رحمة بأسيرتك
رحمة بأسيرتك
عزة مختار
في وسط ذهولي وأنا أسألها بحذر هل أحببته ؟ صرخت وقالت أحببته رغما عني ، أحببته منذ أول صفعة علي وجهي طرحتني أرضا من أخيه بينما هو يرفعني من فوق الأرض ، منذ أول يوم عاد فيه من سفره بينما أطلب من زوجي بعض ما يخص أولاده وهو يدفعني ويقول اذهبي لأبيك اطلبي منه ما تريدين ، وحين كانت تمر الأيام وأنا مريضة فلا يسأل عني غيره ولا يحملني إلي الطبيب غيره بينما أخيه يتأفف من وهني .
إنها صديقتي ، تلك الرائعة ، الرقيقة المرهفة التقية ، أعلم كيف هي وكيف تحتمل الكثير من ظلم زوج لا يقدر المعروف ، ولا يعرف للمشاعر قيمة ، دائما ما يذكرها بأنها اختيار أمه ، وبرغم ما تتميز به من صفات ترفع من قيمة أي زوجة من جمال وحسن خلق واستماتة في خدمته والحرص علي كل ما يرضيه ، فهو لا يدخر وسعا في إهانتها ومقارنتها بمن هم أقل في كل شيء .
تصبر وتصبر ، ففي العش أفراخ صغيرة تحتاج الرعاية ، ومن أجلهم لا بد من أن تتحمل ـ هكذا كان يقول لها الجميع ، الأم والأب والأقارب ، واستمعت إلي صوت الحكمة والأمومة ، وقبلت المهانة في سبيل إسعاد أبنائها .
أخذت تحكي ، ما عدت احتمل ، كل مرة تزداد الإهانات إلي حد لا يحتمله بشر وتجاهلت لأكون قريبة من تلك اليد الحانية التي امتدت لي ، إنه أخوه ، ذلك الإنسان الشهم الحنون الذي عوضني واهتم بالأولاد أكثر من أبيهم الذي لا يعلم عنهم شيئا ، وتحول البيت البارد إلي جنة بذلك الإنسان الرائع ، فاطمئن قلبي لبيتي ، وقلت سأصبر وسأخفي مشاعري التي تنامت دون أن أشعر بها في البداية ، أخفيتها حتى عن نفسي ، تلاشيت لقاءه وحدي بينما يجمعنا منزل واحد ، تلاشيت أن تلتقي نظرتينا حتى لا يلاحظ فيبتعد ، أعلم أنها نهايتي إن لاحظ أحد الأمر ، لكنه كان رغما عني .
واليوم حدث ما لم أضعه في حسباني ، إنه يطلب مني أنا أن أساعده في البحث عن زوجة ، ويشترط أن تكون في أخلاقي ، ولو استطعت أن أجد فيها ملامحي فيكون خيرا ـ هكذا طلب مني . لا أخفيك أنني أكلتني الغيرة ، صدمت .
وبرغم ألمي من أجلها إلا أنني لم استطع أن أبرئها من الإثم ، وأنه عليها أن تختار بين أمرين لا ثالث لهما : إما تعيش مع زوجها وتتحمله ارضاءا لله ورغبة فيما عنده .
و إن لم تقدر علي الصبر تنفصل عنه وتتزوج غيره بدلا من أن يكون استمرارها معه سبب فتنتها وفتنة غيرها من المسلمين وهو حق كفله لها الله عز وجل .
ومع كثرة نصائحي لها إلا أنني فكرت كثيرا في تلك الدوافع التي أدت بها إلي تلك الحالة المتردية من العذاب النفسي والذي ربما يصل بها إلي حالة من التدهور الإنساني حتى تصبح غير صالحة لأن تكون أما أو زوجة ، وكما طلبت من تلك المرأة الحائرة أن تتقي الله في دينها وأن تبحث عن مخرج شرعي لا يغضب الله ولا يخل بالعرف الطاهر النظيف .
عزيزي الزوج : لا تكن كالمرأة التي حبست القطة فلا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض فكانت من أهل النار وقد أوصاكم نبيكم بنسائكم خيرا.