كيف نتقدم وهذه حالنا؟
من الملفت للنظر، أن أحد نقاط الضعف الأساسية أمام التسوية السياسية للصراع بين حركتي فتح وحماس تكمن في الاستقطاب الثنائي للساحة الفلسطينية، وغياب دور الأحزاب والتنظيمات الفلسطينية في التأثير في مجريات الأمور نحو تحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية.
إن الأحزاب والتنظيمات ضلت الطريق، وما انفكت ترفع شعار الحزب فوق الولاء للوطن، فالحزب عندهم مقدم على الوطن، ولكل فئة رمز ترفعه إلى منزلة بحيث لا يدانيه فيها رمز آخر، وكل حزب يحاول أن يلغي غيره، ويعدّ نفسه المثل الأعلى، ويعدّ غيره على شفا جرف هار أو في قعر جهنم، فمن شأنهم أن يحمل كل على الآخر حملات عنيفة غايتها تجسيم صغائر العيوب، وتصغير كبائر المحاسن، وأصبحوا كالنار تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكله. إنها الفاشية في أجلى رموزها، فمشكلتنا مع الفصائل أنها ترى نفسها وحدها المنزهة عن الأخطاء، تصنع أمواجاً، ثم تجعلك تظن أنها الوحيدة التي يمكنها أن تقود السفينة إلى شاطئ الأمان، فهي لم تضع حاجيات شعبها موضع التفضيل، ولم يعتبرها الناس الناطقة الحقيقية بلسانهم، كونها تخدم أغراضها الفئوية الضيقة، وتحرم الآخرين من برها وخيرها، وتقصره على منتسبيها من المنتمين والمهللين، وهم مَن ينشدون الكفة الراجحة ليدوروا في فلكها، وأصبحت الوظائف الإدارية العليا وقفاً على تنظيمات بعينها، ولمن يدين لها بالولاء، حتى كاد هؤلاء أن يحتلوا جميع مناصب السلطة، وإذا أُسندت المناصب بغير محلها، ووضع الرجل المناسب في المكان غير المناسب.
فكيف نتقدم وهذه حالنا؟ وللأسف أصبحت فلسطين البقرة الحلوب التي عصر ضرعها دون أن يترك فيه فضلة للفلسطينيين، فالهدف من بناء أي دولة هو سعادة أبنائها أجمعين، وليس سعادة فئة واحدة معينة منها.
وسوم: العدد 731