مدلولات الاغتيالات الثورية في سوريا

معاذ عبد الرحمن الدرويش

حين تتحدث الولايات المتحدة الأمريكية عن أن لا حل إلا الحل السياسي في سوريا ، أعتقد أن أمريكا صادقة بذلك ..لكن صادقة مع نفسها و ليس مع أحد آخر.

إلا أن أمريكا ليست متعجلة على تحويل ذلك الشعار- الذي طرحته مراراً و تكراراً - إلى واقع حقيقي على الأرض لسببين:

1-    السبب الأول تدمير أكبر مساحة ممكنة من البنية التحتية لسوريا

2-    أن يكون الحل السياسي متوازن حتى تتحقق من خلاله كل ما تمليه عليها مصالحها و مصالح شركائها.

أمريكا تدرك أن الحل السياسي لا يمكن ان يكون مستقراً و مرضياً للشعب السوري إلا بإزالة النظام الطائفي المجرم و جميع رموزه.

الحل على هذا الأساس يعني رجحان كفة الثورة و انفرادها بالمستقبل السياسي لسوريا .

و لمعالجة هذا الخلل لا بد من إخضاع سوريا إلى حل سياسي متوازن ، و لضمان حل سياسي متوازن لا بد من اجتثاث كل الشخصيات الثورية صاحبة النفوذ و القوة سواء العسكرية أو السياسية أو حتى الإجتماعية.

و الأولوية لا شك للشخصيات العسكرية الفاعلة على الأرض، خاصة و أنه لا يوجد  شخصيات سياسية نافذة على ساحة الثورة السورية حتى تاريخه بشكل مؤثر، و كذلك الأمر لمعظم الشخصيات الإجتماعية و التي بشكل عام إما أنها لا زالت في حضن النظام الطائفي المجرم أو أنها همشت نفسها لدرجة النسيان.

و من هنا نجد أن اغتيال القيادات الثورية جاري بقوة ، و سوف تزداد وتيرته خلال الأيام القادمة ، و قد أعلنت ذلك رسمياً الولايات المتحدة بنيتها المباشرة باغتيال قيادات تنظيم الدولة ، و تحت هذا الشعار لن يسلم أحد يمكن أن تطاله اليد العميلة لكل الشخصيات الفاعلة و المؤثرة و البارزة في القوى الثورية و الجهادية الفاعلة على الأرض.

طبعاً هذا الأمر لا يجعلنا أن نستسلم للمارد الأمريكي و أجنداته ، وعلى جميع الأخوة رفع وتيرة الاحتياطات الأمنية ، و السرية و التمويه في كل أعمالهم و تحركاتهم و إقامتهم ، و عدم إعطاء الثقة لغير أهلها مهما كان .

هذا من ناحية ، و من ناحية أخرى عدم الاعتماد على القيادة و الإدارة الشخصية في سير العمل ، و اعتماد إسلوب العمل المؤسساتي بعيداً عن الأشخاص .

حتى إذا لا سامح الله ما ذهب القائد لا يتأثر الفصيل التابع له ، و خير مثال على ذلك حركة أحرار الشام ، رغم اغتيال معظم القيادات الفاعلة في الحركة و في يوم واحد إلا أن الحركة لم تتأثر ذلك التأثر ، و استمرت بفاعليتها على الأرض كما كانت، و كل ذلك يعود إلى إسلوب العمل المؤسساتي التي اعتمدته منهجاً لتنظيم كافة أمورها منذ بداية تأسيسها.

و بالمقابل نجد أن لواء التوحيد تأثر تأثراً بليغاً بعد اغتيال قائده الشهيد البطل عبدالقادر الصالح رحمه الله .

فلعبة التوازن العسكري نجحت به الولايات المتحدة نجاحاً كبيراً على الأرض و الذي يعتمد على إضعاف كل القوى المتصارعة على الأرض ،و هي ستسعى جاهدة لتحقيق توازن سياسي يضمن قوى سياسية متهالكة تتقاسم النفوذ السياسي على وطن من ركام.

وسوم: العدد 633