شيطنة اللاجئين السوريين
إنّ المتتبع للأحداث الأخيرة - بِدأَ بالتفجيرات التي حدثت بباريس، وبالتحرش بالنساء في ألمانيا أثناء الإحتفالات برأس السنة، وأخيرا بالتفجير الإنتحاري الذي حدث بالأمس في ميدان السلطان أحمد بإسطنبول- أول ما يستنتجه هو ذلك الخيط الذي يربط بين كل هذه الأحداث.
فالتفجيرات التي حصلت في شهر نوفمبر من العام الماضي بباريس، قيل أن المحققين وجدوا جواز سفر سوري في مكان الحادث، حيث كشفت وسائل إعلام فرنسية وجود هذا الجواز بجانب جثة أحد الذين قاموا بالهجوم، غير ّأنّها أكدت على عدم وجود أدلة قطعية تثبت أن جواز السفر هذا يعود لأحد المهاجمين.
بينما قالت وكالة رويترز بأن أحد منفذي هجمات باريس سوري قدم إلى فرنسا مع اللاجئين السوريين عن طريق اليونان.
وللتذكير فإن هذه هجمات باريس هذه أسفرت عن سقوط 129 قتيلا ومئات الجرحى من بينهم عشرات الحالات الحرجة.
كما أنّ الإعتداءات الجنسية الجماعية التي قامت بها مجموعات من الشباب الذكور أثناء احتفالات رأس السنة في مدينة كولونيا الألمانية، قيل بأن الذين قاموا بذلك هم من اللاجئين السوريين.
وقد تصاعد الجدل في ألمانيا حول هذه القضية، مما زاد في تأجيج مشاعر المعادين للأجانب وعلى الخصوص في ظل أزمة المهاجرين.
وقد تلقت الشرطة الألمانية إلى حد هذه الساعة مائة شكوى تتعلق بالإعتداء الجنسي والتحرش بما فيهم شكاوى تتعلق بالإغتصاب.
وقد نشرت صحيفة الغارديان البريطانية يوم الخميس 7 يناير/كانون الثاني2016 تقريرا حسبما قالته الشرطة وشهود عيان بأن مرتكبوا الإعتداءات هم من جنسيات عربية، على الرغم أنه لحد الآن لم يتم نشر أي معلومة تؤكد هويات هؤلاء المعتدين.
واللافت للإنتباه أن هذه الأحداث نتج عنها توترات داخل كتلة المجتمع الألماني، وخاصة أولئك الذين يُعارضون سياسة الباب المفتوح التي انتهجتها المستشارة الألمانية "أنغيلا ميركل" تجاه اللاجئين السوريين، الذي وصل عددهم إلى أكثر من مليون لاجئ خلال العام الماضي. وكما هو معروف فإن اليمين المتطرف يستثمر بقوة في هذه الأحداث مما جدّد دعوته لوضع حد للهجرة الجماعية، كحزب "البديل من أجل ألمانيا" وحركة "بيغيدا" المعادية للإسلام.
ولحد هذه الساعة لا يوجد أي دليل يُثبت تورط اللاجئين السوريين في تلك الإعتداءات، وهذا ما صرّحت به الحكومة الألمانية وأغلبية السياسيين الألمان، والكثير منهم أكّدوا بأن كل الفرضيات التي تقول بأن الذين قاموا بالإعتداء هم من اللاجئين غير صحيحة وغير جائزة على الإطلاق.
كما أن الشرطة الألمانية أشارت من جهتها على أن هؤلاء الذين قاموا بالإعتداء يبدو واضحا على أّنهم منظمين على غرار العصابات الإجرامية التي تعمل لسنوات طويلة في منطقة كولونيا، إذ أصبح سكانها يتجنبون التجوُّل فيها بعد حلول الظلام.
والتفجير الإنتحاري الذي حصل بالأمس (الثلاثاء 12 يناير/كانون الثاني 2016) بميدان السلطان أحمد السياحي وسط مدينة إسطنبول التركية على الساعة العاشرة والربع صباحا، الذي خلّف إلى حد الآن سقوط عشرة قتلى وخمسة عشر جريحا، كلهم أجانب وأغلبيتهم يحملون الجنسية الألمانية، والذي قام بهذا الهجوم الإنتحاري يحمل الجنسية السورية ينتمي إلى عناصر تنظيم الدولة الإسلامية من مواليد 1988م، حسبما صرّح به الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس وزرائه أحمد داود أوغلو.
ويعتبر ميدان السلطان أحمد الواقع بوسط مدينة اسطنبول من أهم المعالم السياحية في تركيا ويقصده الكثير من السيّاح.
وتجدر الإشارة إلى أن هذا التفجير وقع بالقرب من فوج سياحي أغلبيته من السيّاح الألمان.
فإذا حاولنا ربط هذه الأحداث بعضها ببعض، نجد أنّها تشترك في هدف أصبح واضحا وضوح الشمس في ربيعة النهار، وهو شيطنة اللاجئين السوريين، وتسويق فكرة أنّ كل دولة تقوم بالوقوف الى جنبهم وفتح الأبواب لاستقبالهم وإيوائهم ومنحهم أبسط حقوق الحياة، كل ذلك سيجلب لها المشاكل الأمنية والعمليات الإرهابية والتفجيرات الإنتحارية.
فالجهة التي خطّطت ونفّذت تفجير إسطنبول بالأمس، قد ضربت عصفورين بحجر واحد،
فالتفجير تم تنفيذه على أرض وفي مدينة تركية وبالقرب من فوج سياحي أغلبيته يحملون الجنسية الألمانية، فماذا نفهم من هذا؟
نفهم أن هذه العملية جاءت ردا وإنتقاما للمواقف الإيجابية لتركيا وألمانيا حول مسألة استقبال اللاجئين السوريين الذين تم تهجيرهم وتشريدهم من طرف النظام السوري بالتعاون مع ميليشيات حزب الله اللبناني والحرس الثوري الإيراني، تحت التغطية والحماية الدولية الرّوسية.
فهل الشعب السوري لم يكفه التقتيل والتهجير والتشريد والتجويع حتى نرميه بالشيطنة والإرهاب حيثما حل وحيثما ارتحل؟ !
د.اسماعيل خلف الله
مركز أمية للبحوث و الدراسات الاستراتيجية
وسوم: العدد 651