محلل إسرائيلي يرسم معالم نهاية سوريا ويضع اسما جديدا لها
شدد المحلل العسكري الإسرائيلي يوسي ملمان على أنه لم يعد هناك شيء اسمه سوريا، فلم تعد هناك دولة قائمة؛ بل هي مقسمة ويسيطر عليها عدد من الأطراف، مؤكدا أن احتمال حل الأزمة السورية ضعيف جدا.
وفي مقالته التي حملت عنوان: (سوريا، النهاية) بصحيفة معاريف الجمعة، قال ملمان إن قسم الاستخبارات العسكرية للجيش الإسرائيلي توقفوا عن استخدام اسم "سوريا" لتعريف المنطقة الجغرافية والكيان القائم وراء الحدود الشمالية في هضبة الجولان.
وأشار إلى أنه لا يوجد بعد اسم بديل، وما زال البحث عنه مستمرا والاقتراحات ستُقبل باستحسان.
وأكد ملمان أن الاستخبارات الإسرائيلية تنظر إلى سوريا على أنها غير موجودة كدولة، فالبيضة التي تحولت إلى عجة لا يمكنها أن تعود بيضة، على حد تعبيره.
أسماء مقترحة
وقال الكاتب إن أحد الاقتراحات هو تسميتها "شام"، الأمس العربي الكلاسيكي الذي يعني "شمال". بعد الاحتلال العربي للمنطقة من أيدي الإمبريالية البيزنطية في القرن السابع استُبدل الاسم سوريا (الذي مصدره من اليونانية، وهو موجه للمسيحيين الآشوريين الذين عاشوا ويعيشون إلى الآن كأقلية مطاردة) باسم عربي. مشيرا إلى أن كلمة "شام" توجد في اسم داعش، "الدولة الإسلامية للعراق والشام".
وأضاف ملمان أن سوريا ليست وحدها. ففي الأجهزة الاستخبارية بدأوا منذ زمن الاستعداد للواقع الجديد في الشرق الأوسط، حيث تحولت الفوضى إلى نظام جديد. على الخرائط يرسمون تواجد المليشيات والتنظيمات دون التطرق للدول. فبدل الدول القومية، تنشأ عشرات التنظيمات ذات المصالح المختلفة. أحيانا تكون هذه المصالح متعارضة واحيانا متوافقة. وهكذا تنشأ التحالفات الآنية.
وتابع بالقول: "في الماضي تجمعت في الاستخبارات العسكرية معلومات عن القادة، الذين كان الوصول اليهم سهلا نسبيا. الآن بدل القادة المعروفين يوجد بارونات حرب المعلومات عنهم ضئيلة. مثلا أبو بكر البغدادي، وهو أستاذ للدين من العراق، عمره 44 سنة، وهو زعيم داعش ونصب نفسه خليفة للدولة الإسلامية. ولا يُعرف عنه الكثير.
وأكد ملمان أن الماضي لبعض زعماء التنظيمات غامض. فهم يعيشون في الخفاء ومعرفة صفاتهم جزئية. مثل أبو محمد الجولاني، زعيم جبهة النصرة التي تعمل في سوريا وتسيطر على أغلبية المنطقة الحدودية مع إسرائيل.
واستدرك بالقول: أحيانا لا يكون لدى الاستخبارات العسكرية صورة واضحة عن الشخص الذي يتم جمع المعلومات عنه، مثل أحد السكان البدو من سيناء الذي يسمى أبو إمام الأنصاري، الذي يعتبر زعيم مجموعة أنصار بيت المقدس الإرهابية التي تعمل في شبه الجزيرة وأدت يمين القسم للبغدادي في بداية 2015 وغيرت اسمها إلى مقاطعة سيناء للدولة الإسلامية.
تقسيمات سوريا الجديدة
وأكد ملمان أن خارطة سوريا كما عرفناها حتى آذار 2011 ملونة بالألوان التي تمثل التنظيمات والجماعات المختلفة التي سيطرت على أجزاء منها. الجهات الأربع القوية هناك هي الجيش السوري ومليشيات المتطوعين التي أقامها النظام بإلهام من الباسيج (قوة مقاومة) في إيران وداعش وجبهة النصرة والأكراد.
وتابع بالقول: 184 ألف كم (تسعة أضعاف مساحة إسرائيل بحدود 6 حزيران 1967) هي مساحة سوريا. والأسد يسيطر في هذه الأثناء على 20 بالمئة منها فقط. في الاستخبارات العسكرية يسمون هذه الأراضي "سوريا الصغيرة" وهي تشمل العاصمة دمشق وحمص والشاطئ وميناء اللاذقية وطرطوس وجنوب هضبة الجولان.
ونوه ملمان إلى أن جبهة النصرة تسيطر على 10 – 15 بالمئة من الأراضي. وبالذات في هضبة الجولان (بما في ذلك القنيطرة)، وفي الشمال (إدلب وحلب). أنشئت جبهة النصرة بمبادرة من أبو بكر البغدادي، وبعد اندلاع الحرب الأهلية بدأت بإرسال المتطوعين لمحاربة الأسد. البغدادي ما زال يعتبر "الأمير"، زعيم القاعدة في العراق. ومن أجل إعطاء جبهة النصرة صفة تنظيم محلي، فقد عين الجولاني زعيما. بعد بضعة أشهر، في نهاية 2011 وبداية 2012، وبعد رفض طلبه بالخضوع الكامل، رفع زعيم القاعدة د.أيمن الظواهري رعايته عن البغدادي وسلب منه لقب "الأمير". البغدادي نصب نفسه خليفة وأعلن عن إقامة خلافة داعش. والجولاني بقي مواليا للقاعدة.
وقال الكاتب: في بداية الطريق فجر نشطاء النصرة السيارات المفخخة في دمشق. الأسد الذي قمع معارضيه بالقوة زعم أن الحديث يدور عن القاعدة. في الغرب رفضوا تصديقه كما لم يصدقوا ادعاءات معمر القذافي حول المتمردين في ليبيا. وقد تبين فيما بعد أن القذافي والأسد كانا صادقين بتحميل المسؤولية للقاعدة. اليوم ليبيا أيضا مقسمة وفيها يسيطر داعش على مدن ومناطق كثيرة.
"داعش" الأكثر حضورا في سوريا
وأكد ملمان أن داعش هو الأكثر حضورا بين المتمردين الذين يحاربون الأسد ومؤيديه، حزب الله وايران. وقد سيطر داعش على نحو 80 ألف كم من الأراضي السورية سابقا. جزء كبير من هذه الأراضي صحراوي ويعيش فيه 7 ملايين نسمة. عاصمة الخلافة هي مدينة الرقة. في مناطق داعش توجد علامات الحكم: يتم إخلاء القمامة من الشوارع، وأقيمت محاكم شرعية (حسب الشريعة الإسلامية في القرن السابع والثامن) وفتحت المدارس والشرطة تتجول في الشوارع. هنا يكمن الفرق بين جبهة النصرة وداعش: لا يوجد للنصرة مزايا السلطة. وفي داعش يؤمنون بالخلافة ويعملون على إسقاط الأنظمة لاستبدالها. الجهتان تركزان على تنفيذ العمليات لقتل أكبر عدد من الناس.
وبالنسبة للأكراد فهم يسيطرون على 15 بالمئة من الأرض السورية، بحسب ملمان. وقد نجحوا في إقامة حزام مستقل في شمال شرق الدولة، وبدأوا في إرسال المجموعات باتجاه الجنوب لتهديد الرقة. في داعش قلقون جدا من هذا الأمر والصور الجوية تظهر أنهم مستعدون للدفاع عن المدينة بما في ذلك حفر الخنادق والاستحكامات.
وقال ملمان إن باقي الأراضي التي تبلغ 10 بالمئة تسيطر عليها عشرات التنظيمات والعصابات الصغيرة التي تتغير أسماؤها باستمرار مثل ما كان ذات مرة جيش سوريا الحر.
وسوم: العدد 630