بعد عشر سنواتٍ من استبداد الوريث وفساده:
بعد عشر سنواتٍ من استبداد الوريث وفساده:
هل ينتظر الشعبُ السوريّ حافظَ بن بشار أسد؟!..
د. محمد بسام يوسف
*أتذكرون خطاب (صَفّ الكلمات) المملّ الذي قذفه بشار أسد على الشعب السوريّ، من منصّة ما يُسمّى بمجلس (الشعب) المفروض على سورية من قِبَل الأجهزة المخابراتية ومنظومة اللصوص الأسديين؟!.. فمنذ عشر سنوات، في 17 من تموز عام 2000م، أقسم (بشار أسد) على كتاب الله عز وجل، أنه (سيحترم الدستور)، وأنه (سيناضل لتحقيق أهداف الأمة العربية في الوحدة والحرية).. ومن الطريف أنّ بشار أسد الذي ورث حكم الحزب (الحاكم الوحيد القائد)، عن أبيه الدكتاتور المستولي على السلطة بانقلابٍ عسكريّ، إذ أسّسا معاً أول جمهوريةٍ وراثيةٍ في التاريخ.. من الطريف أنه أقسم أيضاً، على أن يكونَ (مخلصاً للنظام الجمهوريّ الديمقراطيّ الشعبيّ)!.. لاحظوا: جمهوريّ!.. وديمقراطيّ!.. وشعبيّ!..
لقد كفل الدستور السوريّ الذي حوّله الأسديون إلى مجرّد (حبرٍ على ورق).. كفل كرامة المواطن السوريّ وحقوقه الكاملة، فضلاً عن كفالته كثيراً من الأمور التي تجعل من سورية دولةً بشريةً كغيرها من دول البشر، لا إقطاعيةً أسديةً يستولي عليها لصوص الزمرة الحاكمة، ويُشبعونها نهباً وسلباً وسطواً وعبودية!.. وعلى سبيل المثال، ورد في المادة (الخامسة والعشرين) من الدستور، ما يلي:
[1- الحرية حق مقدّس، وتكفل الدولة للمواطنين حريّتهم الشخصية، وتحافظ على كرامتهم وأمنهم.
2- سيادة القانون مبدأ أساسيّ في المجتمع والدولة.
3- المواطنون متساوون أمام القانون في الحقوق والواجبات.
4- تكفل الدولة مبدأ تكافؤ الفرص بين المواطنين.].
كما ورد في المادة (الثامنة والعشرين) أيضاً، على سبيل المثال، ما يلي:
[1- كل مُتَّهمٍ بريء حتى يُدان بحكمٍ قضائيٍ مُبرَم.
2- لا يجوز تحرّي أحد، أو توقيفه.. إلا وفقاً للقانون.
3- لا يجوز تعذيب أحدٍ جسدياً أو معنوياً، أو معاملته معاملةً مُهينة، ويحدّد القانون عقاب من يفعل ذلك.
4- حق التقاضي وسلوك سبل الطعن والدفاع أمام القضاء.. مصون بالقانون.].
إنّ (كَفّ) الوريث بشار أسد وسفسطته وقَسَمه.. أصغر بكثيرٍ من أن يحجبَ شمس الحقائق الساطعة في سورية، عن حقيقته وحقيقة حكمه الدكتاتوريّ القمعيّ الظالم، الذي امتلأت سجونه بالأحرار، وامتهَن كرامة السوريين على نحوٍ فظيع، إذلالاً وتعذيباً وقهراً وقتلاً وتشريداً، وسرق ثروات الوطن مع أفراد عائلته من آل أسد وآل مخلوف وأمثالهم، وجمّد العمل بقوانين البشر، ليعمل بقوانين الاستثناء والطوارئ والمحاكم الصورية المضحكة المبكية، وقد بطشت أجهزته المخابراتية الخمسة عشر بالشعب السوريّ كله!..
لقد أصبحت ممارسات بشار أسد ونظامه الدكتاتوريّ القمعيّ، أوضح من أن ينشغلَ المرء بالحديث عنها، ويكفينا في هذا المجال استعراض المحاور الرئيسة لخطاب (السفسطة الأسدية)، سواء ذلك الذي ألقاه بشار منذ عشر سنوات، أو ذاك الذي (اجترّه) منذ ثلاث سنوات.. فلا جديد، ولا صدق، ولا مصداقية.. وإنما استهتار وضحك على الذقون، وعنجهية صبيانية فارغة لا تُقَدِّم لسورية إلا الكوارث المتتالية!..
فمَن يحكم سورية بأجهزة القمع والبطش، لا يحق له أن يتحدّث عن (الشفافية).. ومَن يستولي على سورية بالدكتاتورية وتحت شعار الحزب الحاكم الوحيد القائد، لا يحق له أن يهذي بأحاديث (فريق العمل الواحد) و(الديمقراطية) و(الحكم الشعبيّ) و(الوحدة الوطنية).. ومَن دمّر الاقتصاد السوريّ بالفساد والنهب العائليّ الأسديّ والإدارة المتخلّفة وإشاعة الرشوة والابتزاز وتدمير الثروات، لا يحق له أن يُنمّق حديثه بمهزلة (تحديث الاقتصاد وإنمائه).. ومَن أشاع المحسوبية وحوّل مؤسّسات الدولة إلى (حديقةٍ) خلفيةٍ لعائلة أسد المتسلّطة.. لا يحق له أن يواجه الشعب السوريّ بمعسول الكلام عن (العمل المؤسّسيّ) و(تطوير أجهزة الرقابة).. ومَن قاد زمرة الفاسدين وشاركهم بالسلوك ونَهْب الثروة الوطنية وجَنْي مليارات الدولارات من رصيد سورية وشعبها، لا يحق له أن يتقدّم بأحاديث الهراء عن (احترام القانون ومكافحة الفساد).. ومَن جعل سورية في طليعة قائمة الدول المتخلّفة معلوماتياً وانفتاحاً وتأهيلاً، لا يحق له أن ينشر الأكاذيب عن (التأهيل والتدريب والمعلوماتية).. ومَن باع سورية وشعبها للعدو الصفويّ الفارسيّ، وما يزال يحمي حملات احتلال الفرس الإيرانيين لسورية، ويتواطأ معهم ويتآمر على نشر (التشيّع) والرذيلة والانحراف العقدي والدينيّ والأخلاقيّ.. لا يحق له أن يحرّك لسانه بأنّ (سورية سيدة نفسها).. ومَن يرتمي بين أقدام (أولمرت وباراك ونتنياهو) ويصافح (كاتساب) ويملأ الفضاء بمقولات: (جرّبونا)، ويتملّق الإدارة الأميركية لترضى عنه.. لا يحق له أن يهذر بأحاديث (تحرير الجولان) و(رعاية المصالح القومية).. ومَن يتآمر على الشعبين العراقيّ واللبنانيّ، وقبلهما على الشعب الفلسطينيّ، ويتواطأ مع النظام الإيرانيّ الفارسيّ على اختراق الدول العربية، ومَن امتلك (بجدارةٍ) براءة اختراع مصطلح (أنصاف الرجال)، لا يحق له أن يُلقي (التخريفات) عن (تعزيز العلاقات مع الشقيقات العربيات).. ومَن دمّر الجيش السوريّ الباسل، وحوّله إلى شُلَلٍ من التجار والسماسرة الفاسدين والمتخلّفين تسليحاً وتقانةً وروحاً معنوية.. لا يحق له أن يضحك على ذقون الناس بحلو المديح وادّعاء (تطوير الجيش والقوات المسلّحة السورية)!..
أمر واحد يحق لبشار أسد وأمثاله من (المنبطحين) أن يتحدّث به، وقد أشبعه حديثاً وتفصيلاً في كل مناسبة.. هو استعداده الكامل لإجراء ما سَمّاها (مفاوضات السلام الشامل) مع العدوّ الصهيونيّ (دون شروطٍ مسبَقة)!..
*عضو مؤسِّس في رابطة أدباء الشام