أنصاف الحقائق والقمع: أدوات نظام بشار الأسد السوري
أنصاف الحقائق والقمع:
أدوات نظام بشار الأسد السوري
ريتشارد سبينسر
دايلي تيليغراف
لم يكن هناك الكثير من الأمور عدا الأسئلة. لم يكن هناك أي علامة على انفجار مترافق مع دمار واسع, ولم يكن هناك أضرار عدا عن بضعة من النوافذ المكسرة. لقد قال العديد من السكان المحليين أنهم سمعوا الانفجار و لكنهم لم يروا ماذا حدث, و قد كانوا خائفين من الذهاب و معرفة ما حدث.
و أولئك الذين يعرفون أكثر كانوا في حيرة. يقول أحد السكان المحليين "من بين الجرحى ابن عمي, حيث قتل برصاصة في صدره, عندما كنا في المستشفى, التقينا بعائلة أخرى, حيث كان هناك رجل مصابا بطلقة في رأسه".
خلال عام من الانتفاضة ضد حكم الرئيس بشار الأسد, وفي جولة سطحية في دمشق فإنك يمكن أن تجد أن المدينة تمتلئ بأمور غامضة كهذه. إن أجزاء كبيرة من المدينة تعج بالحيوية, و لكن عندما تغلق المحال التجارية, لا يمكن لأحد أن يفسر ما يحدث.
لقد أخبر الصحفيون الذين سمح لهم بالدخول بتأشيرة رسمية أنه لا يمكنهم الذهاب إلى أي مكان يريدونه, و لكنهم يوقفون عندما يقومون بذلك. لقد قيل لهم أن الأمر خطير جدا و أن هناك إطلاق نار في كل مكان, ومن ثم يتعرضون للنقد بسبب "كذبهم" و تصويرهم المدينة على أنها غارقة في العنف.
هذه التصريحات الرسمية, على الرغم أنها ليست بوقاحة أوهام نظام القذافي في ليبيا. إلا أن الكذب و الإرهاب هي من أداوت الدكتاتوريات السيئة. أولئك الذين يحسنون الأداء أكثر من غيرهم, كما يفعل نظام الأسد في العاصمة على الأقل, يفضلون أنصاف الحقائق و القمع الذي يتأرجح ما بين ما هو مرئي و ما هو غير مرئي.
إن هناك الكثير من الأمور الطبيعية في دمشق, و لكن ما هو طبيعي يبدو مصمما بشكل متعمد من أجل إبقاء الناس في حالة من الارتباك و التوتر حول حقيقة ما يحدث حقا.
لقد وقع انفجار الميدان بينما كان الناس يخرجون من صلاة الجمعة في مسجد زين العابدين. لقد وصفت التقارير المشهد بوجود أجزاء بشرية و بقع من الدماء, وقد قيل بأن 9 أشخاص بما فيهم 5 من رجال حفظ النظام و ثلاثة مدنيين قتلوا.
لقد حصل الانفجار دون شك, و قد التقط له الصور من خلال التلفزيون السوري الرسمي و الذي كانت كاميراته و للمصادفة على ما يبدو موجودة في نفس المكان.
يقول أحد السكان "بالكاد كان لدي وقت لأقفز, لقد تلفت حولي و قد كان هناك سحب من الغبار, و لكن لم يكن هناك دخان أسود, كما لو كان انفجارا حقيقيا, و لم يكن هناك لهب أو ألسنة نيران", كما كان هناك أمر غير , حسب روايته و روايات أخرى فقد كان هناك إطلاق نار متواصل , على الرغم من أن هذا الأمر لم يذكر في التقارير الرسمية.
كما أن المسجد يبدو خيارا غريبا لكي يقوم المتمردون بالهجوم عليه, حيث أنه مركز للمظاهرات المناهضة للنظام.
من غير المستحيل, أن يتم اختياره بدقة , كما يقر الناشطون, بسبب وجود رجال حفظ النظام, وذلك في توقيت غير مناسب.
بعد أن هزمت القوة المفرطة معاقل قوية مثل حمص في وسط البلاد, فقد تحول المتمردون إلى حرب العصابات. و لكن هذا الأمر يضيف غموضا إلى الموضوع وهو ما تغذيه السلطات.
على امتداد الميدان, هناك تباين فيما بين ما يظهر على السطح و ما يجهز الناس لقوله. إن الشعارات تقول "ارحل يا أسد" و "حمص الشجاعة". ولكن محمد الحلبي و هو حلاق محلي, يقول بحذر بأن المعارضة قد جرى تضخيمها من قبل الجزيرة.
إن النظام ليس بحاجة إلى وجود حقيقي من أجل فرض مثل هذا الولاء, كما كان يفعل العقيد القذافي. في الليل, بحسب أحد أصحاب المحال, يأتي الجيش و يهدد و يقوم بإطلاق النار حيث قام بإطلاق النار على مكيف لأحد السكان كما قام بإطلاق النار على عتبة أحد المحال التجارية.
و لكن لا داعي لإخفاء الأمر. أحد ضباط المخابرات, و الذي وجد من الضروري يوم السبت مساء بأن يقوم بفحص أوراق الدايلي تيليغراف كان سعيدا بمرافقته لي حيث كان ما بين 30 إلى 40 رجلا مصطفون قريبا من بعضهم و أيديهم فوق رؤوسهم.
لقد كان هناك رجلان في منتصف العمر يتلقيان معاملة خاصة, حيث كانت تغطي أعينهما العصابات و يواجهان جدارا منفصلا. وقد كان هناك شاب بملابس عادية يقوم بضرب أحد الرجلين على رأسه.
و كما يظهر صخب المدينة, فإن الأمر بحاجة إلى أكثر من بضعة من المظاهرات لإجبار الأسد على الرحيل. و لكن الشعور بعدم الارتياح و الذي تخلقه التفجيرات هو سبب قوتهم, و ليس سبب بضعفهم. يقول الرجل الذي أصيب مكيف جاره بطلق ناري من الجيش "الجيش يدخل و يخرج, و لربما يسمعون ما نقول فعلا".