ما دخل العلمانيين في قضية مراجعة برامج مادة التربية الإسلامية ؟

ما كاد خبر التوجيهات الملكية لوزارتي التربية الوطنية والأوقاف والشؤون الإسلامية بإعادة النظر في برامج ومقررات مادة التربية الإسلامية  يصل إلى العلمانيين حتى  وجدوا الفرصة سانحة للتعبير عن مكبوت حقدهم على الإسلام وأهله، لأنهم بحكم توجههم العلماني يدعون إلى إقصاء الإسلام من الحياة، ويدعون إلى ما يسمونه الحياة المدنية التي لا تخضع لدين أو لا مكان للدين فيها  . ومعلوم أن لهؤلاء منابر مأجورة تسوق لمكبوتهم  العلماني ، ومنها مواقع على الشبكة العنكبوتية نذكر منها  على سبيل المثال لا الحصر موقع هسبريس ، وأصحابه  كما تعكس المواد التي ينشرونها هواهم علماني ، وقد تأكدت من ذلك حين منعت مقالاتي من النشر  وكان تنشر من قبل على هذا الموقع حين قمت بالرد على أحد العلمانيين المحسوبين على الفن ، والذي كان يتهجم على الإسلام ، فوجد أصحاب موقع هسبريس أن مقالاتي تقوض توجههم العلماني، فبعثوا لي برسالة على عنواني الإلكتروني يعتذرون فيها عن عدم نشرها  بعد ذلك ، وفي المقابل يفسح هذا الموقع المجال واسعا للعلمانيين ، ولمنحرفي العقيدة ممن ينالون من  الإسلام على غرار ما يفعل المحسوب على دار الحديث الحسنية  المروج لزواج المتعة  وقد نشر فيه كتابا  ، لأن فكرا منحرفا كهذا يجد هوى في نفوس أصحاب هذا الموقع .

ويبدو أن هذا العلماني المندفع في علمانيته بشكل ملحوظ  كما تكشف عن ذلك مقالاته المنشورة على موقع هسبريس ، يتعمد اتهام برامج مادة التربية الإسلامية  الحالية بنشرالغلو والعنف والكراهية  والإرهاب ، وأنا على يقين أنه يجهلها كل الجهل ، كما أنه  تعمد استغلال التوجيهات الملكية السامية  ليوهم بأنها تهدف إلى نشر العلمانية ، علما بأن التوجيهات الملكية تهدف إلى إغناء برامج التربية الإسلامية لا بإسقاطها ،علما بأن جلالة الملك يسير على نهج والده المرحوم الحسن الثاني الذي قال قولته المشهورة : " الحسن بن محمد لا يحرم حلال ولا يحل حراما " ،وهو نهج الملوك العلويين الذين هم أمراء المؤمنين ، وحماة حمى الملة والدين . ولا يمكن تأويل توجيهات الملك على أنها  دعوة للعلمانية أو تشجيع لها أو شرعنتها في بلد ينص دستوره على أن الإسلام هو الدين الرسمي للدولة . ومن المعلوم أن مراجعة برامج أو مقررات مادة التربية الإسلامية يجب أن يتم عن طريق إعادة النظر في حصص الزمنية الضئيلة ، وفي مقرراتها المحدودة التي لا تفي بالغرض ، وليس عن طريق  حذف موادها الحالية لأن موادها الحالية  منسجمة مع الدين الإسلامي ، ولا تتضمن ما يمكن الطعن أو التشكيك فيه .

ولا شك أن التوجيهات الملكية تهدف إلى ترسيخ الإسلام في نفوس الناشئة وفق العقيدة السنية الأشعرية  والمذهب المالكي .  والتوجيهات الملكية أيضا تهدف إلى قطع جذور التطرف بكل أنواعه بما فيه التطرف العلماني الذي يتولد عنه التطرف الديني، ذلك أنه كلما شاعت الأفكار العلمانية المتطرفة التي تدعو إلى التنصل من القيم الإسلامية مثل الإفطار في رمضان ، والدعوة إلى حرية الجنس ، وإلى حرية ممارسة عمل قوم لوط أو المثلية ، و الدعوة إلى التعري  بهدف الكشف عن المفاتن... إلخ  إلا وكانت لها ردود أفعال متطرفة لدى المحسوبين على الدين . ولا زالت الدول العلمانية واللائكية لم تنتبه إلى أن تطرف العلمانية واللائكية هو الذي يولد التطرف في التدين . ومن أجل منع التطرف بكل أشكاله سواء لدى المتدينين أو العلمانيين، فإن التوجيهات الملكية الداعية  لمراجعة برامج ومقررات مادة التربية الإسلامية إنما يريد إغناء  هذه البرامج  والمقررات ليسود الإسلام الوسطي المعتدل الحقيقي الذي يتنافى مع كل أشكال التطرف  ، ويواجهها بوسطيته واعتداله. ويعتبر الإسلام في المغرب إسلاما وسطيا معتدلا لا يقر متطرفا فيه ولا متطرفا في العلمانية . ولسنا ندري ما دخل العلمانيين في موضوع مراجعة برامج التربية الإسلامية  وهم لا يقبلون أصلا  بوجود الدين في الحياة التي يعتبرونها مدنية وكأن الحياة التي  يدعو إليها الإسلام عسكرية ؟ وحال العلمانيين وهم يحشرون أنوفهم فيما لا يعنيهم بحكم توجههم اللاديني الذي يحاولون التمويه عليه بنفاق معهود فيهم حيث تناقض أقوالهم أحوالهم وأفعالهم تصدق عليه حكاية  " التيكوك " وهي حكاية  فلاح اشترى عجولا من سوق أسبوعية في إحدى البوادي ، واقتنى حاجياته التي وضعها على ظهر حماره ، وقفل راجعا إلى بيته،  فانطلقت العجول تعدو بسبب ما يعرف بالتيكوك ، وقلدها الحمار فألقى ما كان على ظهره وأخذ يعدو بدوره ، وخلق متاعب لصاحبه  الذي اضطر لحمل حمله، فلما بلغت العجول عين ماء  بالقرب من ظل وارف ، ارتوت ، واستظلت وأخذ تجتر ، والحمار يقلدها إلا أنه لم يستطع تقليدها في الاجترار، فأقبل عليه الفلاح منهكا فعض أنفه  قائلا : " إذا كان هؤلاء القوم فيهم تيكوك فما بالك  أمك أنت ؟ " هذا حال العلمانيين مع الدعوة لمراجعة مادة التربية الإسلامية ،ذلك أن الأمر يعني أهل الاختصاص ، وعلى رأسهم علماء الدين  وأساتذة المادة ، ولا يعني العلمانيين في شيء إلا أن هؤلاء اتخذوا من موضوع مراجعة المواد الدينية مطية لتمرير  مادتهم العلمانية ، ولتوظيفه  في الصراعات السياسوية قبيل حلول فترة الاستحقاقات الانتخابية  التي  يحلم العلمانيون بإقناع المواطنين للتصويت عليهم ليصلوا إلى مراكز صنع القرار، ومن ثم يحققوا حلمهم بإقصاء الإسلام من الساحة والتمكين للعلمانية ، علما بأن عقيدة الإسلام راسخة في نفوس المغاربة لا تزحزح مهما حاول العلمانيون زحزحتها . وإن العلمانيين إذ يخوضون في مواضيع الدين لا يحترمون توجههم أولا ، ويعرضون ثانيا أنفسهم لسخرية الساخرين  بالخوض فيما يجهلون  جهلا مركبا أو حتى مكعبا كما تكشف عن ذلك أفكارهم وآراؤهم  المتهافتة  والسخيفة .

وسوم: العدد 656