قصص قصيرة جدا 10
(1)
لوحة
أمر الإمبراطور أكبرُ بربالَ يوما قائلا : ارسم لي يا بربال لوحة ، واستعمل فيها خيالك !
فرد بربال : ولكن يا صاحب المعالي أنا وزير ، فكيف أرسم لوحة ؟!
فحنق الإمبراطور ، وقال : لأشنقنك إن لم ترسم لي لوحة جميلة في بحر أسبوع !
هنالك وافت بربال الفطن فكرة ! وعقب أسبوع وفد إلى مجلس الإمبراطور حاملا إطارا عليه غطاء ، فابتهج أكبر ؛ لأن بربال ما عصى له أمرا حتى إذا رفع غطاء الإطار زال ابتهاجه ، وتدافعت الحاشية لترى ما الخلل ، فأبهجها ما رأته أيما إبهاج ! أخيرا ، لن ترى لبربال وجها في مجلس الإمبراطور ، ذلك أن اللوحة ما كانت إلا سماء وأرضا مع قليل من البقع المعشبة .
وسأل الإمبراطور بربال حانقا : ما هذا ؟!
فأجابه : بقرة ترعى العشب يا صاحب المعالي !
فسأل الإمبراطور : أين البقرة وأين العشب ؟!
فرد بربال : استعملت خيالي ، فرعت البقرة العشب ، ورجعت إلى حظيرتها بَطْناءَ !
(2 )
سؤال بسؤال
سأل أكبر بربال مرة : هل تعلم عدد الأساور التي تلبسها زوجتك ؟!
فأجابه بربال بأنه لا يعلم ، فصرخ فيه : لا تعلم ! تري يديها يوميا إذ تقدم لك الطعام ومع هذا تجهل عدد أساورها ! كيف هذا ؟!
فقال بربال : هلم ننزل إلى الحديقة يا صاحب المعالي ، وسأخبرك عندئذ بعدد أساور زوجتي !
ونزل الاثنان على الدرج الصغير المفضي إلى الحديقة ، والتفت بربال إلى الإمبراطور ، وقال : يا صاحب المعالي ! تصعد وتنزل هذا الدرج يوميا ، فهل تخبرني كم درجة فيه ؟!
فصرف الإمبراطور أسنانه خزيا واضطرابا ، وبدل موضوع الحديث .
(3)
القاتل
كان قس يعيش في كوخ في إمبراطورية أكبر، ويتظاهر بالعمى ، وقد اقتنع الناس اقتناعا تاما بأنه يخبر عن الغيب إخبارا صحيحا . ويوما زاره رجل مع امرأته راجيا منه معالجة ابنة أخيه التي قتل والداها أمام عينيها ، ولما رأته تلك البنت أخذت تصرخ عالية الصوت قائلة إنه هو المجرم الذي قتل والديها ، فاغتاظ من كلامها ، وأمر الزوجين بالانصراف بها . وفي البيت والت البكاء ، فتأكد الزوجان من صدق مقالتها ، فعزما على طلب العون في المشكلة من بربال الذي واساهما حين سمعها ، وكلفهما القدوم إلى مجلس الإمبراطور ، وهناك سل سيفا ، وأدنى القس ليقتله أمام الحاشية ، ودهش القس إلا أنه سل بدوره سيفا من فوره ، وراح يقاتل ، فبين أنه ليس أعمى حقيقة . وهنا قضى أكبر بشنقه بوصفه قاتل والدي البنت ، أما هي فأثابها لجرأتها في قول الحقيقة حتى في حال الخطر الشديد .
وسوم: العدد 746