الاستعمار العربي للأندلس كما يزعم حسون
الاستعمار العربي للأندلس كما يزعم حسون
مؤمن محمد نديم كويفاتيه/ سوري في اليمن
(2)
دخول لبنان قسراً لغرض التنكيل بأهله ، وتفتيت مجتمعه ، وبث روح الفرقة فيه ، للسيطرة عليه من قبل الإستخبارات العسكرية السورية ؛ التي يُديرها رؤوس النظام ، ويُشرف عليها شخصياً الرئيس ، وجعل هذا البلد المزرعة الخلفية لهذه السلطة الغاشمة لممارسة الممنوعات فيه ومنه الى الأخرين ، ثم جعله أرضاً على ذراها تُستباح المُحرمات ، وتجري فيها التصفيات السياسية ليكون في النهاية مرتعاً للقتلة والمجرمين والنطيحة وما أكل السبع بعدما هُجّر معظم أهلها ليحلّ محلهم الغرباء المأجورين ، والاستخبارتيين الذين ملأوا لبنان ارهاباً وجوراً ، وجعلوا منه مقبرة على تُرابها يُدفنُ الأحرار والأخيار والأبرياء ، فأفقدوا هذا البلد أمنه واستقراره ، وشاع فيه الخطف والقتل وإهانة أهله ، وتمّ استغلال هذا البلد أسوأ استغلال ، وكل هذا ليس غزواً بعرف المفتي حسّون، وإنما فتح مُبين لهذا القائد المغوار الدكتاتور الأعظم حافظ الأسد الذي ذبح شعبنا السوري ، وأذّل أهله وقتل خيرة أبناءنا ورجالنا ومفكرينا ، ونشر الرعب في كل مكان ، وتبعه ابنه البشار ليواصل مسيرة أبيه في الإستبداد والطغيان ؛ بل كان أشد فتكاً وظلماً، وليزيد من بركاته الإرهابيه بسيارات الموت الى العراق ، التي سحقت الألاف ودمّرت البيوتات والمتاجر ، وأحرقت الحرث والنسل ، وبالتنسيق مع الإيراني الفارسي لتدمير العراق ، ولتكتمل المؤامرة على الأمة ، بقطع خطوط التواصل مع العرب وفتحها على مصراعيها مع الفرس وكل هذا ليس غزواً، أمّا نجدة أهل اسبانيا ، وإقامة أعظم حضارة عرفها التاريخ الإنساني عليها ، وبعث الحياة فيها من جديد ، وكذلك انتقال هذا النور الى الأوربيين الذين كانوا يعيشون في أحلك الظلمات ، من هذا البلد الأمازيغي الأصل ، والذي كان في صراع التجاذب مابين المسلمين والعرب المُحررين ؛ الذين اندمجوا مع الشعوب الأصلية وكانوا كياناً واحداً ، وبين المسيحيين المُستعمرين المُحتلين ،الذين قسّموا الشعوب الى طبقات الملوك والنُبلاء، ثم رجال الدين ، والقلة القليلة من الوسطى ، وما تبقى من الكثرة الكاثرة من الطبقة الدنيا على شكل عبيد وخدم، إضافة الى طبقة اليهود ، فشتّان مابين مفهوم الفتح والغزو)
هذا هو الحال قبل مجيئ العرب والمسلمين الى إسبانيا التي كانت تعجّ بالفساد والظلام واضطهاد الغزاة من الجرمان والوندال والرومان والبيزنطيين ، الذين تناوبوا على احتلالها بعدما كان يُزيل أحدهم الآخر ، عبر حروب دموية، وكان الشعب الإسباني يدفع الأثمان غالية، الى أن وصل العرب والمسلمين الى تخوم بلدهم ، فاستنجدوا بهم ومن معهم من اليهود المُقيمين هناك والمقموعين والمضطهدين من سلطة الإحتلال القوطي ، وحتى أن الروايات التاريخية تؤكد لنا ، أنّ طارق بن زياد وجد مُعاونة كبيرة من أهل البلاد واليهود أثناء عبوره المضيق وقدّموا له كل التسهيلات ، بغية تخلصهم من سلطة الإحتلال القوطي ، وكذلك فعلوا مع القائد موسى بن نصير ، هذا بالإضافة الى مُعاونة قائد مدينة سبته المسيحي لهم ، حتى استطاعوا السيطرة على معظم اسبانيا ، إلا منافذ قليلة نفد منها الأعداء الذين استطاعوا أن يشنّوا منها الحرب على القادمين الجدد ومن معهم من السُكان الأصليين ، وكانت الحرب معهم مابين كرٍّ وفر ، اضافةً الى نجاح الأعداء في ايقاع الفتنة بين العرب أنفسهم وما بين العرب والبربر بعد استدعاء طارق وموسى الى دمشق، حتى تشتت كلمتهم حيناً من الزمن وتفرقوا ، وضعفوا ، وعاشوا في التيه قرابة العشرين سنة ، الى يوم قُدوم الأمير عبد الرحمن ابن معاوية بن هشام صقر قريش ، الذي جاء وحيداً بعد نجاته من مُلاحقة العباسيين بعد سقوط دولة بني أُمّية ، والتفّ الناس حوله للقضاء على الفتن وإنقاذ البلاد ، ولكي لايتمكن المحتلون السابقين من العودة الى بلادهم ، وليؤسس فيها أعرق حضارة عرفها التاريخ الإنساني بما سميت بالحضارة الأندلسية ، والتي نقل فيها الغرب من عهود الظلام الى سماء العلم والمعرفة ، حتى صارت جامعات الأندلس وغرناطة مهوى قلوب العالم ، وكانت هي الأرقى عالمياً .
هذا بالإضافة الى لغة التعايش التي خلقها هذا القائد ومن معه من العرب والمسلمين ، بعد الوفاء بالعهود التي قطعوها ، فامتزجوا مع السُكان الأصليين ، ومع القوط المسيحيين وبقايا الرومان الى جانب اليهود ، واختلطوا بهم جميعاً ، حتى صارت اسبانيا بعد هذا الفتح العربي والإسلامي مُزدحمة بالأجناس المُختلفة ، مما أدّى الى تمازج العقليات المختلفة من العناصر المُتباينة ، لتتكون منها تيارات ثقافية متنوعة ، أغنت الحضارة الأندلسية ، دون إقصاء لأحد أو استبعاد ، أو تفرقة عنصرية، بل على العكس كانت الملوك والدول الأوربية تُرسل أبناءها وهي مُحمّلة بالهدايا كاعتراف بالمعروف للتعلم واغتراف المعرفة ودون غضاضة من هذا القادم العزيز
ثُمّ ليأتي في آخر المطاف شخص من بني جلدتنا ، ويتكلم بلغتنا ، اسمه المفتي للجمهورية العربية السورية أحمد حسّون ، لينال من تاريخ أمتنا الشامخ ، الذي اعترف بفضله الأعداء قبل الأصدقاء ، في مُحاولة مكشوفةٍ لتسويق نظام سيده ، وتشويه أركان حضارتنا ، والتشكيك بها ، مُتماشياً مع الأُطروحات الغريبة والشاذة التي يُطلقها بعض المُتصهينين اليمنينين ، بغية التقرب من الخط المتطرف بالإدارة الأمريكية ، ودغدغة مشاعر الإسرائيليين ، لإعادته الى الحلبة بعدما نبذه المجتمع الدولي والعربي ، فهذا شيء مُعيب .