تعقيب على "قضايا غير مهمة بلى إنها لمهمة"

رضوان سلمان حمدان

تعقيب على "قضايا غير مهمة بلى إنها لمهمة"

رضوان سلمان حمدان

[email protected]

وصلني تعقيب من الدكتور محمد صفاء بن شيخ إبراهيم العلواني تعقيبا على ما نشرته في رابطة أدباء الشام بعنوان: "قضايا غير مهمة بلى إنها لمهمة"

فأحببت أن أضعه هنا لما فيه من أهمية.. جزاه الله خيرا..

الأستاذ رضوان المكرم ..

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

وبعد: فقد قرأت ما كتبتم في رابطة أدباء الشام بعنوان قضايا غير مهمة ، ولأنكم أوردتم ما كتبته في جريدة الحياة حول لغتنا العربية العظيمة لغة كتاب الله ، ثم قلتم أنه لا فائدة من بحث مثل هذه المواضيع ، ولأنني أخالفك الرأي يسرني أو أورد لك بعض ما كتبته لأحد الأخوة الكرام الذين ردوا على المقال في إحدى الصحف حتى يتبين لك الفائدة من إثارة هذه المواضيع .. وأملي أن تعرف بأنني من أنصار لغتي الغالية ومن القائلين بتفضيلها تفضيلا ذاتيا لا أملك عليه دليلا شرعيا ولم ملكته لأعلنته بكل فخر واعتزاز كيف لا وهي لغة قرآني العظيم .. وفقكم الله ودمتم ، وأليك مقتطفات مما جاء في إحدى ردودي الخاصة .

(...... ترددت كثيراً في أمر نشره بداية ،فكم مرة قدمت رجلا وأخرت أخرى وفي كل مرة أقول هل الحكمة أن أطلق صراحة ليجد جواباً شافياً من عالم أو فقيه أو لغوي ؟ أم الحكمة أن أصرف النظر عنه وليبقى العشرات من بني الإسلام من غير جنسنا العربي في حيرتهم حين يخذلون من المنحرفين من أبناء جلدتهم وهم يقولون لهم بكل وضوح إن دينكم الإسلامي فضل العرب عليكم وفضل لغتهم على لغتكم .الأمر الذي أدى إلى ردة بعض إخواننا من غير جنسنا العربي والعياذ بالله ! ترددت كثيرا يا سيدي ومنذ أكثر من (15 ) سنة والموضوع يشغل بالي ونحن نعمل في حقل الدعوة الإسلامية مع غير العرب وهم يسألون هذا السؤال المهم بالنسبة لهم ، لم نجد له دليلا أو نصاً مقنعاً نرد به على تلك الشرائح من أبناء الأمة الإسلامية سواء في بلاد الأكراد الذين كما تعلم وضعهم ،فقد ارتدت طوائف منهم والبقية والله أعلم بمصائرهم في ظل هذه الحكومة التي لا تتقي الله، وفي ظل القيادات القومية الملحدة التي تحارب الإسلام قبل العربية ، وسواء في بلاد المغرب العربي أعني إخواننا الأمازيغ وما نتج عن القول بتفضيل العربية على لغتهم، وأن لغتهم مضحكة مستنكرة ،من ردة لطوائف منهم ينادون بالرجوع إلى المسيحية ،بل إنهم قد ارتدوا عمليا على شكل جماعات وأسسوا جمعيات تنادي بالرجوع إلى دينهم الأول ومفارقة العرب العنصريين كما يدعون .

أيها الدكتور القدير وأنا أعلم مدى حبك للغتنا العربية العظيمة ،والذي لا أشك أن منطلقه هو كونها وعاء للقرآن الكريم ، و لغة نبينا العظيم ، ولأنها اللغة المرشحة لجمع العالم الإسلامي ، ولأنها الطريق الوحيد للتفقه في الدين لمن أراد الاستنباط من كتاب الله وسنة نبيه ، ولأنها لغة الذكريات ، ولكثرة مفرداتها وسعة مدلولاتها وعظمة معانيها و .... وغير ذلك من المزايا التي هي لهذه اللغة والتي ليست للغة أخرى .. وفي مقابل ذلك أعرف تماماً مدى حزنك على أمتك الإسلامية ومدى ما يكابدك من ألم وحزن وأنت ترى الأعداء يعبثون بهم في المشرق والمغرب .. وأنت ترى الأعداد الغفيرة منهم يرتدون عن دينهم لأسباب واهية ربما كان هذا الموضوع من الأسباب المهمة لدى النخبة منهم ، وبه يستغلون العامة ويؤثرون عليهم ويصدونهم عن ذكر الله .. لقد أثرت الموضوع بين أهل العلم والنخبة أبحث عن الدليل الشرعي لنركن إليه جميعاً إن حضر الدليل، رضي به من رضي وأبى من أبى، ولا يعنينا أمرهم حينئذ لكوننا ملزمون بالعمل بالتنزيل رضوا بذلك أم لم يرضوا ، وإن لم يكن هناك ثم دليل صحيح صريح فحينئذ لنا أن نرد على المشككين منهم بأن الإسلام لم يفضل لغة على أخرى بل اختلاف الألسنة آية من آيات الباري كاختلاف الألوان والأجناس، وأن لكل قوم الحق في تفضيل لغتهم تفضيلا ذاتياً ، وتبقى للعربية ميزة ليست لغيرها فلا بد من تعلم آيات به لإقامة الصلاة ، ولا بد لمعرفة قراءته أو حفظ سوره لمن أراد أجر التلاوة .

أيها الشيخ الفاضل : وصل الأمر في بعض مناطق الاحتكاك أن أهل العلم تسببوا في ردة الناس ، وتشكيكهم حتى في أبنائهم ولأضرب لك بعض الأمثلة لتتصور معي خطورة المسألة فلعلك تعذرني في إثارة الموضوع أو على أقل تقدير تجد لي عذراً في نفسك ،خاصة ولكم في النفس منزلة عظيمة فكم رفعنا هامتنا بشعركم وعطائكم ،وأكدنا في جولاتنا الدعوية بين غير العرب أن المسلم لا يعرف الحدود، ولا زلت أذكر فرحة الكرد بقصائدك الرائعة عن حلبجة وعن صلاح الدين ،وكم كان لها الأثر في تثبيت الدعاة منهم في وجه الملاحدة من بني جنسهم، وكم مرة استخدمناها للرد على القوميون الملاحدة من الكرد .

وأملي قبل ذكر الأمثلة أن لا تربط نشر مقالي السابق بوقت أو زمن أو غاية غير سليمة، فكلنا مطالبون بنشر دعوتنا وحماية شرعنا وعقائدنا وديننا، وعلينا أن نعبد الله على بينة، كل حسب قدرته وطاقته ومعرفته ، وأملي أن لا تقع في ما وقع فيه كثير من إخواننا المخلصين بدافع الغيرة على العربية، فانصرفوا عن مناقشة الفكرة وذكر الدليل إلى الاتهام بالعداء للدين والبحث عن مكانة وإرضاء للخواجات والقذف والغمز واللمز .. وغير ذلك من الأساليب التي تدمي القلب حين تصدر من إخوة نحسبهم على قدر من المسؤولية والحكمة ، والتي لا تليق بأية حال بمؤمنين غايتهم تبليغ دعوة الله بالحكمة والموعظة الحسنة. أبلغني أخ تركي أنه سمع من أحد الشيوخ في أحد المساجد بأن عقد النكاح باطل إن لم يكن بألفاظ عربية نحو زوجتك وأنكحتك . وقال الأخ: فما الحل والأمر أنني تزوجت قبل عشر سنوات ولي أربعة أبناء ، وعلى رأي الشيخ فأبناء غير شرعيين . قال فأسرعت وأحضرت زوجتي وجددت عقد النكاح بألفاظ عربية.غير أنني قلق إلى الآن. في بعض مناطق الكرد لا زالت خطب الجمعة تلقى بالعربية مع أن أكثر المصلين لايعرفون العربية ولايفهمونها، وحجة الشيوخ الكرد أن المذهب لا يجيز الخطبة بغير العربية . إذا تحدث بعض تلك الأجناس بلغتهم فإن بعض الشيوخ يصرحون بأن من يتكلم بغير العربية وهو يجيد العربية فهو منافق ، وعليه لا ينبغي لهم أن يتكلموا بلغتهم .. في مدارس البعث كانت الآيات التي وردت في تفضيل الأمة الإسلامية تفسر على أن المراد بها الأمة العربية ، وكم أحدثت من متاعب للدعاة الصادقين مع أبناء جلدتهم حتى أقنعوهم بان عقائد البعث عقائد كفرية لا يؤخذ بها ، ولكن ماذا سيقولون لهم حين يسمعون بأن الإسلام فضل جنس العرب على جنسهم ، وفضل لغة العرب على لغتهم ، في الوقت الذي لا يجدون فيه دليلا من الكتاب والسنة على ذلك، بل يجدون أن اختلاف الألسنة آيات تدل على عظمة الخالق كما هو اختلاف الألوان والأشكال والشعوب والقبائل ..وحين يأتي من يبحث عن الدليل يتهم . سيدي الفاضل أضحوا يفرقون بين الزوج وزجه بحجة التفاضل بين الجنسين أو العرقين وينسبون ذلك للإسلام ، بل يعتبرون أن بغضنا نحن العرب نفاق وكفر مخرج من الدين .!! سيدي الفاضل : القضية ليست هينة ، والمسألة أكبر مما نتصوره، نحن في بلاد آمنة مستقرة لا يختلف فينا أحد على حبه لهذه اللغة، ولا يختلف على ضرورة الدفاع عنها لتبقى إلى يوم الدين، وهي باقية بعون الله تعالى مع ما يقوله الذين يتوقعون انقراضه .

أملي أن نقول إن التفاضل أمر شخصي ذاتي وحتى اعتباري ، ونذكر المزايا ،لا ننسب ذلك إلى الله وإلى الإسلام ، وأن لانقول بقدسيتها كي لا نقع في تعارض وتناقض فلا شك أنكم سمعتم مفتي مصر علي جمعة وهو ينفي قدسية اللغة ، والدكتور الضبيب وهو يقول إن الله تكفل بحفظ الذكر وليس بحفظ اللغة _حسب مواقع في الأنترنت _وعلينا أن نعمل على تطوير لغتنا لتواكب العصر وحتى لا يفلت أبناؤنا من بين أيدينا كما هو مشاهد اليوم، فما عاد بمقدرونا أن نحافظ على ألسنتهم ، وهجمت العجمة علينا واخترقت منازلنا . أشكرك على ما كتبته ، ويسرني أن أرفق لك مقالا نشر قبل مدة في صحيفة مرآة الجامعة للطلبة ( ok والخايب الجامعي )، ومع اعترافي بعجزي أقول هي محاولات لبيان الحقيقة ، فإن أصبت فالحمد لله وإن أخطأت فمنه العفو. ))) هذا جزء من رد .. وأخيرا آمل أنكم عرفتم الأهمية ايها الفاضل ، فإن ردة أخ لنا تساوي الدنيا ومافيها ، والأمر أعظم حين نتسبب في ردتهم بجهل منا وافتراء على الشرع .. آمل أن الرسالة وصلت .. .