اتفاق المناطق الآمنة الروسي في سوريا يقلق أمريكا
واشنطن بوست
قالت كل من روسيا وإيران وتركيا يوم الخميس أنهم اتفقوا على إنشاء "مناطق منخفضة التصعيد" في أربع مناطق في سوريا، في تجديد للجهود الدبلوماسية الرامية إلى تخفيف التوتر بين الأطراف المتحاربة في سوريا منذ ست سنوات.
بعد لقائهم في العاصمة الكازاخية، أستانة، قالت القوى الثلاثة إن وقف إطلاق النار سوف يطبق يوم السبت وسوف يفرض على كل من الحكومة وقوى المعارضة في المناطق المستهدفة، والتي لا تسيطر فيها الدولة الإسلامية على مساحات كبيرة.
ينص الاتفاق، الذي وقعته الأطراف الثلاثة المتحاربة، على أن المناطق سوف ترسم عن طريق نقاط التفتيش على الأرض وأن المدنيين العزل سوف يكون في وسعهم التحرك بحرية بين المناطق التي تقع تحت سيطرة الحكومة وتلك التي يسيطر عليها المتمردون. وسوف تتم مراقبة نقاط التفتيش من قبل الضامنين الثلاثة ولكن يمكن أن تتدخل قوى ثالثة أخرى غير محددة.
ولكن لم يتضح ما هو الفرق بين الاتفاق الحالي وحالات وقف إطلاق النار الفاشلة السابقة والتي استمر فيها سلاح الجو السوري بقصف مناطق المعارضة. جاء في الاتفاق:" اتفقت الأطراف الثلاثة على اتخاذ جميع الإجراءات للاستمرار في قتال جماعات إرهابية معينة داخل وخارج هذه المناطق".
على الرغم من أن روسيا وإيران تمارسان نفوذا كبيرا على الرئيس السوري بشار الأسد وان تركيا داعم أساسي للمعارضة، إلا أنه ليس هناك مؤشرات مبكرة حقيقية على أن أي من الأطراف سوف يلتزم بالاتفاق.
في الأستانة، حيث تشرف هذه القوى الثلاثة على محادثات السلام، أدى الإعلان إلى إثارة الاضطراب لدى وفد المعارضة، حيث صرخ أحد القادة العسكريين:" نراكم في الميدان".
كما قال المرصد السوري لحقوق الإنسان ومقره بريطانيا، إن سلاح الجو السوري صعد من ضرباته الجوية في المناطق التي يفترض أن ينشئ فيها مناطق آمنة بعد أن تم الكشف عن مواقعها في مسودة الاقتراح الروسي يوم الأربعاء.
قالت وزارة الخارجية الأمريكية أنها لم تكن "طرفا مباشرا" في المحادثات، على الرغم من أنها أرسلت مراقبا، وأنها تدعم "أي جهد يمكن أن يؤدي إلى تخفيف العنف في سوريا", وضمان وصول المساعدات الإنسانية والتسريع في الوصول إلى حل سياسي للصراع.
ولكن جاء في البيان، الذي تلاه المتحدث باسم وزارة الخارجية هيثر ناوريت أيضا "لا زال لدينا بعض المخاوف" حيال الاتفاق، "من بينها وجود إيران ودورها كضامن. إن نشاطات إيران في سوريا لم تؤد إلا إلى تصعيد العنف، وليس إلى الحد منه، ودعم إيران غير المحدود لنظام الأسد ساهم في زيادة مأساة الناس العاديين في سوريا".
يستثني وقف إطلاق النار الهجمات ضد فرع القاعدة في سوريا - الذي كان يعرف سابقا باسم جبهة النصرة وباسم جبهة فتح الشام حاليا - والدولة الإسلامية. في الهدن التي تم التوصل إليها سابقا بين إدارة أوباما وروسيا والتي استثنت هذه الجماعات قادت كل من روسيا وسوريا إلى الاستمرار في قصف مناطق المتمردين والمدنيين، بدعوى أنهم يستهدفون الإرهابيين.
قال ناوريت في بيانه:" في ضوء حالات فشل الاتفاقات السابقة. فإن لدينا كل الأسباب الوجيهة لنكن حذرين. إننا نتوقع توقف النظام عن قصف المدنيين وقوات المعارضة، وهو أمر لم يحصل سابقا. كما إننا نتوقع أن تضمن روسيا امتثال النظام".
قال البيت الأبيض هذا الأسبوع إن الرئيس ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين ناقشا "المناطق الآمنة أو مناطق خفض التوتر" في مكالمة هاتفية يوم الثلاثاء. ولكن إدارة ترامب لم تحدد تماما ماهي الأمور التي سوف تدعمها وكيف.
على الأقل هناك نصف مليون شخص قتلوا في الحرب الدائرة في سوريا، ونصف عدد السكان هجر.
وفقا لاتفاق كازاخستان، فإن المناطق الآمنة المفترضة سوف تغطي أربع مناطق، هي: محافظة إدلب في الشمال، حيث هناك حوالي مليون مهجر موجودون إلى جانب قوات المعارضة التي تسيطر عليها القاعدة، وأجزاء أخرى من محافظات مجاورة؛ والغوطة الشرقية، وهي منطقة محاصرة في ضواحي دمشق والتي تشكل آخر تهديد لسيطرة الأسد على العاصمة؛ والمنطقة المحاصرة في محافظة حمص التي تسيطر عليها قوات الحكومة؛ والتي تقع على بعد حوالي 100 ميل شمال دمشق، وأجزاء واسعة من الحدود الجنوبية مع الأردن حيث تدعم الولايات المتحدة قوات المعارضة في مواجهة مسلحي الدولة الإسلامية.
فيما عدا استثناء الإرهابيين، ينص الاتفاق على "وقف العداوة" ما بين قوات الأسد والجماعات المتمردة التي وقعت على الاتفاق ووقف استخدام أي نوع من أنواع السلاح من ضمنها الهجمات بعيدة المدى والجوية.
مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا، ستافان دي مستورا، أشاد بالاتفاق ووصفه بأنه" خطوة في الاتجاه الصحيح " في الطريق للوصول إلى هدنة أوسع. ولكن الخبراء يقولون إن الضامنين يمكن أن يستخدموا الاتفاق لضمان مصالحهم الخاصة في سوريا.
قال سايمون سارادزيان، مدير ومؤسس مشروع روسيا في مركز هارفارد بيلفر للعلوم والشئون الدولية:" روسيا تعارض مناطق حظر الطيران في الوقت الذي كانت فيه منخرطة فيه جنبا إلى جنب مع إيران وتقدم مساعدات لقوات الأسد لضمان استقرار الجبهات ومن ثم حصد المكاسب التي حققتها قوات المعارضة".
مع كل هزيمة للمتمردين، كما يضيف سارادزيان، فإن روسيا مستعدة الآن لدعم الحل الدبلوماسي بدعم دولي.
كما أن تركيا دعمت فكرة المناطق الآمنة في الماضي، في مناطق مختلفة على طول حدودها الجنوبية مع سوريا، التي ترى فيها طريقة لوقف الطموحات الكردية في المنطقة.
في حين تدعم واشنطن وحدات حماية الشعب الكردية كشريك أساسي في قتالها لهزيمة الدولة الإسلامية في سوريا، فإن تركيا عالقة في قتال حزب العمال الكردستاني الذي تضعه الولايات المتحدة على قوائم االجماعات الإرهابية.
شكل التحالف الأمريكي الكردي شوكة كبيرة في خاصرة العلاقات الأمريكية مع تركيا ومن المرجح أن تكون البند المركزي عندما يزور الرئيس التركي رجب طيب أروغان مع ترامب في واشنطكن في 16 مايو.
قال أحد قادة المتمردين، الذي طلب عدم الكشف عن هويته:" كل طرف في هذا القتال يريد شيئا ما، والقوى الأجنبية لا تفعل ما تفعله من أجلنا".
وسوم: العدد 719