هل يَجِدُ الملفُ السوريّ طريقَه إلى مجلس الأمن مرورًا بإدلب
و هو في طريقه إلى الحلّ السياسي، سيجدُ الملفُ السوريّ طريقَه إلى مجلس الأمن، وفق خطة السلام في سورية، التي وضعتْها مؤسسةُ " راند "، بتكليف من دوائر صنع القرار في أمريكا بين عامي: 2015/ 2016، حيث أشارت إلى أنّه و في نهاية الخطة، يُحتمل أن تُستتبع بإجراءات عملية، فيمكن للنظام المتمركز في دمشق أن يقدم خدمات و مرافق محددة لمختلف المناطق؛ فيما تحتفظ السلطات المحلية بمسؤولية الحكم المحلي والأمن، وستكون هذه -جميعًا- قضايا يُنجزها السوريون تحت إشراف الأمم المتحدة، و بتشجيع من القوى الخارجية، و إذ سيكون حلّ هذه القضايا عسيرًا للغاية؛ فإنه أقل مشقّة من استمرار أمد القتل.
و سيتولى مجلس لتنفيذ السلام the Peace Implementation Council المراقبة الدولية؛ لوقف إطلاق النار، و دعم العملية السياسية، وفق النموذج البوسني، و يتشكّل من الدول المذكورة أعلاه " روسيا، تركيا، إيران، الأردن " ، إضافة إلى دول أخرى مستعدة للمساهمة بصورة ذات معنى. و يكون هذا المجلس منتدبًا، و موكلًا من جانب مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة؛ لضمان مراقبة وقف إطلاق النار.
و يبدو أنّ ملامح هذه الخطة قد أخذت بالظهور، حيث أشار الرئيس الكازاخي " نور سلطان نزار باييف "، في مؤتمر صحفي يوم الخميس: 14/ 9، في أثناء استضافة بلاده للجولة السادسة من " أستانا 6 ": إمكانيّة بلاده إرسال قوات إلى سورية، في حال اتخاذ الأمم المتحدة قرارًا في هذا الشأن.
و إلى مثل ذلك ألمحت تقارير صادرة عن المسؤولين الأتراك، في أعقاب ضمّ منطقة " إدلب " إلى مناطق خفض التصعيد، و احتياج الأمر إلى قوات مراقبة من الدول الثلاث " روسيا ، تركيا، إيران " الضامنة لها، يقدّر عددها بـ " 1500 " جندي.
و لذلك تمّ تأجيل هذه النقطة إلى " أستانا 7 " في نهاية تشرين الأول القادم، حيث تتردّد تركيا " على وجه الخصوص " في الإقدام على هذه الخطوة، بعدما بسطت القاعدة سيطرتها على إدلب، إذْ تخشى أن تجد نفسَها وحيدة في وحدات إدلب الإدارية الـ " 880 "، دونما قرار أو توافق أممي؛ الأمر الذي يجعلها في مواجهة غير مضمونة النتائج مع الجماعات الرافضة لها.
و هو الأمر الذي سيجعل النظام و إيران في غاية السعادة، و غير مستبعد أن يكون ذلك مريحًا للأمريكان و الروس أيضًا، في حال تباينت رؤاهما مع الرؤية التركية لشكل الحل في سورية.
فالمسؤولون الأتراك ـ و هم على تماس جغرافي لصيق مع إدلب ـ يعرفون جيدًا حجم التدخل الدولي، الذي سهّل سيطرة هيئة تحرير الشام على القسم الأكبر من محافظة إدلب، ولاسيّما بعد سيل التسريبات و الانشقاقات الأخيرة، التي كشفت أبعاد العلاقة بين الهيئة و إيران، و حتى مع النظام في دمشق، اللذين بديا مسرورين لجملة الخطوات التي أقدمت عليها الهيئة تجاه الفصائل المحلية، و هي في طريقها لتلك السيطرة.
و هي المصنّفة على أنّها الفرع السوري لتنظيم القاعدة، على الرغم من أنّها أعلنت مسبقًا فك ارتباطها مع القاعدة، و غيّرت اسمها من جبهة النصرة إلى هيئة تحرير الشام، لكن خبراء و مسؤولين مازالوا يعتبرون أنها عمليًا لم تفعل شيئًا سوى تغيير الاسم.
و قد عزّز من هذه النظرة إصرار تنظيم القاعدة على التعامل مع الحالة السورية، كجزء من اهتماماته و مشاريعه، في مقاومة مساعي الهيمنة العالمية على بلاد الإسلام، على حدّ تعبير " حمزة بن لادن، نجل الزعيم المؤسس للقاعدة ".
فقد دعا هذا الشاب العشريني، في تسجيل صوتي نشره قبل أيام قليلة، موقع مؤسسة السحاب للإنتاج الفنّي والإعلامي التابع للتنظيم: ( أمّتَه المسلمة، و إخوانه المسلمين في إندونيسيا، و في المغرب الإسلامي، إلى قتال العدوّ الصليبيّ و الروافض في سورية؛ فما يجري فيها ليست محنة الشام فحسب، بلْ إنّها محنة الإسلام عمومًا، و لكي يستطيع أهل الشام صدّ هذا العدوان " الصليبي ـ الرافضي " العالمي، لابُدَّ من تكاتف المسلمين كل المسلمين، ولا بُدَّ من اليقظة و التحرك السريع الجاد المنظم لدعم أهل الشام المباركة قبل فوات الأوان، و يجب على المسلمين اعتبار قضية الشام قضية الأمة كلها ).
و هو الأمر الذي يراه مسؤولون ومحللون سعيًا منه، لقيادة القاعدة مستفيدًا من هزائم تنظيم الدولة الإسلامية؛ و لتوحيد المقاتلين الإسلاميين المتشددين في العالم أجمع تحت رايته.
لذلك يرى المراقبون أنّ تنظيم القاعدة، قد وفّر الأرضية المناسبة للأطراف الدولية؛ للتحرّك في الملف السوريّ، و بوجب قرارات مجلس الأمن المُصنِّفة له على اللوائح السوداء للإرهاب، و هو ما يكسبُها شرعية في تحرّكها، و يجعلها تتصدّى لمن يعرقل مساعيها في سورية، و في إدلب على وجه الخصوص، مستندة إلى تلك القرارات المحصنة من مجلس الأمن.
وسوم: العدد 738