خطاب الكراهية الإيراني للعرب "3": المحرقة السورية وعودة إمام الزمان

يتصاعد شجن  الشباب في إيران  على وقع الأزمة السورية يوماً بعد يوم ، حيث  بات الآن الصراع بين آيات الله العظام وبين الدعاة الشباب  على أشده  ، إذ يكثر الحديث عن تسارع «علامات الظهور» لحظة بلحظة ، فتشتعل التعبئة المذهبية بوتيرة  غير مسبوقة حسب وقع الأحداث والتطورات في سوريا  ، وعلى مقياس متعدد الدرجات ، حتى بات التنافس المحموم على شعار «حي على  ظهور إمام الزمان »، و تدليس العلامات  الوهمية  والكاذبة الشغل الشاغل لهؤلاء ، ومحاولة الاجتهاد لإسقاطها  على الواقع  ، هو العنوان الأبرز للمعركة الخاصة بالهذيان المهدوي ، وهي  أسلحة أكثر فتكاً،  حيث يتم توظيف الخزعبلات  بقوّة في القتال الدائر لتعبئة الشباب تجاه ما يجري في سوريا ، فتُصبح الروايات والأحاديث الموضوعة  السلاح الأمضى في الحشد  .

آخر بشارات رائفى بور

يبشر رائفى بور بتسارع الأحداث وصولاً إلى المعركة « الإلهية المقدسة  »، المعركة الفاصلة التي ينتصر فيها الشيعة  على العرب السنة ، مطالباً بالاستعداد للحظة الحقيقة الفاصلة ، ولساعة الفصل التي دقت ، لتعزيز فكرة  «تمكينهم في الأرض»، وقيام «إمبراطورية إمام الزمان الموعودة  ». 

البشارة الأولى : الصحوة الإسلامية  للعلويين في سوريا : الطائفة المؤمنة

يؤكد بور  إلى أن أحد الثمرات الإلهية  للتدخل الإيراني في سوريا يتمثل  بعودة العلويين في سوريا إلى الإسلام الحقيقي  لتكون الطائفة المؤمنة التي ستقاتل تحت راية ولي العصروالزمان  ، حيث يثني على دور إيران ومراجعها العظام  في عودة العلويين في سوريا إلى جادة الصواب من حيث الالتزام والتمسك بالتعاليم الإسلامية ، وفي مقدمتها الصلاة ، والتمسك بالطقوس العاشورائية  بعد أن كانوا أهل بدع و ضلال ، معتبراً أن بذرة الخير والصلاح مغروسة في ضمائرهم، ومتأصلة في وجدانهم  منذ القدم ؛ فهو يصف حافظ الأسد بأنه كان أبو الدراويش والفقراء في سوريا ،ولم يكن متهماً بالفساد المالي والأخلاقي ....  ، مبدياً إعجابه بحزب البعث الذي كان جامعاً لكل الأطياف السياسية والاجتماعية ، وممثلاً لها .

يعتقد بور جازماً أن من أهم نتائج التدخل الإيراني في الأزمة السورية ؛ليس فقط  إخراج العلويين من الظلمات إلى النور ؛  بل دورهم الإلهي القادم ، كونهم سيكونون ركناً مهماً في قتال السفياني ، وسيشكلون مصدراً لعون ومساعدة أصحاب الرايات السوداء القادمة من خراسان، و التي  ستحسم بشكل لا يقبل الشك المعركة الإلهية ، و التي لاحت بشائرها لجهة خلخلة أنظمة الطغيان في العالم العربي ؛ ويرى أن القادة سيكونون  هم  أصحاب الرايات والعصب و القمصان السود هم جند «الإمام الخامنئي قدس سره الشريف» ومقاتلي حزب الله

 

البشارة الثانية : أهمية تكثيف نقل السلاح  إلى سوريا لتسليمه إلى إمام الزمان هناك

يؤكد بور على المنطلقات العقائدية للثورة الإيرانية  بأن السلاح الذي  بحوزة  الدولة الإيرانية ومن والاها عبارة عن أمانة مقدسة  سيتم تسلّيمها للإمام المهدي  عند ظهوره، استناداً إلى المسلّمات العقائدية للشيعة الإمامة الإثني عشرية غير القابلة للشك والتأويل مطلقاً من هنا يدعو رائفي بور إلى تكثيف إرسال السلاح إلى سوريا  وتنويعه ، لتوفير الوقت على إمام الزمان وجيشه للحصول على أسباب القوة  لغرض المضي في مهمتهم في الحرب الإلهية القادمة لتحرير البشرية، وإخراجهم من الظلمات إلى النور

 هذا التصريح من جانب بور يكشف بما لا يدع مجالاً للشك خفايا الإستراتيجية الإيرانية الطامحة للسيطرة على المنطقة من خلال إغراق سوريا بالسلاح ، وتسليم جزء من هذا السلاح إلى وكلائها في المنطقة ؛ لاسيما حزب الله ، وهذا ما يفسر رفض حسن نصرالله تسليم سلاح الحزب للدولة اللبنانية تحت أي ظرف .

البشارة الثالثة : المحرقة السورية :ذبح بني أميه

ينطلق بور  من حادثة  القضاء على الفتنة التي وقعت في محافظة درعا ، والتي تعتبر من علامات ظهور السفياني الأموي لإبادة الشيعة في المنطقة ،ويستبشر خيراً بسياسة بشار الأسد لإخماد هذه الفتنة التي بدأت للإطاحة بالنظام العلوي ، والتي بدأت من خلال قيام  أطفال  درعا بكتابات مطالبة بالتغيير مدعومة بمخطط  استكباري  على جدران مركز الأمن ،

يشير بور إلى  أنّ الدماء التي تسيل في سوريا  ستساعد على إبادة معارضي إمام الزمان من نسل بني أميه ، الأمر الذي يسهل مهمة إمام الزمان العسكرية والدعوية  مستقبلاً  للمضي في انتصاراته دون عقبات  .

يقع رائفى بور في تناقض عجيب في كلامه فهو يُسهب في الحديث عن  حكم  السفياني الموالي للغرب الذي لا تدوم مدة حكمه أكثر من حمل امرأة، أي تسعة أشهر ، وهو بالتأكيد يأتي بعد الإطاحة ببشار الأسد ونظامه ، حيث تشهد فترة ولايته مجازر، وهو ضمناً  يؤكد على أهمية التسريع بسقوط بشار الأسد حتى يتحقق الوعد الإلهي بظهور المهدي ، وهو بذلك  يعبر عن كنه السياسة الإيرانية التي تدرك ضرورة استغلال فرصة بقاء بشار الأسد  لذبح أكبر فئة ممكنة من الشعب السوري " السني " ، على اعتبار أن الطائفة السنية  ستكون أكبر عقبة في وجه إمام الزمان ، وهي فتوى مباشرة وصريحة بذبح وإبادة أكبر عدد ممكن من الشعب السوري الأعزل  .

 

البشارة الرابعة : الجيوش الممهدة لظهور السفياني : أهمية إبادتها

يعرض رائفي بور لمخطط عربي - أمريكي – إسرائيلي يهدف إلى إيجاد نواة لقوات عسكرية ستكون عوناً لجيش السفياني ، ويرسم في محاضراته مخططاً لهذه المؤامرة من خلال مدخل الأزمة السورية ، الذي بدأت بوادره من خلال المؤامرة الكونية ، حيث يعتبر أن فكرة الربيع العربي قد بدأت من عواصم الدول  العربية؛ ولهذا الأمر مغزاه ودلالاته على عكس ما جرى في سوريا حيث انطلقت الثورة التآمرية من الأطراف وليس من العاصمة دمشق بتخطيط سعودي- قطري – تركي – إسرائيلي – أميركي ، حيث أسهمت هذه الأطراف مجتمعة  بتدويل الأزمة السورية ؛ ويتساءل كيف تقوم السعودية معقل دعوة محمد بن الوهاب التي تُحرم الخروج على الحاكم بدعم شعب للخروج على حاكمه .

يقسم رائفي بور القوى الداعمة لجيش السفياني مستقبلاً ، ويطالب بإبادتها عن بكرة أبيها ، لما تُشكله من خطر على إمام الزمان وجيشه مستقبلاً ، وهي :

جبهة النصرة : دعم قطري – سعودي – تركي

أحرار الشام : دعم قطري سعودي

لواء التوحيد  ، جيش تابع للإخوان : دعم قطري

الجيش الحر : دعم غربي

 

البشارة الخامسة  :  استخدام القاعدة  أو داعش للسلاح الكيماوي  في سوريا

بشر رائفي بور في محاضراته  مسبقاً  على أحداث طاحنة ستؤدي إلى إبادة جزء كبير من الشعب السوري ، والمتهم الأساس بها هما القاعدة وداعش ، حيث يتهم تركيا والسعودية وقطر بتسهيل مهمة حصولهما على السلاح الكيماوي ؛ ويعرض لمعلومات مفبركة -تم تسريبها له حتماً من جانب المخابرات الإيرانية -حول هذا المخطط ، والذي من المؤكد – بنظرنا -  ستلجأ له إيران كأحد بنود الخطة ب التي بشرنا بها المسؤولون الإيرانيون سابقاً، و التي تأتي انسجامًا مع فكرة الهذيان المهدوي التي تحدث  عنها مراجع التقليد العظام في قم ، والتي تتحدث عن  مقتل ألف ألف إنسان  في سوريا كشرط لظهور ولي العصر والزمان .

البشارة السادسة : تقسيم تركيا

يرسم رائفى بور في محاضراته رؤية لتقسيم تركيا تبدأ بالحديث عن الخارطة الديمغرافية لتركيا ، حيث يدعي بوجود 20 مليون علوي يعيشون في تركيا ، لهم مطامح بالاستقلال والانعتاق من السلطة التركية التي يهيمن اليهود والماسونية على صناعة القرار فيها حسب زعمه .

يسهب بور في  الحديث عن سعي تركيا لإقامة نظام سني في سوريا ، والمضي في مخطط الإطاحة بالنظام العلوي ، ويتنبأ بفشل هذا المخطط لأن تركيا ستغرق بدوامة العنف والصراع في نهاية المطاف ، وسيفشل مخططها بإعادة إحياء الإمبراطورية العثمانية  السنية للهيمنة على العالم الإسلامي ، ويتحدث عن أهمية إشغال تركيا بقضاياها الداخلية ، وذلك بهدف جعلها تنكفئ عن قضايا الخارج .

لا شك بأن  خطاب رائفي بور هذا  قد أسهم في حقن الشباب الإيراني  بجلكوز الكراهية  تحت مظلة الخطاب المتوتر واللغة المشحونة، والتركيز على بناء الحالة الصراعية ، لتغري بعض الجهلاء المعبئين  مذهبياً ليكونوا  وقود الحرب المقدسة القادمة  ، وتهيئتهم نفسياً للذهاب إلى سوريا والقتال هناك لذبح الشعب السوري .

إن الدور الذي بات يلعبه أمثال بور  يهدف لبناء الشخصية الإيرانية المستعدة لممارسة أبشع صور العنف والإرهاب ، من خلال التوسل بوسائل التواصل الاجتماعي التي ينفث سمومه من خلالها ، والتي  أصبحت أكثر وسائل التواصل البشري تأثيراً في صناعة الثقافة، وتشكيل الوعي ، وبناء الشخصية .

د.نبيل العتوم                                                                                           

رئيس وحدة الدراسات الإيرانية                                       

مركز أمية للبحوث و الدراسات الاستراتيجية

وسوم: العدد 672