الأورومتوسطي: سكان الغوطة الشرقية يعانون من حصار وتجويع كارثي من قبل النظام السوري
جنيف- قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إن الأوضاع في الغوطة الشرقية بريف دمشق "كارثية" نتيجة الحصار المفروض عليها من قبل قوات النظام السوري منذ نحو خمس سنوات، حيث تعاني من نقص شديد في الأدوية والمستلزمات الطبية والمواد الغذائية، معتبراً ذلك "صورة من صور العقاب الجماعي وجريمة حرب مستمرة يرتكبها النظام السوري دون التفاتة حقيقية من دول العالم".
وبيّن الأورومتوسطي -الذي يتخذ من جنيف مقرا له- أن معظم مدن الغوطة الشرقية، والتي تمتد في محيط دمشق شرقاً وجنوباً وتشمل مدن دوما وزملكا و حزّة وكفربطنا وعربين، ويسكنها أكثر من 350 ألف مدني، تعاني من حصار خانق فرضته قوات النظام السوري منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2012، ثم شددته في 2013 و2017، وهو ما أسفر عن أزمة إنسانية حقيقية تعيشها المنطقة في ظل 5 سنوات من الحصار، يرافقها اشتباكات مسلحة عنيفة تحدث بين الحين والآخر بين بعض الميليشيات داخل مدن الغوطة، ما يفاقم من الأزمة الإنسانية التي تعانيها المنطقة.
ولفت الأورومتوسطي إلى أن الحصار -الذي ما زال مستمراً رغم اتفاقيات التهدئة وخفض التصعيد التي يفترض أن تشمل الغوطة- أدى على مدار سنواته الخمسة إلى وفاة مئات المدنيين من سكان الغوطة، معظمهم من الأطفال، مشيراً إلى وفاة ثلاثة أطفال في الأيام الأربعة الأخيرة بسبب سوء التغذية الحاد وعدم توفر العلاج الطبي.
وقالت ساندرا أوين، المتحدثة باسم المرصد الأورومتوسطي: "إذا استمر الوضع على ما هو عليه فإن حياة مئات الأطفال في الغوطة مهددة بالموت". وأضافت: "العديد من الأطفال أصبحوا أشبه بهياكل عظمية، وهناك ألف طفل على الأقل يعانون من سوء تغذية حاد، فيما لا تحصل الأمهات والمرضعات على الرعاية الصحية الجيدة أو الغذاء المناسب".
وأعرب المرصد عن قلقه من استمرار تدهور الأوضاع المعيشية للمدنيين في الغوطة الشرقية، حيث أن هذه الفترة هي الأشد بالنسبة للسكان، لا سيما بعد قيام قوات النظام السوري بالسيطرة على الأنفاق التي كانت تمرّر المساعدات الإنسانية للمنطقة في فبراير (شباط) الماضي، وامتناعها عن فتح المعابر والطرق أمام حركة البضائع والمساعدات لمدن الغوطة بما في ذلك تلك التي تصل عبر وكالات الأمم المتحدة، حيث وصلت آخر المساعدات قبل أكثر من شهر، فيما تستمر قوات النظام بقصف الغوطة بهدف اقتحامها، مع استهداف ممنهج ومتعمد قام به النظام لحقول القمح والشعير بالقذائف الحارقة، الأمر الذي ينذر بكارثة إنسانية خطيرة.
وأكد الأورومتوسطي على أن ما تمارسه قوات النظام السوري، مدعومة بالحلف الإيراني والغطاء السوري، بحق منطقة الغوطة الشرقية، ما هو إلا استكمال لسياسة العقاب الجماعي الممنهج التي مارستها قوات النظام على مدار السنوات الماضية، مشيراً إلى أن عزل المدنيين عن مصادر الطعام والحاجيات الأساسية والمساعدات اللازمة لحياتهم وتعريضهم للقصف الجوي والمدفعي اليومي، والذي غالباً ما يتسم بالعشوائية، يمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، ويرقى إلى اعتباره ضمن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.
ولفت المرصد إلى أن مبدأ حماية المدنيين وعدم اعتبارهم محلًا لأي هجوم خلال العمليات العسكرية يعد أحد المبادئ الأساسية للقانون الدولي الإنساني، وهذا يتضمن حظر تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب، بما في ذلك تعمد عرقلة الإمدادات الإغاثية والطبية.
وطالب المرصد في نهاية بيانه السلطات السورية بالالتزام باتفاقيات التهدئة وإنهاء الحصار المفروض على الغوطة الشرقية وغيرها من المناطق الآهلة بالسكان المدنيين في سوريا، و السماح لهيئات الأمم المتحدة وشركائها الميدانيين بإيصال الأغذية والوقود والأدوية والمواد والتجهيزات الجراحية والطبية الأخرى إلى المدنيين المحتاجين إلى مثل هذه المعونات في مختلف أرجاء سوريا، بما في ذلك المناطق الخاضعة للحصار من جانب القوات الحكومية.
كما دعا الأورومتوسطي مجلس الأمن إلى تفعيل قراراته حول إيصال المساعدات الإنسانية، وفتح ممر إنساني للمحاصرين في الغوطة الشرقية، وفرض إدخال المساعدات اللازمة لهم براً أو جواً بالسرعة الممكنة.
وسوم: العدد 743