من تاريخ أمريكا الحرية
[ من بحث بعنوان: "الجلّاد المقدّس"، للكاتب الأمريكي السوري الفلسطيني: منير العكش ]
ومع أن وثائق تجارة العبيد قد اختفى معظمها، فإن هناك إجماعاً على أن عدد السود الذين اصطيدوا من أفريقيا وشُحنوا إلى أمريكا لا يقل عن ستين مليوناً، لاقى ثلثاهم مصرعهم في عرض البحر المحيط مرضاً وقتلاً وانتحاراً وغرقاً وتعذيباً. لهذا لم يكن غريباً أن تجد سرباً من سمك القرش يواكب سفينة شحن العبيد في انتظار من يلقى بهم من تلك الأرواح الشقية أو من أولئك المتمرّدين الذين لا يجدون سبيلاً إلى الحرية إلا بالموت كما يروي المؤرخ جون كلارك John Henric Clark. وكيف لا يُصاب العبد بالأمراض المُهلكة وهو مقيّد بالسلاسل في قاع السفينة لا يُطعم إلا قذراً ولا يُسقى إلا كدراً، دامياً تحت السياط، مريضاً دون علاج، متروكاً في هاوية الموت، وحيداً كأن الأرض لم تعرف إنساناً غيره.
حدثنا جون نيوتون John Newton أحد قباطنة سفن العبيد بعد أن تاب ودخل الدير تكفيراً عن ذنوبه فقال: "كنا نصفّد العبيد من أقدامهم بسلسلة واحدة ونحشرهم على رفوف كأنها التوابيت في قاع السفينة مع الفئران والجرذان التي كانت تمتص جراحهم. وكنا في كل صباح نستيقظ لنجد الميت والحي مصفدين معاً بقيد واحد".
وسوم: العدد 1043