المفاتيح السورية وإعادة توزيع الأدوار... رفع القناع

شكلت حالة الالتفاف المفاجئ والسريع والنوعي للروس تجاه سورية مفاجأة لمعظم السياسيين والكيانات على الأرض السورية.

يحق للجميع أن يتفاجأ حتى لو كان من عميقي الفهم للادارة الدولية للأزمة .

فالحضور السريع والنوعي للروس وتبدل تصريحات المحاور الدولية لا سيما ميركل تجاه الأسد ودوره الواضح واعطائه قيمة مركزية معلنة من جميع الأطراف الدولية الفاعلة يشكل مفاجأة طبيعية عندما يكشف المقنع عن وجهه .

ولا شك أن ضعف التصور في توصيف الأطراف منذ البداية والانسياق خلف نقاش المواقف بشكل مضطرد سبب في ضعف ادراك للاطراف الفاعلة من جهة ونوع من تضييع او لنقول غياب الاضاءة عن أصل القضية .

نعم للروس والامريكان والاوروبيين والاسرائيليين مصالحهم ومحاذيرهم في أهم ساحة عربية اليوم .

ولكن أذا رجعنا إلى الوراء وبدايات تشكل الدولة الوطنية في المنطقة العربية فإننا نلحظ أن الغرب الذي رسم ولا يزال يرسم ملامح المنطقة ودولها، قام بزرع 3 عناصر رئيسية تضمن سير المنطقة ودولها ضمن ايقاعه الذي يريد ، والعناصر الثلاث تشمل مقومات ثبات الصورة على ما يريد وامتناع ظهور أي مفاجأة ، والعناصر هي 1- الجيوش المرتبطة 2- الطوائف المتبلورة * 3- الكيان الصهيوني .

إن الأرض السورية هي الجغرافيا الأقوى والمرشحة لتغيير مسار المنطقة ولذلك فقد أوجد وثبت فيها حكم الطائفة كما أوجد جانبها الكيان الصهيوني كما أوجد الجيش المرتبط، ثلاث عناصر وفرها في نفس  الجغرافيا جعلت سوريا خارج اطار تصور الناس في عالم التغيير والثورات .

لكن الله قدر غير ذلك وقامت الثورة لتحدث مفاجأة أكبر للجميع  فأخذت العناصر الثلاث دورها في اخماد الثورة وابادتها ( الطائفة والجيش واسرائيل ) ، ولكن ما حصل بعد سنوات أن المسار الثوري بقي متواصلا وما يكاد يشهد حالة جزر حتى يشهد حالة مد تعقبه ، ولم تستطع العناصر الثلاث تحقيق النتيجة المطلوبة منها فكان لابد من تدخل دولي مباشر تحت ذرائع عدة يصنعها المتآمرون بأنفسهم وأحدها وأهمها داعش والارهاب المصنوع .

فهل يتصور أحدا أن تستغني المحاور الدولية عن احد العناصر الثلاث الضامنة لعدم خروج المنطقة من اليد ؟

لا شك بأنه لن يتخلى عن أي عنصر الا اذا أوجد بديلا له يضمنه بنفس المستوى العميق ، ولأنه لم يجد بعد سنوات رفع عن وجهه اللثام ليعلن عن مركزية دور الأسد .

الخلاصة : عندما يكشف الملثم عن وجهه فإن الصراع يشتد ولكن تعقيده ينتهي بوضوح أكبر سيدفع كل الشخصيات والكيانات الصادقة لتعديل المسار بشكله الفاعل من جهة ، ومن جهة أخرى سيعطي تدفقا أكبر ويحقق تحشيدا أعلى للشعوب خلف رايات ومشاريع لا لبس فيها .

إن المقنع لا يرفع قناعه الا بعد يأسه من عناصر اللعبة التي صنعها وهذا لوحده انتصار جزئي ، ونحن من خلال يقيننا وايماننا بالله وشواهد الأرض نقول بأننا أمضينا نصف المعركة ولم ننكسر وبقي نصفها الآخر وبحول الله ثم إعدادنا سننتصر .

* حرص الغرب على التواصل دوما مع الطوائف قديما وحديثا وذلك بهدف بلورة دور وظيفي لها في مشروع مواجهة سياسية عسكرية وحضارية مع أمتنا ، فرفض بعضها كما حصل سابقا مع المسيحين في الشام زمن هجوم الصليبيين ، وتجاوب بعضها كما الطائفة العلوية وملالي إيران في واقعنا المعاصر .

وسوم: 635