النتيجة الحتمية لكل المحاولات التي تستهدف الإسلام هو انتصاره وزيادة الإقبال عليه

تلتقي أطراف عدة  وتتفق على استهداف الإسلام بشكل أو بآخر . وهذه الأطراف يمكن حصرها فيما يلي :

1 ـ الغرب الصليبي عقيدة والعلماني ممارسة : وتعود حكاية عداء هذا الغرب للإسلام إلى ما يعرف بزمن الحروب الصليبية . وإذا كان الغرب اليوم يحاول التنكر لاستمرار نزعته الصليبية وعدائه للإسلام ، فإن واقع الحال يكذب ذلك . ولن ينسى الموقف الصليبي  المكشوف للرئيس الأمريكي الأسبق بوش الابن إبان غزوه للعراق . ولن ينتهي أبدا العداء الصليبي للإسلام كما أكد ذلك الوحي الذي لا يأتيه باطل من بين يديه ولا من خلفه . وإذا كانت الحروب الصليبية في الماضي عبارة عن احتكاك مباشر بين المسلمين والصليبيين ، فإنها تأخذ اليوم شكل حروب تقوم بها أطراف مستأجرة  بالنيابة عن الغرب الذي يقوم بدور التخطيط لها ، ويفرض على الخاضعين له تمويلها ، فضلا عن مساهمته الفعلية فيها كما هو الشأن في بؤر التوتر في منطقة الشرق الأوسط . ومن التكتيك الذي يتبعه الغرب في حروبه الصليبية بنسختها الجديدة خلق عصابات إجرامية ترفع شعار الإسلام وتمارس العنف الأعمى باسمه ، وهي عصابات لا تختلف عن عصابات المرتزقة كعصابة بلاك وتر التي صاحبت الغزو الأمريكي للعراق والتي انتهى دورها عندما حلت محلها عصابات داعش  الإجرامية التي قدمت للغرب أكبر خدمة من خلال إعطائه ذريعة للتدخل في بؤر التوتر لخلق الواقع الذي يخدم ما يسميه مصالحه الاستراتيجية  بما لكلمة استراتيجية من دلالة حربية . ولقد ركب الغرب عصابات داعش لقلب الموازين السياسية والديموغرافية في العراق وسوريا  لفائدة الطوائف الشيعية  ودعما لنظاميين شيعيين على حساب الطائفة السنية التي بات الغرب ينسبها  بهتانا لعصابات داعش . وإذا كان الغرب الصليبي يسعى إلى تشويه الإسلام من خلال نموذج عصابات داعش الإجرامية التي صنعها مخابراتيا ، فإن الله عز وجل عكس مراده حيث ازدادت معرفة الرأي العام العالمي بحقيقة الإسلام المنزه عن العدوان والعنف والإرهاب كما يصفه بذلك الغرب انطلاقا من عصابات هو منها براء ، كما ازداد إيمان المسلمين بأن تلك العصابات لا تمت بصلة إلى الإسلام بل افتضح أمرها خصوصا بعدما صرحت دوائر غربية بأن الغرب مسؤول عن صناعتها لتكون أداة حربية يستعملها لتحقيق أهدافه غير المعلنة .

2 ـ الأنظمة الفاسدة في الوطن العربي والتي ترتبط مصالحها بمصالح الغرب الصليبي والتي تتبنى فكرة العداء الغربي الصليبي للإسلام  بشكل مموه ، وتركب  كالغرب ذريعة عصابات داعش الإجرامية لتبرير استبدادها  وتصفية حسابها مع من يعارضها خصوصا إذا كانت مرجعيته إسلامية ، وهي تحاول احتكار الإسلام وترى نفسها وصية عليه وناطقة رسمية باسمه . وبالرغم من محاولاتها الإساءة إلى لإسلام  سواء عن طريق استغلاله لتبرير فسادها واستبدادها أو عن طريق تجريم من يرفض فسادها واستبدادها وإلحاقه بعصابات داعش الإجرامية لتبرير استئصاله كما هو الشأن بالنسبة للنظام المصري الذي أجهز على تجربة ديمقراطية وعلى الشرعية  بانقلاب عسكري من تخطيط الغرب الصليبي وتمويل عربي خليجي ، واتهم الذين فازوا في الانتخابات في مصر  بين عشية وضحاها بالانتماء إلى عصابات داعش الإجرامية ، و تمت ببساطة شرعنة محاربتهم وأسرهم ومحاكمتهم وقتلهم  والتكيل بهم، فإن النتيجة لصالح الإسلام حيث سقطت أقنعة الأنظمة الفاسدة ، وانكشف انخراطها مع الغرب في حربه  القذرة ضد الإسلام كما عكس ذلك مؤتمر الرياض الأخير الذي ترأسه الرئيس الأمريكي ترامب . ولم يكن الغرب يتوقع أن يقبل الإسلاميون في مصر على سبيل المثال لا الحصر قبول المشاركة في اللعبة الديمقراطية ،كما أنه لم يكن يتوقع فوزهم في الانتخابات مع أن التجربة الانتخابية سنة 1991 في الجزائر أثبتت قبول الإسلاميين المشاركة في اللعبة الديمقراطية، كما أثبتت فوزهم، وكان ما كان من انقلاب العسكر عليهم تنفيذا لقرار غربي . ومصير الإسلاميين بالنسبة للغرب لا يخلو إما أن يكون رفضهم للعبة الديمقراطية ،فتقام عليهم الحجة بأنهم ضد الديمقراطية ، أو يقبلون المشاركة في تلك اللعبة و مع ذلك لا يفارق الغرب الشك فيهم بأنهم إنما يركبون الديمقراطية من أجل الوصول إلى مراكز صنع القرار ليستبدوا بها بعد ذلك حسب اعتقاده أو توقعه أو توجسه مما صار يسميه الإسلام السياسي .

3 ـ الكيان الصهيوني : الذي يرى في المقاومة الفلسطينية التي تنتسب إلى الاسلام أخطر عدو يهدد وجوده ،علما بأن عداء اليهود للإسلام عبارة عن عداء تاريخي . وكما أن الصليبيين لن ينسوا عداءهم للإسلام ، فلن ينسى اليهود أيضا عداءهم له ، وكما أن الحروب الصليبية أخذت منحى وأسلوبا جديد للتمويه عليها ، فإن حرب اليهود مع الإسلام أخذت منحى وأسلوب جديدا قديما وهو التفريق بين المحسوبين على الإسلام وذلك باتخاذ فريق منهم أصدقاء وفريق آخر أعداء ، والأعداء بطبيعة الحال هم الرافضون لدولة إسرائيل ، والأصدقاء هم الذين يقبلون بهذا الكيان  وبالتطبيع والتعايش معه على حساب القضية الفلسطينية . ومع كيد الصهاينة للإسلام من خلال اتهام المقاومة  الفلسطينية الإسلامية بالإرهاب فإن الإسلام لا يزداد إلا قوة في فلسطين المحتلة وفي الوطن العربي ، ولا يمكن أن ينعم الكيان الصهيوني بالأمن والسلام ما دام يحتل أرض الإسلام التي ليست أرضه بالقوة .

4 ـ التيارات الطائفية المنتسبة للإسلام والتي تريد فرض وصايتها عليه ، وتضفي على طائفيتها المشروعية كما هو الشأن بالنسبة للشيعة الروافض الذي يريدون تسويق عقيدتهم المنحرفة  في الوطن العربي ، ويجرمون من يرفضها ، ويحاربونه ، ويتآمرون مع الغرب الصليبي ومع الصهيونية ضده . ولا يزداد الإسلام إلا قوة بالرغم من هذا التآمر ، ولا يزداد المسلمون السنة إلا استمساكا بهذا الدين ، وإنكارا للطائفية التي سقط قناعها في العراق وسوريا ، وهي تخوض حربا  قذرة ضد المسلمين السنة نيابة عن الغرب الصليبي والكيان الصهيوني ، وقد وجدت في عصابات داعش الإجرامية التي صنعها الغرب ذريعة لتصفية حسابها مع المسلمين السنة وقد تمادت في اضطهادهم وطردهم من مناطقهم  بإيعاز من الغرب .

5 ـ الطوابير الخامسة العلمانية المبثوثة في الوطن العربي والتي تحارب الإسلام جهارا من أجل تثبيت العلمانية  فيه ، وهي حرب تخوضها هذه الطوابير الخامسة نيابة عن الغرب العلماني ممارسة والصليبي اعتقادا . وحرب هذه الطوابير الإعلامية  ضد الإسلام لا تزيده إلا قوة ورسوخا في أفئدة أتباعه . وعلى قدر طغيان المد العلماني تزداد قوة الإسلام ، ولا يدري العلمانيون أن شدة عدائهم للإسلام تخدمه عكس ما يريدون .

6 ـ الفئات المرتزقة بالإسلام وهي كثيرة تعلن انتسابها إليه ، ولكنها تتخذه مطية لخدمة مصالحها كجماعات وكأفراد ، وفيها محسوبون على العلماء والدعاة الذين يوظفهم الغرب  وتوظفهم الأنظمة العربية الفاسدة في حربهما ضد الإسلام ، وقد سقطت أقنعتهم ، وانكشف أمرهم كما انكشف أمر عصابات داعش الإجرامي.

ولقد فقد هؤلاء مصداقيتهم لدى الشعوب العربية المسلمة ، ولم يعد أحد يثق فيهم ولا في محاولة  فرض وصايتهم على الإسلام الذي يريد الغرب أن يلبسه جبة غربية من خلال  ما يسمى مشروع أسلمة الحداثة أو تغريب الإسلام .

وأخيرا يبدو أن أعداء الإسلام على اختلافهم  لم ينتبهوا إلى كتاب الله عز وجل وهو الحق الذي لا يأتيه باطل من بين يديه ولا من خلفه  يعلن العزة للإسلام ،وهو الذي قص خبر حروب أعداء الإسلام  معه عبر تاريخ البشرية الطويل ، وهي حرب  كان الإسلام يكسبها على الدوام لأنه  دين الله ،ولا غالب إلا الله عز وجل وله العزة سبحانه  ولرسله  وللمؤمنين .

وسوم: العدد 736