تكريم المستهزئين وقرابين اليونسكو

سيد القمني الكاتب العلماني الذي هاجم الإسلام والنبي محمد صلى الله عليه وسلم

هشام طلبة  *

 الدوافع الحقيقية للمستهزئين والمُكرِّمين

فضيلة التكريم فضيلة عظيمة؛ ففيها تقدير للمبدعين الذين بذلوا الجهد وأعملوا عقولهم وحواسهم, واستفادوا مما حباهم الله من مواهب, فأفادوا مجتمعاتهم, وأناروا الطريق لمن بعدهم وللبشرية كلها.

ولكن عبر التاريخ البشري - خاصة الحديث - لم يكن الكثير من هذا التكريم خالصًا لوجه الله.

وقد استغلت القوى الكبرى منذ زمن الجوائز العالمية استغلالًا سياسيًّا. فلا يخفى على أحد أن منح الروائي نجيب محفوظ جائزة نوبل في الآداب كان عن رواية ( أولاد حارتنا ) المسيئة للذات الإلهية والأنبياء .

ثم منحها بعد ذلك - عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر - للكاتب الهندي ( نايبول ) المعادي للإسلام. وقد ساء ذلك المسلمين حتى إن أحد كبار الكتاب العلمانيين ( محمد سلماوي ) لم تمنعه علمانيته من اعتبارذلك المكافئ الثقافي لما يسمى بالحرب العالمية على الإرهاب. واستمرارًا لهذا الاتجاه أقدمت ملكة إنجلترا في أواخر عهد رئيس الوزراء توني بلير وبترشيح منه - وهو الذي أبى أن يكون آخر ما يفعله في منصبه عملًا آخر غير العداء للإسلام - على تكريم الكاتب البريطاني من أصل هندي ( سلمان رشدي ) صاحب الآيات الشيطانية المعروفة المسيئة للنبي صلي الله عليه وسلم. وإني لأتساءل ماذا كانت ستخسر الملكة لو لم تكرم ذلك المستهزئ؟ ما الذي ذكَّرهم به؟ هل المقصود إثارة شباب المسلمين ليقوموا بأعمال متهورة يغض الطرف عن بعضها لتصبح دعايةً سيئةً للإسلام؟ ولتصبح مبررًا للحرب على الإسلام المسماة بالحرب على الإرهاب, وللحد من انتشار الإسلام المقلق للغرب؟ والكل يعلم أن سلمان هذا ليس الوحيد في هذا المجال. فكل من يهاجم الإسلام - خاصةً ممن هم من أبناء جلدتنا وعنده شبهة موهبة - يكرم في الغرب. فهناك الكاتبة البنجلاديشية ( تسليمة نسرين ) والمرتدة الصومالية ( إيان هرسي ) وأخرى باكستانية شاذة جنسيًّا أقل من أن أذكر اسمها.

 إذًا القائمة طويلة ومرشحة للزيادة خاصةً من الطابور الخامس الإعلامي المنافق ( لشركائنا في الوطن من الأقباط ) المشتاق والمتطلع إلى إرضاء السيد الغربي.

·   هذا عن الغرب وله أجندته وله دوافعه التي لا تخفى على أحد, أما ما لا يقبل فهو أن تكرم وزارة الثقافة المصرية فيمن كرمت "سيد القمني" صاحب كتاب ( الحزب الهاشمي ) الذي تبنى فيه طرح الكاتب الجزائري المحتفى به في الغرب "محمد أركون" من "تفكيك" التراث ونزع حالة القداسة عن القرآن الكريم - رغم أنفهم - وذلك بالطعن في نبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم, وادعاء أن الإسلام ما هو إلا إطار وخطة ( تكتيك مدروس ) لإنشاء دولة تجمع عرب الجزيرة تكون مكة نواتها وبنو عبد المطلب حكامها بعد إعداد محمد ( صلى الله عليه وسلم ) لذلك!!, وأن الكعبة ما هي إلا إحدى الكعبات التي كانت تقام حينئذٍ تقديسًا للأحجار الغريبة التي يغلب عليها اللون الأسود(1)!! وأن محمدًا ( صلى الله عليه وسلم ) قد سقى أبا خديجة خمرًا حتى لا يعترض على الزيجة!. المتابع لمواقع أقباط المهجر الطائفيين يعلم أنه كاتبهم المفضل وأنهم كثيرًا ما يستخدمون جملة: "د.سيد القمني يفضح الإسلام "! خاصةً حين يتبجح ببذاءاته في قناة الجزيرة الفضائية.

·      سيد القمني القائل: "العقيدة الإسلامية مليئة بالأساطير"! [ وليست عقيدة من يعمل لحسابهم من أهل الكتاب]!.

غلاف كتاب الحزب الهاشمي لسيد القمني الذي هاجم فيه الإسلام والنبي محمد صلى الله عليه وسلم

·   سيد القمني القائل: إن [ الإسلام ظلم المرأة بعدم مساواتها بالرجل, ثم هاجم الصحابة وقال: إن فتوحاتهم لم تكن إلا من أجل المال, وإن القرآن الكريم يجامل اليهود حين يحتاج المسلمون إليهم, ثم ينكل بهم حين يقوى المسلمون] (2)!!.

·   العجيب أن يتزامن مع هذا التكريم استضافة مكتبة الإسكندرية للكاتب السوري "حيدر حيدر" صاحب رواية: "وليمة لأعشاب البحر" التي سخر فيها من الله تعالى فيصفه بالفنان الفاشل وأن له رجال مخابرات (تعالى الله عن ذلك علوًّا كبيرًا ) ثم يصف القرآن الكريم بالخراء [ يريدون أن يحكموننا بقوانين آلهة البدو وتعليم القرآن ... خراء ]. هذه الرواية كانت قد نشرتها وزارة ثقافة فاروق حسني من قبل, وقامت على إثرها مظاهرات طلبة الأزهر الشهيرة وأثارتها جريدة الشعب التي أُغلقت على إثرها. وفي اليوم التالي لاستضافته هذه 16 / 7 / 2009م استضافت جريدة المصري اليوم هذا الروائي في حوار استغرق صفحة كاملة وصفته فيها بأنه واجه سيف الرقيب بشجاعة!! وردّ بأنه يهدم ثوابت الأمة مما يراه منحرفًا ليبني غيره بعد ذلك!.

·   لم يكن تكريم القمني إذًا هو التكريم الأول للمستهزئين بدين الله وبثوابت الأمة, بل سبق ذلك بعامين تكريم الشاعر حلمي سالم في أعقاب كتابته قصيدة يستهزئ فيها بالذات الإلهية, مدعيًا أنه تعالى قروي يحلب بقرة ويكتب سورة البقرة.

الدوافع الحقيقية للاستهزاء::

المتابع لمتغيرات المنطقة يدرك أن الغرب الذي كرم أولًا من هاجم الإسلام ممن ينتسبون إليه يقدمون له خدمة جليلة في محاولة إيقاف انتشار الإسلام في الغرب خاصةً بعد كل ضربة توجه لأهله. فبعد أحداث سبتمبر تضاعف عدد من يدخلون الإسلام في أمريكا فصار عشرين ألفًا سنويًّا – حسب ما ذكره موقع محطة إن بي سي الشهيرة – كما أن خمس سكان موسكو حاليًّا مسلمون. بل إن مجلة نيوزويك الأمريكية ذكرت في عددها الصادر بتاريخ 21 / 7 / 2009م في مقال بعنوان:"الغزو الإسلامي للغرب وهم .. لماذا ؟" أن الكاتب الكندي " مارك ستاين " يرى أن المسلمين سيصبحون 40% من سكان أوروبا عام 2025م . ثم ذكر التقرير ذاته أن هناك دراسة لمجلس الاستخبارات الوطني الأمريكي يرى أن سكان أوربا من المسلمين ( 5 % عام 2004م سيصبحون عام 2025م  8 %؛ أي ثمانية وثلاثين مليونًا ) بينما المسيحيين في مصر مثلًا يرى الباحثون المحققون من الأقباط كالدكتور كمال فريد أنهم سينقرضون خلال مائة عام؛ لضعف النسل والهجرة والتحول للإسلام ( راجع موقعي الأقباط والأقباط المتحدون ). هذا عدا مشاريع الهيمنة التي يقف الإسلام أمامها كجهة ممانعة كبرى؛ لذلك وضعت وزارة الخارجية الأمريكية تقريرها الأشهر: " الإسلام المدني الديمقراطي " الذي يدعو إلى تدعيم التصوف البدعي والمفكرين الحداثيين بتقديمهم في وسائل الإعلام وطبع كتبهم ومحاولة أن تدرس تلك الكتب في المدارس , وأخيرًا يطالب التقرير بدعم الإعلاميين الذين يهدمون الرموز الإسلامية! ألا يفسر ذلك هذا التكريم الحاصل للمستهزئين؟.

ألا يفسره أيضًا مركز التضليل الإعلامي الذي أنشأه سيئ الذكر رامسفلد؛ وزير الدفاع الأمريكي الأسبق من تجنيد إعلاميين عرب لتضليل الرأي العام عندنا؟!.

ألا يفسر ذلك دفاع القمني المستمر عن احتلال أمريكا للعراق في قناة الجزيرة ووصفه لبول بريمر أول حاكم أمريكي للعراق بأنه أفضل من عمرو بن العاص في مصر؟ ألا يفسره احتضان رجل الأعمال القبطي وثيق الصلة بالمخابرات الأمريكية له؟.

· استهزاء الغرب بمقدساتنا سواء بشكل مباشر؛ كالرسوم الدانماركية وتصريحات بنيدكت السيئة أو بشكل غير مباشر؛ كتكريم المستهزئين عندهم أو الضغط لتكريم أذنابهم عندنا المقصود منه أن نألف إهانة المقدس فلا يصبح مقدسًا وعندئذٍ يجعلوننا نقدس ثقافتهم؛ كقبول الشذوذ والجنس خارج الزواج وثقافة الاستسلام, وغير ذلك فتسهل الهيمنة. وهذا ما ذكره الكاتب والعالم الأمريكي المنصف " جيمس بيتراس " في كتابه "سطوة إسرائيل في أمريكا".

·دوافع التكريم:

أما دوافع التكريم فلا يخفى على أحد أن الكثير من القرابين قد قدمها وزير الثقافة على مذبح القبول لمنصب رئيس اليونسكو. فمن إدراج كتب عبرية في مكتبة الإسكندرية إلى التراجع عن تصريحات أغضبت اليهود, بل والاعتذار عنها إلى اشتراطه دعوة إسرائيل إلى مهرجان السويس. فكان مناسبًا تكريم مَنْ يطعن في الدين لإثبات حداثيته.

كما أنه من دوافع تكريم القمني وزملائه مجاملة من آزروا الوزير ممن عرفوا بمجموعة باريس. ثم إن أغلبهم من المجلس الأعلى للثقافة المانح للجائزة أصلًا؛ أي إنهم كما قال المفكر رفيق حبيب الحكم والخصم!! مما جعل حبيب يصف ذلك بالفضيحة.

  وأخيرًا نبشر أعداء الله ممن يسيئون إلى مقدسات الأمة ويستهزئون بها أن تجاوزاتهم هذه لن تنال من الإسلام, بل إن ذلك سيؤدي إلى تمسك المسلمين بدينهم أكثر, وسيهتم بالدين من لم يهتم به منهم. كما أن هذه الأفعال ستؤدي إلى لفت الأنظار إلى الإسلام من غير المسلمين. خاصةً في البلاد التي يُساء فيها إلى الإسلام.

       وإذا أراد اللَّهُ نَشْرَ فَضِيلةٍ                طُوِيَتْ أتاحَ لها لِسانَ حَسُودِ

       لَوْلاَ اشتِعَالُ النَّارِ فيما جاورَتْ      مَا كان يُعرَف طِيبُ عَرْفِ العودِ

 فأحداث سبتمبر في أمريكا أدت إلى تضاعف أعداد الأمريكيين الداخلين في الإسلام كما أسلفنا, كما أن إساءة بنديكت الألماني في محاضرته الشهيرة أدت إلى إسلام أربعة آلاف من بني جلدته في هذا العام. ومن ينس أن إساءة الرسوم الدانماركية أدت إلى انتشار الإسلام في أوربا خاصةً في الدانمارك صاحبة الإساءة؛ ولذلك نتوقع أن يؤدي ما حدث لشهيدة الحجاب [رغم أنف المنكر لهذه الصفة](الدكتورة مروة الشربيني ) في ألمانيا إلى تمسك المسلمات بحجابهن بل وسترتدي  السافرة منهن لباس العفة هذا بإذن الله, كما سيؤدي استشهادها  إلى انتشار الإسلام خاصة في ألمانيا.  بعد أن أسلمت إحدى الألمانيات على يديها في حياتها .

فاللهم كما كفيت نبيك صلى الله عليه وسلم المستهزئين اكفنا الجدد منهم يا رب العالمين.

{ رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ (89) } [الأعراف].

       

*كاتب إسلامي مصري