببالنا أبدا أن ننقمص قميص "سارة" كما يردده أهل وطننا … "ماتت سارة لا قل اليهود ولا كثُر النصارى"

في الحقيقة إن سيدتنا سارة أصبحت في هذا العصر محل الإجماع الملي في عالم الاغتراب والتداخل والتعايش؛ مع كل المحبة لحفيدتي سارة التي تشعرني دائما أنها سارة وسارّة…

شربة زيت الخروع يمكن أن تكون مقبولة في هذا العالم الهلع المرتجف المريض..

سأله: مالذي وازاك على المر ؟؟ أجابه الأمر..

ترامب .. ترامب ولله في خلقه شؤون..

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 1100