33 مجموعة مسلحة غير مرتبطة هيكليّاً بـ«الجيش الحر»
دراسة أميركية:
33 مجموعة مسلحة
غير مرتبطة هيكليّاً بـ«الجيش الحر»
أظهرت دراسة أميركية أن غالبية المنضوين في المجموعات المسلحة في سوريا ليسوا مرتبطين ولو حتى فكرياً بتنظيم القاعدة، بل متدينون ومحافظون زادهم محافظة موت اليسار العربي
لا هم علمانيون، ولا هم تابعون لتنظيم القاعدة. طبيعة المشاركين في الحراك السوري، خاصةً في شقّه المسلّح، أكثر «تعقيداً» مما يبدو، ولو قال من قال إنهم إرهابيون. انقسامهم يجعل مهمة تصنيفهم في خانة واحدة أمراً صعباً، لكنه يجعلهم أكثر عرضة للتطرف. هذا ما تشي به التسميات «السلفية» التي يطلقونها على تظاهراتهم أيام الجمعة، وهذا ما توحي به أسماء فصائلهم المسلّحة.
بعد أربعة أشهر قضاها في سوريا، خلص الصحافي نير روزين، في تقرير نشرته مجلة «فورين بوليسي» الجمعة، إلى أن «ادعاءات» النظام السوري ومناصريه غير صحيحة. فـ«غالبية المشاركين في الثورة ليسوا مرتبطين حتى فكرياً بالقاعدة». ولكنهم، في المقابل «ليسوا علمانيين» كما تقول المعارضة، بل «على العكس هم متدينون ويتحدرون من مناطق محافظة»، وما زادهم «محافظةً» هو «موت» اليسار العربي، بيد أنهم لا يتبعون إيديولوجية ما، «مثلهم مثل غالبية السوريين».
لكن كلما استمر النزاع اتسعت مساحة الإسلام فيه. المساجد باتت تلعب دوراً مركزياً في الحراك أو في قمعه. فالعديد من رجال الدين «تابعون للأجهزة الأمنية أو لحزب البعث»، حسبما قال ناشط معارض لـ: «فورين بوليسي»، التي نقلت عن ناشط آخر في برزة قوله إن «الناس يزدادون تديناً، كلما بات الموت أقرب». الفضائيات، بدورها، عبت دوراً كبيراً في ترسيخ «هيمنة» الإسلاميين، عبر استضافتهم ليل نهار على شاشاتها، فازداد تأثيرهم في المشاركين في التظاهرات.
وتوقّف روزين، صاحب كتاب «تعقب المذابح الناجمة عن حروب أميركا في العالم الإسلامي» عند التسميات التي تطلق على تظاهرات الجمعة. لجميعها «دلالة دينية». أسماء المجموعات المتمردة «إسلامية وحتى سلفية»، مثل كتيبة « أبو دجانة» أو «أبو عبيدة» أو «المهاجرين والأنصار»، حتى أن إحدى هذه المجموعات تحمل اسم «يزيد» المثير للجدل إسلامياً.
ثلاث وثلاثون مجموعة مسلحة تشارك في الحراك، شكّلت محور التقرير الأمني الثالث الصادر عن معهد «دراسات الحرب» الأميركي، الذي يقع في 60 صفحة. وفنّد المحلل العسكري جوزيف هوليداي، الذي عمل في وحدة الاستخبارات في الجيش الأميركي بين حزيران 2006 وأيلول 2011، هذه المجموعات التي لديها هيكلية واضحة وتفتقر للتنظيم، من دون أن يتخذ موقفاً مع تسليح المعارضة السورية أو ضده.
وناقض هوليداي تصريحات وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا، في 7 آذار 2012، بأن «تكوينات المعارضة المسلّحة غير واضحة. ولا بديل عسكرياً يمكن تحديده والتواصل معه». وقال هوليداي إن هذه المعارضة «منظمة وقادرة، حتى ولو كانت غير موحّدة»، معتبراً أن الجيش السوري الحر «يعمل كمظلة أكثر منه هيكلية قيادية عسكرية تقليدية».
ثلاث من هذه المجموعات المسلحة تابعة مباشرة للجيش السوري الحر، هي: لواء خالد بن الوليد، الذي ينشط قرب حمص، وكتيبة هرموش التي تنشط شمالي جبل الزاوية، وكتيبة العمري التي تنشط جنوبي سهل حوران.
أما المجموعات «الكبرى والقادرة» الأخرى فلا علاقة «وثيقة» لها بقيادة الجيش الحر في تركيا، لكنها «تصنف نفسها على أنها تابعة للجيش المنشقّ»، الذي انتقده ضباط منشقون كثر «لعدم قيامه بأي شيء لمساعدة المقاتلين»، حتى بلغ بأحدهم أن اعتبره «لعبة أو واجهة لنقول للعالم إن لدينا قيادة». وهي انتقادات وصفها هوليداي بأنها «مشروعة»، مشدداً على أنه «خلافاً لما يسري في الأعلام بأن هذه المجموعات المسلحة ترتبط بضباط منشقّين»، فإن غالبية المتمردين «مدنيون قرروا حمل السلاح»، عازياً «محدودية» عدد المنشقين إلى «خوف هؤلاء على عائلاتهم، من انتقام النظام».
وقدّم تقرير معهد «دراسات الحرب» نبذة عن المجموعات المسلحة وعددها 33. وفي الآتي أبرز هذه المجموعات:
• محافظة حلب: كتيبة «ابابيل» بقيادة الكابتن عمار الواوي، وكتيبة «حرية» بقيادة النقيب ابراهيم منير مجمور.
• محافظة إدلب: كتيبة «هرموش» التي تنشط في جبل الزاوية وكتيبة «حمزة» التي تنشط في مدينة ادلب وضواحيها، وكتيبة «ابو بكر الصديق» التي لا يعرف من يقودها، ومجموعة «درر بن الأزور» التي تنشط في سرمين، وكتيبة «معاوية» التي تنشط في سراقب.
• خراج حماه وجنوبي إدلب: كتيبة «أبو الفداء»، غير معروفة القيادة.
• محافظة حمص: لواء «خالد بن الوليد» بقيادة المقدم عبد الرحمن الشيخ، وهي المجموعة المسلحة الأكبر في المعارضة وأكثرها فاعلية، وكتيبة «الفاروق» بقيادة الملازم عبد الرزاق طلاس، وكتائب «فادي القاسم» و«محمد طلاس» و«حمزة» و«علي بن ابي طالب» وكتيبة العمليات الخاص.
• درعا: كتيبة «العمري» بقيادة النقيب قيس الكتانة، وكتائب «الناصر صلاح الدين» و«أحمد خلف» و«شهداء الحرية» ومجموعة «رائد المصري».
وأصرّ هوليداي على أن حركة «التمرّد لا تزال قادرة، رغم الهجوم الذي شنّه النظام على حمص في شباط»، وما التصعيد في استخدام القوة من قبل النظام سوى دليل على «فاعلية» المتمردين و«تنامي» عددهم، واصفاً «انسحاب المتمردين من بابا عمر من المدينة في بداية آذار بأنه كان تكتيكياً، بغية الحفاظ على القوة القتالية».
أما «المواجهة» التي جرت بين المتمردين والنظام في الزبداني فكانت «ربما ذات مدلول خاص»، فــ«للزبداني أهمية حيوية بالنسبة إلى النظام السوري وإيران، لأنها تعد المحور اللوجيستي بالنسبة إلى قوة القدس التابعة للحرس الثوري الإيراني، من أجل تزويد حزب الله بالأسلحة».
وبعد عرض محطات المواجهة بين النظام والمتمردين، في جسر الشغور والرستن وجبل الزاوية والزبداني وبابا عمرو، توقّع الباحث في المعهد الأميركي أن يواصل النظام السوري تنفيذ استراتيجيته «لاستخدام القوة غير المتكافئة» في محاولة «لإخماد الثورة بأقصى سرعة ممكنة»، في حين أن «مرونة المتمردين ستجعل بقاء النظام أكثر صعوبة»، وإن كان «من المبكر الحديث عن سقوطه الوشيك، نظراً للدعم الخارجي الذي يتلقاه».
وتابع هوليداي أن النظام السوري لم «يثبت بعد قدرته على تنفيذ عمليات واسعة بنحو متزامن في عدة مناطق»، لكن المساعدة التقنية والعسكرية التي يتلقاها من الروس والإيرانيين قد «تمكّنه من بسط سيطرته على مناطق عديدة من دون أن يضطر الى التصعيد».
والحال كذلك، يتعين على المتمردين أن «يعتمدوا على خطوط تزويد خارجية لسد النقص في العتاد والذخيرة، إذا ما أرادوا مواصلة تفتيتهم لسيطرة النظام». لكن «انبثاق الخلايا المرتبطة بالقاعدة تشكل تحدياً أمام احتمالات حصول المجموعات المسلحة على الدعم العسكري».
يلتقي هوليداي بالرأي مع روزين، ومع الباحث في شركة «ستراتفور» الأميركية للخدمات الاستخبارية كمران بخاري، الذي قال إن «القاعدة تستفيد من استمرار العنف في سوريا، مستغلّةً انقسام المعارضة، بحيث ستستقطب عناصر من السوريين السنة المحبطين من حدود قتالهم مع النظام العلوي». كذلك يوافق هوليداي، روزين في خلاصات مشاهداته بأن «غالبية الثوار متدينون سنة، ولكنهم حتماً ليسوا سلفيين ولا جهاديين ولا إرهابيين ولا مرتبطين بالقاعدة».
لكن الباحث في معهد «دراسات الحرب» حذّر في الوقت عينه، من أنه كلما تواصلت الحملة السورية الشرسة على المتظاهرين، زادت احتمالات «تطرف» بعضهم، فضلاً عن أن المتمردين قد «يلجأون إلى القاعدة للحصول على الأسلحة المتطورة ولتعلّم تكتيكات جديدة في القتال»، مشيراً إلى أن الحل «لردعهم عن ذلك، يكمن في الاعتراف ببعض المجموعات المتمردة وإقامة علاقات معهم».
أحجم هوليداي عن الدعوة صراحةً إلى تسليح المعارضة، لكنه شدد على أن من «واجب واشنطن التمييز بين المعارضة السياسية السورية في المنفى، وبين المعارضة المسلّحة».
وإذا كانت الولايات المتحدة «تريد تعجيل سقوط النظام السوري»، و«الحد من احتمالات الانزلاق إلى الفوضى الإقليمية» و«كسب النفوذ في سوريا وعلى الجماعات المسلّحة التي ستنبثق في أعقاب سقوط الأسد»، فإن عليها، برأي هوليداي، «توثيق علاقاتها بالعناصر الأهم في الجماعات المسلّحة بغية تحقيق الأهداف المشتركة وإدارة العواقب التي قد تنجم عن سقوط الأسد أو استمرار النزاع».