"سرايا المقاومة" تُجنّد للقتال في سوريا

"سرايا المقاومة" تُجنّد للقتال في سوريا

فادي شامية

- المستقبل- السبت 26 نيسان 2014 - العدد 5016 - صفحة 3

حالها كحال الحزب الذي أنشأها؛ نقل "حزب الله" ثقله العسكري إلى سوريا، فانتقلت معه سرايا "المقاومة". قائمة من الخدمات أمّنتها سرايا "المقاومة" لـ "حزب الله" منذ تأسيسها في العام 2008؛ اختراق الطوائف الأخرى بدعوى المقاومة (قبل العام 2000)، والتخريب على السلم الأهلي بشغب الشوارع (من العام 2006 إلى اليوم)، وصولاً إلى تجنيد المقاتلين السنة للقتال في سوريا (اعتباراً من العام الماضي، مع التكثيف خلال معارك القلمون هذا العام).     

تخريب السلم الأهلي

يمكن عد الكثير من أعمال تخريب السلم الأهلي منسوبةً إلى هذه السرايا؛ في الشمال، والبقاع وبيروت، وإقليم الخروب، وصيدا، والعرقوب وهي المناطق التي تنتشر فيها هذه السرايا التي تضم بالدرجة الأولى؛ العاطلين عن العمل، ونسبة لا بأس فيها من أصحاب السوابق الجرمية والأخلاقية، ومتعاطي المخدرات.

في صيدا؛ لعبت السرايا دوراً كبيراً في تسعير الأحداث ومواصلة استفزاز الحالة الأسيرية لجرها إلى مقتلها، وهو ما حصل بالفعل. كان يُفترض أن يتقلص انفلاشها في المدينة عقب ضرب الجيش اللبناني (بمشاركة مقاتلين من "حزب الله" وسرايا "المقاومة") لهذه الحالة، لكن –على العكس من ذلك- زاد انفلاشها وتجرؤها على الناس، لدرجة أنها أحرجت من يفترض أنه قريب منها (عقب اعتدائها على أحد المواطنين؛ أصدر التنظيم "الناصري" بياناً في 13/11/2013   يطالب فيه "القوى الأمنية بالتصدي بحزم لمثيري الإشكالات كائناً من كانوا، ووراء أي غطاء أو شعار تلطوا").

ليس هذا فحسب؛ إذ ثمة من أخذه الجنون إلى حد دفع هذه السرايا للمشاغبة على قيادة قوى الأمن الداخلي في الجنوب، بمجرد أن تسلّمها العقيد سمير شحادة (بالتزامن مع حملة إعلامية عليه). الغطاء الأمني والسياسي – وحتى الإعلامي- جرّأ هؤلاء على التعدي على الناس وتحدي قوى الأمن الداخلي، لدرجة خوض جولات كر وفر وقطع طرقات في محلة الفيلات في صيدا في شهر آذار الماضي.

وكما في صيدا؛ تنتشر مجموعات من هذه السرايا في أحياء مختلفة من بيروت، وفي عرمون وبشامون. الاستقواء على الناس هو نفسه، وتخريب السلم الأهلي نفسه، والاشتباك الأخير في محيط المدينة الرياضية دليل جديد (22/3/2014)، واشمئزاز الناس واحتقانها تجاه هؤلاء ومن يدعمهم أيضاً (في تعقيبه على نشاط السرايا في بيروت؛ نصح النائب وليد جنبلاط "حزب الله" بـ "إعادة تصويب البندقية وإلغاء سرايا المقاومة" التي وصفها بأنها "لا قيمة لها ولا معنى" – 23/3/2014).

ومما لا ينبغي القفز فوقه لدى الحديث عن السرايا؛ إقدامها على محاولة إحداث فتنة في العام 2012، من خلال محاولة فاشلة لإحراق تلفزيون "الجديد" ثم التحضير لاستهداف تلفزيون "المستقبل"، وقيامها بعراضات مسلحة في شوارع بيروت وأمام وزارة الداخلية، للمطالبة بإطلاق سراح "بطل" هذه المحاولة؛ وسام علاء الدين! (وكذا الاعتداء على شيخين من دار الفتوى في محلة الخندق الغميق).

القتال في سوريا

اعتباراً من العام الماضي؛ بدأ "حزب الله" بإدخال مقاتلين من سرايا "المقاومة" إلى سوريا. الغالبية الساحقة من هؤلاء هم من السنّة. يخضعهم الحزب لدورة عسكرية سريعة ثم يلحقهم بجبهات القتال. بعض العائدين روى وقائع فظيعة من الارتكابات غير الإنسانية، والممارسات الطائفية لمقاتلي الحزب هناك، فقرر ألا يعود، والبعض الآخر عاد مرات ومرات.

مع تزايد الهجمات الإرهابية التي استهدفت مناطق نفوذ "حزب الله" في لبنان؛ استعان الحزب بالسرايا لضبط الأمن، لا سيما في عدد من مناطق البقاع، فازداد انفلاش هذه السرايا في البقاع (في 16/3/2014 قُتل أحد عناصر السرايا في انفجار النبي عثمان؛ خليل خليل من بلدة الفاكهة، أثناء قيامه بأعمال الحراسة الأمنية).

ومع ازدياد حاجة "حزب الله" إلى مقاتلين من جهة، ورغبته في إقحام شرائح من غير الشيعة في حربه السورية من جهة أخرى؛ أناط الحزب بالسرايا تأمين هؤلاء المقاتلين. في إقليم الخروب رفضت مجموعات السرايا الذهاب إلى سوريا أو تجنيد شباب لهذه الغاية. في طرابلس الأمر نفسه أيضاً، لكن التجنيد جارٍ بقوة في البقاع وصيدا وفي قرى العرقوب.

وتشير المعلومات إلى أن مجموعات من السرايا؛ من البقاع وصيدا –تحديداً- انتقلت في الأسابيع الأخيرة، على دفعات إلى البقاع، حيث خضعت لدورات تعبوية وعسكرية (بعض هؤلاء مطلوب بمذكرات توقيف)، ثم انتقلت إلى سوريا، وقد عاد بعض هؤلاء جرحى، فيما تحدث آخرون أو نشروا صوراً لهم وهو يحملون سلاحاً في مناطق سورية. 

وكان الحزب نعى قتلى ينتسبون إلى السرايا اعتباراً من العام الماضي كان آخرهم القيادي في السرايا نعيم علي زهوي (9/10/2013، وقد سبقه أكثر من نعي لمنتسبين للسرايا من صيدا وكفرشوبا في العرقوب).  

لا إعلان بعبدا، ولا مواقف رئيس الجمهورية، ولا تشكيل حكومة جديدة... ردعت "حزب الله" عن توريط نفسه ولبنان في الأتون السوري، وما نشهده مزيد من توريط الشباب اللبناني في مغامرات الموت... والكل عاجز أمام "فخامة" السلاح، الذي يقتل ويخرب باسم المقاومة.