حول ضرورة اعتماد تحليل البصمة الوراثية

حول ضرورة اعتماد تحليل البصمة الوراثية

في القضاء الشرعي السوري

إضافة لاعتماده في بقية فروع القضاء الأخرى

وخاصة الجنائي والجزائي

خليل صارم – سوريا

[email protected]

( العلم والحقائق العلمية بين فقه متجمد وقانون يراوح مكانه )

 - البصمة الوراثية -

مقدمة لابد منها :

 حقيقة ً لم نعد ندري فيما اذا كان هناك حكما ً مبرماً غير قابل لأي شكل من أشكال الطعن بحقنا كشعوب مضمونه هو ابقاؤنا متخلفين عن بقية الأمم الأخرى في الأخذ بالحقائق العلمية التي تسهل الحياة وتدفع الى التطور .. نحن كشعوب نظل خائفين مترددين في الأخذ بالعلم ..نريد أن نتأكد ويطول بنا المقام ونحن مترددين خائفين .. المنطق يقول أن من يشكك في هذا الجانب يجب أن يكون بمستوى منتج العلم ان لم يكن أكثر خبرة منه وهنا من حقه البحث والاستقصاء والتجربة لكي يتأكد ويطمئن . أما أن يبقى مترددا بسبب جهله أو قلة خبرته أو تقصيره بحق نفسه عن الأخذ بالعلم ثم يحكم على شعوب كاملها بالفرملة والمراوحة الى أن يقضي الله أمرا ً كان مفعولا ً فهو وبحق جريمة ترتكب بحق هذه الشعوب وتعطيلا ً لقدرة أجيال عن اللحاق بركب العلم والتطور والحضارة وبالتالي هو حكما ً ظالما بحق هذه الشعوب يتركها تتخبط في ظلام التخلف والجهل .

لدينا جانبان في حياتنا يفرملان أية حركة الى الأمام .. هما القانون ثم الفقه .

فالقانون ان لم يكن متابعا لتطور المجتمع وراعيا ً لحاجاته المستجدة بحكم التطور من زاوية مصلحة الفرد ثم المجتمع فان القانون في هذه الحالة يصبح اداة فعالة لتكريس التخلف وابقاء المجتمع في حالة المراوحة معطلا ً لابداعات الفرد والمجتمع ..

أما الفقه فهو بالتوازي يجب أن يراعي مايطرأ من مفاهيم وعلاقات جديدة تفرزها عملية التطور وحالة العصر بحيث يكون سباقا ً يسهل ويعبد الطريق لهذا التطور أو على الأقل يسير معه بالتوازي .. أما أن يدخل هذه التطورات في باب الحرام والحلال والكفر والايمان والأصول والفروع .. الخ .. ثم يبدأ بقياس مفاهيم المجتمع وتطوراته العصرية على مراحل وأحقاب وعصر سابق يفتقر الى المكتشفات العلمية الحالية فهذا والله قمة التعطيل والاساءة التي تنال أو ماتنال من مضامين الدين التي يجب أن تكون دافعا للتطور لامعرقلا ً له . ان هذا يقتضي وجود طبقة من رجال الفقه المتخصصين الذين هم على المام وسعة اطلاع بتطورات العصر ومتابعين لها ليتمكنوا من المزاوجة بين الرؤيا الايجابية للدين أو الشريعة وواقع الحياة المعاصرة من منظور علمي بحت قابل للتأقلم المنطقي مع حاجات المجتمع . أما الاعتماد على طبقة غارقة بالفقه والتشريع الفقهي وجزئياته والبحث في تفاصيل ثم نسج تفاصيل دون سعة اطلاع والمام بحقائق العصر ومستجداته فهذا يسيء الى المجتمع وموروثه ويبقي المجتمع غارقا ً في مراحل تجاوزها الزمن ولم تعد تفي بالحاجة ولاتتلائم مع القوانين وبذلك يعطلون أية قدرات على النمو والتطور .

هذا واقع حقيقي وأكيد يتوجب علينا تجاوزه بكافة الاشكال مع مراعاة المنظومة الأخلاقية لعقائد المجتمع بحيث يكون التطور منطقيا وعقلانيا ً وليس متفلتا ً بمعنى أن لانخلط التطور العلمي القانوني والاجتماعي والاقتصادي العقلاني بثقافة الاستهلاك وماتفرزه من انحراف ثم نزعم أننا نتطور.

ان من يرى في الحقيقة العلمية أي تعارض مع العقيدة والمقدس هو حقيقة يسيء للمقدس والدين من حيث لايدري لأن المقدس في حقيقته يجب أن يكون منبعا وباعثا ً للعلم ومشجعا ً للعقل الباحث والمدقق والمكتشف .

ان المرجع في الفقه الشرعي يتوجب أن يكون هو المقدس وما ينبثق عنه منطقيا ً وليس تراكم كمي وكيفي لاجتهادات ثبت أن القسم الأعظم منها كان مراعيا ً لواقع سياسي وتوجهات الطبقة الأقوى عبر العصور بغض النظر عن حاجات المجتمع الأخلاقية والاقتصادية والعلمية . وبالتالي فان النظر الى المقدس بعيون سليمة متسلحة بالعلم يتيح المجال واسعا ً للتناغم وحاجات المجتمع وبالتالي تكريس احترام المقدس ومنظومته الأخلاقية التي تساعد على النمو والتطور بشكل سليم والا فان النتائج ستكون عكسية وسلبية للغاية . وهذه السلبيات نعاني منها ضياعا وتخبطا ً وتخلفا ً وبالتالي صراعات وهمية كاذبة تزيد من حالة تخلفنا .

- ان من بين أسباب كثيرة دفعت الى هذه المقدمة قضية مهمة وأساسية تشكل نموذجا ً متميزا ً لترددنا أمام العلم دون أي مبرر وان وجد المبرر فهو مصطنع ومتخلف لارابط بينه وبين القانون والفقه وانما وضع بشكل مقصود لابقاء المجتمع في مرحلة زمنية متخلفة تسهل السيطرة عليه وخنق روح الابداع لدى أجياله . ان هذا الدافع أو السبب هو طريقة تناول ( البصمة الوراثية ) . أو الحمض النووي في الفقه والقانون وتعثر العمل بها انطلاقا ً من قاعدة ( ان الانسان عدو مايجهل ) فلماذا يكون القرار بيد من يجهلون هذا العلم لابل يرفضون التعرف عليه مكتفين بما هو بين ايديهم من آراء وتفسيرات واجتهادات باتت متخلفة للغاية ومعرقلة متمسكين بها وكأن السماء سوف تنطبق على الأرض اذا ماغادروها أو حتى اعادوا قرائتها . مع التأكيد على أن هناك فقهاء متنورين تعاطوا معها بايجابية كما أن هناك رجال قانون ايجابيين ايضا ً يصارعون لتطوير القانون والأخذ بالتطور .

- لقد اعتدنا أن نكون آخر الأمم التي تتعاطى مع العلم والمكتشفات العلمية فالى متى سوف يستمر ذلك . الى متى سنبقى رهينة عدد محدود من الكسالى الذين ضبطوا عقولهم على مرحلة زمنية سابقة لايريدون مغادرتها ويمنعوننا من التحرك الى الأمام وان حدث فبخطوات بطيئة قاتلة . ان هذا قد شكل ضغطا ً هائلا ً بات قريبا ً من حافة الانفجار وان حدث فانه سيطيح بكل شيء السلبي والايجابي على حد سواء وعندها سنندم ولن ينفع الندم لأن هذه المجتمعات تعيش فوضى معرفية وان تراكمها السلبي سوف يفاقمها الى الحد الذي يعلم الله ماهي آثارها وانعكساتها .

تمهيــد :

إن البصمة الوراثية لم تعد خيالاً ، فقد ترجمت إلى واقع عملي ، وقامت شركات كبيرة في أوروبا وأمريكا باستثمارها منذ سنة ألف وتسعمائة وسبع وثمانين م ، وأثبتت نجاحها حتى غزت ساحات المحاكم واستقر العمل بها في أوربا ، وبدأت بعض الدول العربية والإسلامية في التمهيد للعمل بها .. وقريباً في ظل الثورة المعلوماتية التي يعيشها العالم اليوم ستتوفر تلك البصمة لآحاد الناس بأجر مناسب.

* وأول من أطلق اصطلاح البصمة الوراثية هو البروفيسور " إليك جيفرى " .

وجاء " إريك لاندر " ليطلق اصطلاحا آخر ألا وهو "محقق الهوية الأخير" بعد التيقن من اشتمال حمض الـ د .ن .ا , على كل الخصائص الأساسية المطلوبة وتحمله لكل الظروف السيئة المحيطة كارتفاع درجة الحرارة ، حيث يمكن عمل البصمة الوراثية من التلوثات المنوية أو الدموية أو اللعابية الجافة والتي مضى عليها وقت طويل كما يمكن كذلك عملها من بقايا العظام والشعر والجلد.

لابل أن التحليل قد طبق على المومياءات وتمكن من نسب هوية المومياء ( الملكة المصرية حتشبسوت ) مؤخرا ً .

عندما ظهرت البصمة الوراثية لأول مرة وتم استخدامها فى أول حالة بشرية لتحديد الأبوة لأحد الأشخاص بناء على طلب مكتب الهجرة لفض نزاع فى مكتب الجنسية سنة 1985م.

واستنكر الناس في أمريكا وأوروبا عامتُهُم وخاصتُهُم هذا الكشفَ العجيبَ الغريبَ ، ورفضوا التسليم بنتائجه في منازعاتهم ، فما كان من رواد البصمة الوراثية إلا الصبرُ والرفقُ بالناس والعملُ على شحذ الرأي العام وتقديم التسهيلات الآتية :

(1) قيام بعض شركات البصمة الوراثية بإنشاء قسم خاص يضمُ خبراءَ عالميين،لإجراء التحليل والدفاع عنه لدى المحاكم، وذلك بشرح طريقته للقضاة وغيرهم ممن يريد الاقتناع بالحقيقة .

(2) تخصيص قسم تدريبي في شركات البصمة الوراثية لتأهيل الكوادر في كافة بلدان العالم .

(3) قيام بعض شركات البصمة الوراثية في أمريكا، بخدمات وطنية كبيرة بتصنيف البصمات الوراثية للمجرمين المشهورين ووضعها في بنك خاص تحت تصرف الحكومة وأعلنت عن استعدادها لإنشاء مثل هذا البنك في أية دولة ترغب في هذه التقنية ، وحازت بذلك هذه الشركات على ثقة الحكومة الأمريكية وكثير من الحكومات الأخرى.

(4) قيام بعض شركات البصمة الوراثية بإنشاء قسم خاص لتحكيم نتائج المختبرات في العالم عن طريق فحص العينات دون الإشارة إلى مصادرها ومطابقتها مع نتائج المختبرات الأخرى وتصدر بذلك تقريرا موثقا خلال 48 ساعة .

وبهذه التسهيلات وبمزيد من الصبر استطاع الأطباء توعية الناس بحقيقة البصمة الوراثية فانتشر العمل بها والاحتكام إليها فى الأدلة الجنائية فى أكثر الدوائر القضائية عن طمأنينة وقناعة. *

* ( البصمة الوراثية أو الـ D.N.A )

تعريف علمي: انه تتابع العقد البروتينية على جديلة خاصة داخل العصى الوراثية ..ويخضع هذا التتابع لعوامل الوراثة فتراه يتواجد في بعض أجزاء الجديلة (السلسلة الوراثية ) في أجسام أفراد العائلة الواحدة , وله خاصية مميزة تفوق عدد سكان الأرض وتمتلك جزئية D.N.A المتناهية الطول مواضع (نقاط) متكررة لها أسس كيميائية متتابعة ومتفردة عند كل فرد وعند أقرب أقربائه أيضا ً وتتكون الجزئية هذه من جديلتين من مادة سكرية وأخرى فوسفورية تترابط هذه بواسطة سلسلة من الأسس الكيميائية تتشكل من :

Adenine Thymine Cytosine Guanine وتتشابك هذه كما العوارض في سلم طويل مجدول على نفسه ليعطي شكلا ً لولبيا ً لهذه الجزئية . ولتحديد الخصائص الموروثة فإن الخلايا في الجسم تستخدم فقط 10% من جزئية D.N.A هذه بينما يظل القدر الأعظم منها في حال صمت وسبات . تشير الدراسات الحديثة على أن احتمال تواجد نفس التتابع في جزئية D.N.A عند شخصين مختلفين ( غير الأخوة والأقارب ) هو بحدود الواحد في مليار مليون

وحتى بين الأشقاء فإن احتمال هذا يكون واحد من العشرة ملايين .

- يتكون الانسان من بلايين الخلايا المتراصة فوق بعضها البعض أو جنب الى جنب ولكل خلية نواة مملوءة بـ 46 كروموسوم , يبدو هذا جميلا ً ولكن ماذا في داخل هذه الكروموسومات وكيف تحفظ المعلومات بداخلها ..؟ . العلم يجيب على هذا السؤال .

- قد يكون الكثير سمعوا بالحمض النووي الـ D.N.A . لنتخيله مثل عقد من اللؤلؤ طوله آلاف الأمتار , ولكنك لايمكن أن تراه بالعين المجردة , إنه أرق من خيط الملابس بملايين المرات , هذه العقد الطويل ( D.N.A ) مجدول ومطوي طيا ً محكما ً ومرصوص ومصفوف بشكل بديع ليصبح أو يكون كوموسوماً واحدا ً . وهذا الكروموسوم في الواقع عبارة عن خيط طويل ملتف من الحمض النووي الـD.N.A .وكما أن عقد اللؤلؤ الطبيعي يحتوي على حبات لؤلؤ مرصوصة على طوله , هكذا الحمض النووي الـ D.N.A أيضا ً يحتوي على حبات مصفوفة على طوله تسمى

 ( المورثات ) أو الجينات الوراثية ( مفردها مورث أو جين ) .

يتواجد (30000) ثلاثون ألف مورثه موزعة على الـ 46 كروموسوم . تحتوي هذه المورثات على وصفات ( كمقادير اعداد الطعام ) لتحضير جميع البروتينات بأنواعها . , والبروتينات هي المواد الأساسية لبناء الخلية ولاستمرارها في العمل .

 يتواجد في كل خلية من خلايا جسمنا نسختين من كل مورث , واحدة منها موجودة على الكروموسوم الذي ورثناه من أمهاتنا والمورثة الأخرى موجودة على الكروموسوم الذي ورثناه عن آبائنا , وكما أن حبات اللؤلؤ مرصوصة على طول عقد اللؤلؤ الطبيعي , كذلك المورثات . كل واحدة منها لها مكانها الخاص والمحدد على طول الكروموسوم .

- تركيبة الـ D.N.A : التسمية هي اختصار للحمض النووي المؤكسد باللغة الانكليزية

(Deoxyribo Nucleic Acid) والأحماض النووية (Nucleic Acid ) مركبة من سلسلة متراصة من الأحماض النووية المسماة النيوكليدات (Nucleotides ) وكل نيوكليديت يتركب من ثلاث قطع : فوسفات ( phosphate ) وسكر (sugar ) وقاعدة نيتروجينية ( Nitrogenous base ) . وهذه النيوكليدات تصطف جنبا ً الى جنب لتكون سلك طويل ومترابط و ذلك عن طريق رابطة فوسفاتية تربط السكر الذي قبلها بالسطر الذي بعدها (و بالتحديد تربط الكربون رقم 5 في السكر الاول بالكربون رقم 3 في السكر الذي يليها).و هكذا يستمر هذا الخيط الطويل من النيوكليدات.والـ دي ان اي . هو عبارة عن خيطين من من تلك النيوكليدات متلاصقين و مجدولين كما تجدل ضفيرة الشعر و ذلك بشكل محكم و دقيق و يحافظ على ذلك النظام الروابط التي بين هذه المركبات خاصة الروابط الفسفورية و الروابط التي بين االقواعد النيتروجينية.و لذلك فانه يطلق على الـ دي ان اي . سلسلة الـ د.ن.آ (D.N.A Chain ) كما هو شائع بين المختصين .

السكر والقواعد النيتروجينية : هناك نوعان أساسيان من السكر الذي تتركب منه الأحماض النووية , النوع الأول يسمى سكر الديوكسي ريبوز ( DeoxyRibose ) وهذا هو النوع الذي يدخل في تركيبة الـ د.ن.آ . والنوع الثاني يسمى سكر الريبوز ( Ribose ) ويدخل في تكون

 ال . آر . ن .آ ( R.N.A ) . وبينما تنقسم القواعد النيتروجينية الى خمسة أنواع .. ثلاثة منها تدخل في تكوين الـ " D.N.A " بينما يدخل الرابع والخامس في تكوين الـ " R.N.A " ويرمز لهذه القواعد النيتروجينية بالحرف الأول من اسمها الانجليزي كما هو مبين في الجدول التالي :

DNA

RNA

Adenine

Adenine

Cytosine

Cytosine

Guanine

Guanine

Thymine

Uracil

وتلاحظ في الجدول أعلاه أن الثيامين لايوجد فقط في الـ D.N.A . بينما اليوراسيل موجود فقط في الـ R.N.A . ولذلك وعند تكوين هذا الأخير من الـ I.N.I فان الخلية تستبدل كل قاعدة نيتروجينية من نوع الثيامين بقاعدة نيتروجينية من نوع اليوراسيل .

وتقسم القواعد النيتروجينية أيضا ً الى نوعين أساسيين : الأول يسمى بالبيورينات ( Purines ) وهي أكبر حجما ً من النوع الثاني ويدخل تحت هذا النوع كل من ( الجوانين والسيتوسون ) والنوع الثاني تسمى بـ ( البيروديمنات Pyrimines ) وهي أصغر حجما ً من النوع الأول ويدخل تحتها السيتوسون والثيامين والـ أوراسيل . و بما ان الـ دي ان اي عبارة عن خيط مزدوج فانه من البديهي ان لا يتقابل نوع واحد من القواعد النيتروجينية على طول تلك السلسلة.و لذلك فالخيط الاول لا تكون القواعد النيتروجينة متماثلة بالتي جوارها،و لكنها مختلفة و لكن هذا الاختلاف منتظم و محدد.فلذلك كل قاعدة نيتروجينية يقابلها نوع معين من القواعد النيتروجينية و هذه القاعدة ثابتة و لا تتبدل اطلاقاً. وفق الجدول التالي .

القاعدة الاولى

ترتبط بهذه القاعدة دائماً

A

T

A

U

C

G

 

 

ان الغاية مما أوردناه أعلاه هو الوصول الى النتيجة التالية :

- أن كل إنسان يتفرد بنمط خاص في التركيب الوراثي ضمن كل خلية من خلايا جسده ، لا يشاركه فيه أي شخص آخر في العالم ويطلق على هذا النمط اسم "البصمة الوراثية" ، والبصمة الوراثية من الناحية العلمية وسيلة لا تخطئ في التحقق من الوالدية البيولوجية، والتحقق من الشخصية ولا سيما في مجال الطب الشرعي.

* كيف يتم كشف وتحليل الـ D.N.A ..؟ : *

 إن كشف D.N.A هو عمل مخبري ويحتاج الى خمسة مراحل ..

1 – النسيج :

 وهذا يجب أن يكشف في خلايا أنسجة الجسم , وتلزم لهذا العمل الكمية القليلة من النسيج مثل ( الدم , الشعر , أو الجلد ) إن كمية الـ D.N.A الموجودة في بصيلة شعرة واحدة تكفي لانجاز هذا العمل ويمكن أيضا ً أخذ النسيج من الجثث طالما أن التعفن لم يتقدم بها كثيرا ً .

 نحتاج عند الأحياء الى عينة من الدم لاتقل عن ( 5 ) ملليتر مكعب ويستحسن أخذ 15 ملل ويفضل وضعها في أنبوب بلاستيكي وحفظها في محيط حرارته عشرون درجة تحت الصفر إذا ماكان هنالك أي تأخير بالوصول الى المختبر .

وفي حالات الاعتداء الجنسي والاغتصاب يمكن جمع السوائل المنوية من الفرج وقناة المهبل ومن الشرج أيضا ً , ويمكن استعمال عينات الشعر أيضا ً شريطة أن تتواجد مواد الخلايا في بويصلة الشعر .

2- القطع والتجزيء :

هنالك خمائر خاصة تعمل على قطع جديلة D.N.A وفي مواضع معينة وتعرف هذه بالخمائر

 ( المقيدة ) فمثلا ً خميرة ECOR الموجودة في البكتيريا تعمل على قطعD.N.A .

وعندما يتواجد تتابع G,A,A,T,T,C وبعد عملية القطع بواسطة الخمائر تخزن قطع D.N.Aحسب أحجامها بواسطة الرحلان الكهربائي .

3- النقل على مادة النايلون .

تغمس صفيحة نايلون في مادة هلامية وتنقل قطع وأجزاء D.N.A الى هذه الصفيحة التي تظل مغمسة في المادة الهلامية على مدار ليلة كاملة .

4- السبر والاستقصاء :

ويتم هنا اضافة مواد مشعة ومسابر ملونة خاصة الى النايلون مما سيعطي نموذجا ً خاصا ً يعرف ببصمة D.N.A . إن المسبر يلتصق فقط وفقط على موضع خاص على صفيحة النايلون

5 – ان التصميم أو الشكل الفني لبصمةD.N.A يتشكل من خلال استعمال مجموعة مسابر ملونة بين ( 5 و 10 ) وهذه ستشبه الخطوط المتواجدة على بعض البضائع والسلع في محلات السوبر ماركت .

* مجالات استعمال بصمة D.N.A .

تستعمل هذه البصمة في تطبيقات عديدة تعني بالابحاث المتعلقة بصحة وجسم الانسان وكذلك في شؤون العمل القضائي والجنائي .

أ – تشخيص الأمراض الموروثة : تساعد هذه على تشخيص العديد من الأمراض الوراثية عند الأجنة والأطفال وحديثي الولادة .

مثال :

CYSTICFIBROSIS

HEMOPHILIA.

HUNTIGTONS

SICKLECELL

THALASSEMIA

ب – تطوير العلاج للأمراض الموروثة . ويتم عبر معالجة العامل المورث للمرض وهذا ماسيحقق تقدما هائلا ً في الطب واطالة العمر . وقد تم مؤخرا ً الكشف عن الجينات الحاملة للمرض الوراثي وكيفية معالجتها لمنع استمرار توريث المرض اضافة لمعالجته .

ج – اثبات البنوة ( النسب ) أو نفيه : إن تحديد أبوة رجل ما ..؟ لطفل معين يمكن اجراؤه بواسطة دراسة D.N.A فمن المعروف أن نصف الرمز الوراثي لجديلتي D.N.A يتأتى من الأم والنصف الآخر من الوالد فبمقارنة عينة دم الطفل مع دم الأم ومن ثم عينة من دم الأب المفترض ستتوصل الى اجابة غير قابلة للجدل فاذا ماوجد أي اختلاف فلن يبقى هنالك مجال للشك بأن الرجل المزعوم لن يكون أبا ً لهذا الطفل. وتستطيع هذه الدراسة أن تعطي نتائج تقارب الكمال 99,4% علما بأن النسبة المتبقية تكون بسبب الخطأ في أخذ العينات والخطأ في الحفاظ عليها وليست خاضعة لخطأ التحليل . لهذا السبب فان البعض ينصح بأخذ عينتين من مخبرين مختلفين ضمانا ً لاستبعاد أي خطأ قد يحدث عبر اختلاط العينات المأخوذة مع عينات لآخرين .

- يتبع .

ملاحظة : ان الاشارة ( * ) تعني أن الفقرة منقولة من مصادر سيتم ايرادها في نهاية الدراسة .

* ( البصمة الوراثية والفقه الشرعي )

العلائق الشرعية للبصمة الوراثية : حسب رأي الفقهاء

المقصود هنا هو بيان المناسبة أو مدى تأثير اكتشاف البصمة الوراثية على مسائل الفقه الإسلامي المتعلقة بتعيين الهوية الشخصية والتي استقر العمل بها دهرا طويلا حتى حسبها البعض أصولا وقواعد ثابتة وهى فى الحقيقة لا تعدو أن تكون عملا بالممكن المشاهد ، وتفسيرا للنصوص بأدوات العصر ولم يكن فى المقدور الحكم بما هو أبعد من ذلك وإلا كان خيالا في حينه .

ولاشك أن للبصمة الوراثية ثمرتان :

الأولى: أنها تحقق الهوية الشخصية بصفاتها الخاصة التي تميزها عن غيرها بحيث لا يشتبه معها أحد من البشر .

ويمكن الاستفادة من هذه الثمرة شرعا في مسائل لا تحصى أهمها :

- التحقق من شخصية المفقود والهارب ونحوهما عند الإدعاء .

- التعرف على المتهم بالجريمة .

الثمرة الثانية :

أنها تحقق الهوية الشخصية بصفاتها المرجعية ، مع الأصول والفروع .

ومن هذه الثمرة يمكن معرفة الوالدات والوالدين وأولادهم.

ويمكن الاستفادة من هذه الثمرة شرعا فى مسائل عدة أهمها : ثبوت النسب ونفيه واعتماد الأدلة أو إبطالها والترجيح بينها عند التنازع وضوابط العمل باللعان وأذكر فيما يلى أهم المسائل التى تأثرت بالبصمة الوراثية .

أولاً : إثبات هوية المفقود بحضوره :

تكلم الفقهاء عن إثبات حضور المفقود حتى لا ينتحل أحد شخصيته بقصد الاستيلاء على ماله أو الاعتداء على زوجته ، خاصة إذا طالت مدة الغياب وتغيرت هيئته ، واشترطوا لإثبات حياته شهادة العدول أو غيرها من أدلة الإثبات بشرط أن لا يكون ذلك بعد مضي زمن لا يعيش إليه أقرانه ، لأن الحياة بعدها نادرة ولا عبرة للنادر، مما يؤكد عدم الالتزام في الأخذ بالشهادة .

ويرى الباحثين والفقهاء أنه إذا تمكن المفقود بعد ظهوره أن يثبت هويته بالبصمة الوراثية فلا وجه أن يطلب منه بينة أو يمينا ، وسنجد فى البصمة الوراثية مخرجاً من مكر الماكرين فى انتحال شخصية المفقود خاصة إذا ابتلي بفقدان الذاكرة .

ثانياً : التعرف على المتهم بالجريمة وإثبات قرائن الاتهام :

الشريعة الإسلامية لا ترد التهمة بالجريمة ولا تحرمها إلا إذا كانت فى غير محل معتبر . ولكن هل يعاقب المتهوم بالقرائن قبل ثبوت التهمة بالدليل ؟

الحكم فى الشريعة الإسلامية يختلف باختلاف نوع الجريمة التى تعرف بنوع العقوبات الشرعية الثلاث (الحد والتعزير والقصاص ).

(1) التهمة بما لو ثبتت توجب حدا:

يجوز للإمام - كما ذكر الماوردي وغيره - أن يوقع بالمتهم في حد دون ثبوته عقوبة تعزيرية لا تبلغ عقوبة الحد إذا كانت الظروف والملابسات تمس المتهم وتشير إليه بما تستلزمه السياسة الدينية. وإذا كان مذهب الجمهور عدم إقامة الحد بالقرائن إلا أن بعض الفقهاء ذهب إلى غير ذلك ، حيث ذهب المالكية والشافعية إلى ثبوت حد الزنا على الزوجة الممتنعة عن اللعان والمنكرة للزنا بعد لعان الزوج باعتبار القرينة لا الدليل . وذهب المالكية وهو ما روى عن عمر بن الخطاب إلى ثبوت حد الزنا بحمل المرأة التى لا زوج لها إلا أن تثبت شبهتها . كما ذهب المالكية والهادوية وهو ما روى عن عمر وابن مسعود إلى ثبوت حد الشرب بوجود رائحة بالفم ونحوها .

 (2) التهمة بما لو ثبتت توجب تعزيرا :

اتفق الفقهاء على جواز انزال العقاب بالمتهم فى هذه الحال بشرط أن يكون هناك وجه أو قرينة على أنه ارتكب المحظور .

(3) التهمة بما لو ثبتت توجب قصاصا أو الدية :

وهذه تهمة القتل أو الجناية على الأطراف أو منافعها ، وقد أفردها الإسلام بحكم لعظم شأن النفس البشرية.

ويرى فقهاء المذاهب الأربعة والظاهرية مشروعية مؤاخذة المتهم بالقتل بالقرائن أو اللوث وذلك عن طريق القسامة بأن يحلف المدعى خمسين يمينا بالله تعالى على صدق دعواه كما هو مذهب الجمهور أو بأن يحلف المدعى عليه خمسين يمينا على كذب التهمة كما هو مذهب الحنفية .وفى جميع الأحوال لا يؤاخذ المتهم بالقصاص ويكتفي بالحكم بالدية لمزيد من الأمان .

البصمة الوراثية وثبوت التهمة بالجريمة فى الفقه الإسلامى والمحاكم الأوروبية :

البصمة الوراثية تثبت بيقين هوية صاحب الأثر على جسم الجريمة أو ما حولها ولكنها مع ذلك تظل ظنية في تعدد أصحاب البصمات على الشيء الواحد ، أو تصادف وجود صاحب البصمة قدرا ( صدفة) في مكان الجريمة بعد وقوعها أو غير ذلك من أوجه الظن . ولما كانت الشريعة الإسلامية لا تمانع من الأخذ بالأمارات والقرائن وفقا لضوابط خاصة كان من المناسب أن نجزم بمشروعية البصمة الوراثية فى تلك الأحوال ، كقرينة نفي أو إثبات ، تقليلاً للسلطة التقديرية في يد القضاء ، وهذا ما أخذت به المحاكم الأوروبية والأمريكية .

ثالثا : إثبات النسب:

لا خلاف بين الفقهاء فى أن النسب الشرعي يثبت بالفراش الطبيعي والحقيقي ، وهو الجماع الذي يكون منه الولد شريطة أن يكون عن طريق مشروع بالنكاح أو بالتسري أو شبهتهما .

ولم يقل أحد من العلماء أن الزوجة لو أتت بولد من غير الزوج قطعا كما لو أتت به قبل مضى ستة أشهر من الزواج أنه ينسب لهذا الزوج ، وكذا لو كان الزوج عنيناً أو صغيرا لا يولد لمثله ، أو حملت الزوجة بوطء شبهة من غير الزوج ( الزنا ).

الحاجة إلى إثبات الفراش قبل إثبات النسب : يقول الباحثين والفقهاء

إذا ثبت أن النسب في الإسلام يثبت لصاحب الماء في إطار العلاقة الشرعية وهذا مما لا خلاف عليه إلا أن الأمر لا يزال محيرا في كيفية إثبات هذه العلاقة الخاصة بين الزوجين والقائمة على الستر .

ولما كان الأمر كذلك اضطررنا نحن المكلفين إلى إثبات تلك العلاقة بعلامة ظاهرة تدل في أغلب الأحوال عليها حتى لا تخلو مسألة من حكم ولايعدم حق إثباتا ، فكان التوجه إلى الأدلة الظاهرة لإثبات الفراش وليس لإثبات النسب لأن النسب يكون اتفاقا بالفراش .

أدلة إثبات الفراش الذي به النسب ليست تعبدية ولا توقيفية:

الذي ينبغي التأكيد عليه هنا هو أن تلك الأدلة التى ذكرها الفقهاء لإثبات الفراش الشرعي لا تخرج في الحقيقة عن أطر الأدلة الشرعية فى الإثبات مطلقا، لأنها تهدف إلى الكشف وإظهار الحقيقة المتاحة، وليس فيها ما يتعبد بعدده ولا هيئته ولا طريقته إلا ما ورد فى حد الزنا والقذف به.

طرق إثبات الفراش الذي به النسب :

اتجه الإسلام إلى التوسعة فى طرق إثبات الفراش ليس تسترا على المجرمين وإنما تشوفا لشمول جميع الأطفال برعاية والديهم ومنعا من ظلم وجحود الأبوين أو أحدهما لولدهما بعد قضاء وطرهما.

 وأشهر تلك الأدلة بحسب ترتيبها تنازليا هى قيام حالة الزوجية ، والبينة أو الشهادة ، والإقرار، والإستفاضة،والقيافة ( عند الجمهور عدا الحنفية ومن وافقهم ).

تصويب الخطأ الشائع فى اعتبار الفراش دليلا للنسب :

"الفراش الشرعي" : تعبير عن حالة اجتماع الرجل بالمرأة فى إطار شرعي ، وهذه الحالة التي هي (الجماع) تحتاج فى إثباتها إلى دليل وهو متعذر شرعا وعقلا إلا من جهة الزوجين لبناء علاقتهما على الستر فاكتفى بمظنته وهو قيام حالة الزوجية الممكنة ، فكان أول دليل لإثبات الفراش الشرعي هو قيام حالة الزوجية فى الواقع المشاهد . ويعبر الفقهاء عن هذا الدليل الذي هو "قيام حالة الزوجية " بقولهم " دليل الفراش "حتى ظن البعض أن الفراش دليل لإثبات النسب وهو فى الحقيقة تعبير عن قيام حالة الزوجية وإشارة مهذبة إلى الجماع المشروع . وهذا على خلاف ماذهب اليه القضاء الشرعي عندنا .

شروط العمل بطرق إثبات الفراش الذي به النسب :

إذا كانت طرق إثبات الفراش هى : قيام حالة الزوجية، والبينة ، والإقرار، والاستفاضة ، والقيافة ، فإن الفقهاء الإسلاميين قد نصوا صراحة على عدم جواز الأخذ بتلك الطرق مع وجود ما يعارضها بحثا عن الحقيقة ، وليس كما يظن البعض فى تعدد طرق الإثبات أن الإسلام يهدف إلى ترميم الواقع على حساب الحقيقة.

كما اشترط الفقهاء لحجية الإقرار بالنسب ضمانا لصدقه أن يكون الإقرار لذات المقر . أما الإقرار بالنسب إلى الغير كما لو أقر إنسان بأن فلانا أخوه من الأب فلا يقبل إلا ببينة خلافا لبعض الشافعية الذين أجازوا الإقرار بالبنوة أو الأخوة .

 واشترط الفقهاء أيضا أن يكون المقر به مجهول النسب وأن لا ينازعه فيه منازع كما يشترط إمكان صدق الإقرار عقلا فلا يقبل إقرار بنسبة ولد إليه يساويه فى السن .

واشترط المالكية وهو القياس عند الحنفية لصحة الإقرار من الرجل فضلا عما سبق أن يستند إلى شهادة عدلين أو قرينة قوية .

واكتفى الشافعية والحنابلة لصحة الإقرار أن يصدقه ظاهر الحال .

كما اشترط الجمهور ـ من الحنفية والمالكية والأصح عند الشافعية ورواية عند الحنابلة إن كان الإقرار من المرأة وجود البينة من شاهدي عدل ، وقد حكى ابن المنذر الإجماع فى ذلك .

وذهب بعض الشافعية ورواية عند الحنابلة وابن حزم الظاهري وهو قول إسحاق بن راهوية إلى قبول إدعاء المرأة بالبنوة عند الإمكان وعدم النزاع مثل الرجل. وذهب الإمام أحمد فى رواية ثالثة عنه إلى التفريق بين أن تكون المرأة بريئة فى ادعائها بمعنى أنه لا دافع وراء إقرارها بالبنوة فيقبل ، وبين أن يكون وراءها دافع آخر ، فلا يقبل قولها إلا ببينة. *

- إن كل هذا الجدل أعلاه بات في امكانية تحليل البصمة الوراثية أو عامل الـ د.ن.آ .أن تحسم أمرها مرة واحدة وبشكل نهائي والمستغرب أن يتشابك ذلك مع المفهوم العقائدي مع أنه وكما نلاحظ هي مجرد اجتهادات لم يكن هناك أفضل منها في حينه .. لكنها الآن وفي ظل العلم باتت غير صالحة ولاتتلائم مع تطورات العصر العلمية التي بامكانها حسم الأمر هكذا وبكل بساطة موفراً الكثير من الجدل واضاعة الوقت في التقاضي والبحث عن أدلة حسمها العلم واختصرها .

 البصمة الوراثية والقانون الشرعي .

- بنظرة سريعة على القانون الشرعي المعتمد في بلادنا نكتشف أنه قانون بات قاصرا ً بحكم تطور العصر وتعقيداته لابل أنه على تناقض مع منطق العلم ونتائجه المحكمة .. فهو قانون مازال يأخذ بآراء فقهية تحتمل الخطأ كما تحتمل الصواب .. ونظرية الاحتمالات لايجوز الأخذ بها في مجالات القضاء وتطبيقات القانون .. فإما أن يكون هناك دليل لايمكن دحضه أو اخراج الموضوع من حيز التداول القانوني الا باثبات قاطع. بنفس الوقت فانه قانون قاصريشوبه النقص لم يضع في حسبانه كثيرا ً من الأمور لدرجة أ، القضاة عندنا يقفون حائرين أمام الكثير من المسائل التي تعترضهم خلال النظر في القضايا المعروضة عليهم وهذا سبب مهم من أسباب اطالة أمد التقاضي وعرقلة الحياة الاجتماعية بحيث تتحدد حركة الفرد وتنعدم خياراته .

- لقد لاحظنا أن الرأي القانوني عندنا يكتفي بمنطوق نص أكل الدهر عليه وشرب دون تطويره بما يلائم روح العصر وتعقيداته والتوسع في توضيح معانيه وابعاده ومراميه بحيث لايستثني أي جانب لطرفي النزاع مهما قل . لكنه يكتفي بتفسير محدود ومحدد وكأنه يتقيد أو يقيد الأطراف بحرفية النص ونلاحظ أنه في كثير من القضايا الشرعية يعودون الى رأي ( قدري باشا ) من زمن الحكم العثماني ..؟!! . في معالجة بعض نصوص القانون الشرعي . ومنها ما يتعلق بقضايا النسب ونفي النسب . وقضايا الارث . هذا على الرغم من أن الفقهاء في العصر الحديث قد توسعوا في الشرح كما رأينا أعلاه الا أن ذلك لم يؤخذ به في القضاء الشرعي على الوجه المنطقي المطلوب . ولما كان اثبات الزنا شرعا ً من الصعوبة بمكان فان الفقه الشرعي وأمام هذه الحالة قد وقع في التباس واعتبر أن زعم المرأة بأن الولد هو من الزوج كاف ٍ لاثبات النسب حتى في ظل عدم التلاقي والمؤسف في الأمر أن النص القانوني يقول في معرض عدم التلاقي عبارة ( كما لوأن ) ويدرج سببان فقط هي غياب الزوج خارج البلاد أو وجوده في السجن .. فان القضاء الشرعي عندنا اعتبر (كما لوأن) ليست مثلا ً بل تحديدا ً للمثال الذي طرحه النص القانوني لايجوز مغادرته مع توفر الكثير من الاسباب الأخرى وامكانية اقامة الدليل عليها مع أن الشارع كما هو واضح قد قصد من عبارة (كما لوأن ) الافساح في المجال أمام القاضي لبحث الكثير من الأسباب التي تمنع التلاقي غير المثالين الواردين في نص القانون.