سهرة تلفزيونية
القلوب الحائرة
محسن الخزندار
حادث سيارة تنقلب عدة مرات دون وضوح ملامح راكبيها
"من الأرشيف"
وجه بريء لفتاه في مقتبل العمر مع تموج لوجهها ودورانه مع إظهار انفعالها القوي وتبقى خلفية الكادر حادثة سيارة
يسمع في الخلفية موال شعبي يعبر عن القضاء والقدر
أسماء المشاركين تظهر كل أسم على حده
محمد – هاني – عادل – آمال – سمير – مازن – الأب – الخالة أم سمير
مشهد داخلي نهارا" بعد الظهر"
قطع على غرفة جلوس يبدو من أثاثها المتواضع بأن حالة الأسرة المادية متوسط ونوافذ كبيرة تطل على الشارع الرئيسي
قطع على ساعة حائط كبيرة تسمع دقات الثواني بوضوح
بان على صالة البيت يظهر محمد وظهره للكاميرا.
لقطة " أوفر شوردر" على شارع أمامه .. تتحرك الكاميرا ويظهر هاني وهو جالس على كرسي وبين يديه مجلة ومن خلال تصفحه للمجلة بعصبية يلاحظ بأنه لا يقرأ دائما يتصفحها لقتل الوقت
يتسع الكادر ليضم شخصين عادل الأخ الأكبر وهو متكأ على يديه ومستندا إلي طاولة الصالون
تسمع دقات الساعة بوضوح وسط صمت مطبق
قطع على هاني يرمي المجلة أرضا ويقف ويذرع أرض الصالة ذهابا وإيابا
قطع على محمد يلتفت إلي أخيه هاني ومن ثم إلي أخيه عادل
محمد: إلي متى... انقضى أكثر من ثلاث ساعات... ونحن ننتظر
قطع على في هذه اللحظة يتوقف عن السير وينظر إلي عادل وكأنه ينتظره وأيضا ينتظر جواب على سؤال محمد
قطع على عادل يعدل من جلسته على الكرسي ويرمي برأسه إلي الخلف
عادل: الله أعلم.. كل ما نستطيع عمله هو الانتظار ما في اليد حيلة..ما بقي من الوقت قد ما مضى
قطع على هاني
هاني: لو ذهبنا نحن أيضا .. بدل الانتظار هنا في البيت
قطع على عادل
عادل: لم ترغب أمال... هذا ما أعلمنا به أبن خالتنا سمير كان يتمنى أن نذهب جميعا
قطع على محمد وكأن فكرة طرأت عليه
محمد: ما رأيكم أن نذهب الآن ... وحتى لو نصلها بعد مغادرتها للمستشفى
عادل: انتظرنا طويلا ولم يبقى إلاَّ القليل شعوري بأنها ستصل بأي لحظة
قطع على عادل يقف بقوة
لقطة واسعة تظهر الجميع يعود كل منهم ألي ما كان عليه .. هاني يتمشى بعصبية وعادل يجلس على الكنبة ومحمد يتجه إلي النافذة وقبل وصوله إلي النافذة يتوقف ويلتفت
محمد: ماذا سنقول
عادل: نقول؟! نقول؟!
محمد: كيف نبدأ الحديث؟؟
عادل: عجيب أنت... خليك عادي يا أخي عادي كأن شيئا لم يكن
هاني: طبعا كل شيء لازم يكون طبيعي... نتصرف بشكل طبيعي... نتحدث بشكل عادي وكعادتنا
محمد: أنا أصغركم سنا ولم تمر علي مثل هذه الحالة من قبل... أستغفر الله الأفضل لي أن تبدأن أنتم بالكلام أما أنا فلن أتفوه بكلمه واحدة في البداية سأستمع وأراقب فقط
عادل: هذا التصرف غير طبيعي ... أسمع صوت سيارة
قطع على محمد يتحرك بسرعة إلي النافذة وعندما يصلها يقول.. هذا جارنا
عادل: بالتأكيد خلال دقائق ستصل أمال وترتاح أعصابنا
محمد: لما لا نتصل بالهاتف ونسأل طارق إذا ما غادروا أولا .. الاتصال فكرة جيدة على الأقل سيوضح لنا إذا ما غادروا
قطع على هاني وواضح عليه الملل الشديد
هاني:اتصلنا أو لم نتصل لن نستفيد شيئا لننتظر حتى لحظة وصولهما ..أنا ذاهب إلي المطبخ
محمد: يعيني شهيتك مفتوحة معقول أنك تأكل
هاني: ريقي ناشف .. أريد شربة ماء
قطع على هاني وهو يتجه إلي المطبخ ويختفي
قطع على محمد يعود إلي النافذة يحاول رفع جسمه على رؤوس أصابع رجليه اعتقادا منه بأنه سيري لمسافة أبعد ويعجل عملية الوصول .. يلتفت إلي عادل بعصبية وكأنه يريد أن يقول شيئا .. يغير رأيه ويعود للمراقبة من النافذة مرة أخرى لكن لا يرى شيئا من بعيد
محمد: قال لي هاني بأن أمال لن تستطيع المشي
عادل: أمال تعاني من صدمة نفسية أكثر منها جسدية .. مهما كانت حالتها الطب يتقدم بسرعة كل يوم أشياء جديدة تظهر الله كريم ما نستطيع عمله هو الدعاء لها بالشفاء
محمد: عادل... مازلت لا أعرف كيف أبدأ بالحديث مع زين
عادل: محمد هذه أختنا نسيت كيف كنا نتحدث معها قبل الحادثة لما كان البيت عادي والآن لازم يكون الكلام عادي جدا
محمد: يا سلام هناك فرق كبير الوضع تغير
عادل: مش مهم أنظر لأختك أمال عندما تصل كأن شيئا لم يحدث
محمد: حتى هذه اللحظة لا أصدق ما حدث رحمة الله عليك يا أمي لا أصدق ... حدث ما حدث في لحظة لا أصدق
عادل: صدق أو لا تصدق.. لقد حدث وانتهى.. العمل كله لحظة لا تسأل ولا تفكر كيف ستبدأ الحديث معها... صدقني سيأتيك الكلام بشكل عفوي دون أي ارتباك
قطع على محمد ويبدو على وجهه التغيير
قطع على هاني وقد خرج من باب المطبخ ويقف في الباب ثم يتقدم باتجاه عادل ومحمد
محمد: تقصد كأن شيئا لم يكن
عادل: تمام تمام.. من المريح أن لا تضيع وقتك في التفكير
هاني: لو أن الوالد هنا معنا لساعد في التخفيف من توتر أعصابنا
عادل: أرى أن يعود أبي إلي البيت بعد وصول أمال كعادته في الماضي .. كان أبي يعود إلي البيت وهي موجودة مع الوالدة رحمة الله عليها
محمد: وإذا عاد الآن قبل وصولها هل سيخرج مرة أخرى ويعود؟؟
عادل: هذه أول مرة يعود فيها والدنا ولا يجد أمنا مع أختنا لا .. أظن لا.. أعتقد" يتوقف عن الكلام لشدة انفعاله"
يسمع صوت سيارة بوضوح يتوجه محمد إلي النافذة
قطع على هاني يقفز واقفا يتجه أيضا إلي النافذة
لقطة لثلاثة أخوة حول النافذة .. يلتفت إلي المدخل كل واحد منهم على حده وقد بدأ عليهم الذهول وكأنهم نسوا ما كانوا يتحدثون عن تصرفهم الطبيعي
لقطة واسعة للصالون ... حالة من الفوضى والارتباك تسيطر على الأخوة وبشكل عفوي تتسبب في حركتهم اللاإرادية
ينتبه عادل للوضع والحالة الغير طبيعية التي انتابتهم يوجه الكلام لإخوته
ويعنف
عادل: لحظة ماذا يحدث؟؟.. اتفقنا على أن يكون كل شيء طبيعي نتصرف ونتحدث بشكل عادي الآن عندما نسمع جرس الباب يذهب واحد منا فقط لفتحه وكأن كل شيء طبيعي
قطع على مازن وبجانبه هاني
محمد: الأفضل أن تذهب أنت.. وتفتح الباب
قطع على عادل
عادل: العادة تقضي بأن أصغرنا سنا هو الذي يفتح الباب
قطع على محمد
محمد: هذه حالة غير عاديه.. لذلك كبيرنا هو الذي يفتح الباب
قطع على هاني
هاني: مش مهم أنت أو أنا أي واحد يفي بالغرض
يدق جرس الباب الرئيسي
قطع على الأخوة الثالثة وقد تجمعوا في أماكنهم ثم فجأة يتجهون ثلاثتهم معا إلي الباب ويتزاحموا عندما يصلوه ليتبادلون النظرات ويعود عادل وهاني ويبقى محمد يلتفت إلي أخويه ثم إلي باب الصالة ويخرج ليفتح الباب
قطع على عادل وهاني وهما في حالة ترقب
قطع على باب الصالون لا أحد يظهر.. يسمع في تلك اللحظة حوار غير مفهوم خارج الصالة
قطع على عادل وهاني وهما يحاولان بحذر شديد الاقتراب من الباب .. يفتح الصالون فيتراجعان وبحركة سريعة يجلسان على أقرب الكراسي
قطع على باب الصالون يظهر محمد يقف جانبا لإتاحة المجال لسمير بإدخال الكرسي المتحرك والتي تجلس عليه أختهم أمال
قطع على عادل وهاني يقفان وفجأة بحركة مفتعلة يتجهان إلي أمال وسمير ويحاولان دون حوار مساعدة سيمر في عملية دفع الكرسي
قطع على سمير وهو يرفع يده من خلف الكرسي ... دون أن تراه أمال للإيحاء للأخوة بعدم الحاجة للمساعدة
قطع على أمال وهي تلقي نظرة تفحصيه على جميع أركان الصالة
قطع على عادل وهاني وقد اقترب منهم محمد
عادل وهاني معا: الحمد لله على سلامتك الحمد لله
هاني: نورت البيت والحارة
قطع على أمال والكرسي تتمتم بكلام غير مسموع أو مفهوم تحاول النظر إلي الخلف رافعة رأسها في محاولة للكلام مع سمير.... سمير ينحني إليها ليسمع الكلام الغير مفهوم عندها .... يستقيم ويبدأ بدفع الكرسي باتجاه غرفة أمال ... يتوقف فجأة قبل أن يصل باب الغرفة ..يلتفت إلي الأخوة
سمير: أمال مرهقة بحاجة إلي الراحة من الأفضل أن تستريح بغرفتها
قطع على سمير دون أن ينتظر جوابا من أحدهم يدفع .... يدفع الكرسي باتجاه غرفة النوم... ويفتح باب الغرفة بعد أن يتقدم عن الكرسي ثم يعود إلي دفع الكرسي من الخلف إلي أن يختفيان ويغلق الباب
قطع على الأخوة كل على حده يتحركوا باتجاهات مختلفة وهم في حدة من التوتر
قطع على أمال داخل غرفة نومها ومازال سمير واقف خلفها
أمال: ألهذا الحد يقسوا القدر على البشر لا أستطيع التحمل ما أنا مقدمة عليه.. لا اعتراض على حكم الله هذه المصيبة التي حلت بنا هي امتحان من الله
قطع على أمال وقد بدأ عليها الحزن الشديد .. وبدا عليها أنها تحلم وهي مستيقظة ... تتذكر ابتسامة أمها وحنان خطيبها سمير وطيبة خالتها
سمير: انه قدرنا... الموت حق... انتهى اجلها
أمال: أحاول أن أبعد عن ذهني تلك الحادثة الرهيبة ...أحاول أن أطرد الأفكار السوداوية التي تنتابني وتسيطر علي والتي لا تدعني أرتاح ولو للحظة لا ليلا ولا نهارا ولكن استحالة دون جدوى
سمير: أمال.. خالتي قد رحلت عنا إلي جوار ربها لا أحد يستطيع أو يقدر على إعادتها ... لم تعد معنا ..أما أنتي فلست وحدك .. أنا معك خطيبك زوجك... ووالدك وأخوتك جميعهم هنا معك وكلنا معك الله يصبرنا جميعا
قطع على أمال وقد أغرقت عيناها بالدموع
قطع على سمير
أمال: الهي هب لي الصبر على هذه البلوى.. الهي أعطي قلبي صلابة الصخر... الهي انزع من قلبي ضعف الإنسان الغير مؤمن
سمير: يا ارحم الراحمين .. ارحمنا جميعا بواسع رحمتك
قطع على أمال
أمال: ما أصعب الإنسان أن يخير بين أمرين.. إلحاق العار بإنسان عزيز إلي يوم الدين ...أو التضحية ونسيان كل ما في ذهنه من أفكار سوداوية اتجاه هذا الإنسان... يا الهي لم أعد قادرة
سمير: أمال من الأفضل أن تستريحي الآن
أمال: أكاد أفقد عقلي... وهذه الصراعات الداخلية في أعماق نفسي ... كل عضلة في جسمي تعلن ثورة على عقلي.... طريقة تفكيري تعاتبني وتحاسبني وتنتظر مني جواب
قطع على سمير وهو يقترب من أمال
سمير: ما عهدتك إنسانة ضعيفة تستجدي العطف والشفقة من الآخرين
أمال: يا الهي هذا ما لا يجب أن يكون
سمير: أنا لا أصدق... أمال القوية المؤمنة تضعف إلي هذا الحد وتسمح لهذه الحادثة المؤلمة أن تزعزع إيمانها وتسيطر عليها وتهدد حياتها وتقص مضجعها وتسلبها الراحة والسكينة ... لا أصدق وأنا الذي عرفتك
أمال: هذه الحادثة الرهيبة اللعينة مسيطرة على نومي وهي سجني في نهاري وصحوتي
سمير: ترحمي على أمك أفضل من أن تبكي وتتأسفي لها
أمال: لم يبقى لي عزاء بعد رحيلها ...الله ... كانت خيمتنا تظللنا بحنانها وعطفها ... أما الآن لم يبق لي شيء في هذه الدنيا
سمير: ماذا عني وعن أبيكِ وأخوتك
أمال: لا يمكن أن يأخذ مكانها أحد ... رحمة الله على روحها الطاهرة
سمير: أمين .... هذه دروس وعبر لنا وامتحان لنتعلم الصبر على كل مصيبة وعلى ما نحن عليه وألا يزعزع إيماننا القوي بسبب ما حل وما يحل بنا من مصائب ... سبحان الله إنها إرادته ولا اعتراض على حكمه
أمال: وهل كتب علينا الشقاء..أن نشقى دون غيرنا
سمير: لا تنكري نعمة الله علينا .. نسيت الأيام والسنوات التي مرت علينا وعشناها كلها سعادة وهدوء بال
أمال: سعادة؟! هدوء بال؟
سمير هل تعلم سبب طلبي إليكِ تأجيل موعد زفافنا طبعا لا .. أعترف لكِ الآن .. السبب لأبقى إلي جانب والدتي المرحومة أطول فترة ممكنة في بيتنا هذا من أجل التخفيف عنها مما كان يجري
سمير: حمايتها!!
أمال: نعم حمايتها والتصدي لوالدي بسبب معاملته لها ...كانت حياتها في أخر أيامها سوداء عانت الكثير منه وخاصة في أيامها الأخيرة أكثر من قبل
سمير: لم أعد أفهمك استغرب أن يخرج هذا الكلام منك الآن بالذات
أمال: سمير صدقني
سمير: كيف تسمحي لنفسك تخيل أمور غريبة لا أساس لها من الصحة وخوفك من أشياء وأمور لا جود لها .. هذا الخوف أوصلك إلي حالتك اللي إنتِ عليها الآن .. الشك في أمور لا وجود لها وهم مسيطر على تفكيرك.. ومنعك حتى النظر إلي الطرف الأخر
آمال: هكذا يقسوا الزمن على البشر
سمير: ليس الزمان ... إنما البشر هم سبب الشقاء
أمال: ما عدت أستطيع التحمل
سمير: بل تستطيعين إذا عزمت على انتزاع ما في ذهنك من هذه الأفكار ... عليك أولاً تناول الطعام واللجوء إلي الراحة ... أما إذا استمر تعنتك هذا ستنهارين ... ستنهار حتى قواك العقلية ولن تتمكني بعدها من ممارسة حياتك
أمال: الطعام الطعام انه العلقم ... أشعر بغثيان كلما نظرت إليه ... شهيتي استغفر الله العظيم لا تطلب ولا تهفوا إلي الطعام إطلاقاً ... منذ تلك اللحظة بعد تلك الليلة ليلة الكارثة
سمير: لم تنامي أو يغفوا لكِ جفن منذ أيام... انظري لوجهك في المرآة ستستغربين.... هل أنت بحاجة إلي مساعدتي؟
قطع على أمال تهز رأسها بالنفي
قطع على الأخوة وهم بانتظار خروج سمير من غرفة أمال
قطع على سمير يفتح باب الغرفة ليخرج منها ويغلق الباب خلفه .. يتراكض الأخوة ويحيطون به ... يحاول أن يرسم ابتسامة على وجهه ولكنه يفشل
قطع على عادل ثم هاني ومحمد
قطع على سمير وهو غير قادر على إخبارهم بأي شيء
قطع على عادل وكأنه ينتظر سمير أن يتكلم
عادل: هل هي بخير؟.. كيف شعورها الآن
سمير: لا أدري .. لم أعد أفهم... حاولت دون جدوى
عادل: كان الله بعونها.. علينا الآن أن نتعاون جميعا للتخفيف من صدمتها
سمير: حاولت ... يبدو أنها اتخذت قرار بينها وبين نفسها عدم الاستماع أو الاستجابة لأي شخص
هاني: نحن إخوتها وأنت خطيبها
عادل: مهما كانت علاقتنا بها اتخذت هذا القرار ولا رجعة عنه لن يغير أحد منا شيئا... تحتاج إلي وقت أطول المهم أن نبقى بقربها ولا نفارقها
هاني: أكيد هي بحاجة إلينا رضيت أم أبت وسنشعرها بوجودنا واهتمامنا .. ولا بد إشغالها عما يدور في ذهنها حتى نساعدها على إبعاد ما يجول في خاطرها من أفكار سوداوية
محمد: هذا سيساعدها قدر الإمكان على أن تنسى
سمير: حاولت ... حاولت... ربما أنتم أقدر مني .. ربما تستطيعون مساعدتها لقد أصبحت كتله واحدة من الأعصاب المنهارة اخشي ما أخشاه أن تؤدي حالتها إلي ما لا تحمد عقباه
محمد: ماذا تعني ؟؟
عادل: مستحيل لا يمكن أن نسمح أن تتعرض لأي مكروه
هاني: يكفي ما أصابها علينا عمل المستحيل
سمير: كان الله في عونها وعونكم.. ربما تستطيع النوم فهي بحاجة إلي الراحة ... مضى عليها أيام لم تنم ولم تسترح ضروري عندما تستيقظ حاولوا إقناعها بتناول الطعام مهما كانت الكمية... مهم جداً أن تعود تدريجيا إلي طبيعتها سأذهب الآن سأعود قريبا
قطع على سمير يتجه إلي باب الصالة
قطع على عادل لحق بسمير قبل مغادرته ويستوقفه
عادل: هل ستذهب إلي مركز الشرطة من أجل الحصول على التقرير النهائي للحادث قالوا بأنه سيجهز اليوم وبالإمكان الحصول عليه
سمير: ما الفائدة قضي الأمر لن يفيد هذا التقرير شيئا
عادل: حتى ولو من الأفضل بل من الضروري الحصول على هذا التقرير
سمير: أكيد ضروري أن نحصل على التقرير النهائي سأمر على مركز الشرطة في طريق عودتي إلي هنا ... أستأذنكم .. إلي اللقاء
قطع على سمير يتجه إلي الباب ويختفي
قطع على عادل يتجه إلي اقرب كرسي
قطع على محمد ينظر إلي باب غرفة أمال ويقرر التوجه إليها ينتبه إليه عادل
عادل: دعها الآن هي بحاجة للراحة ولو لفترة قصير هذا أفضل لها ولنا ولن نتمكن من القيام بأي شيء الآن وهي على هذه الحالة
هاني: صحيح هذا ليس بالوقت المناسب هي بحاجة إلي بعض الوقت
محمد: لم أفهم ماذا قصد سمير بقوله أننا لسنا بحاجة للحصول على التقرير النهائي للحادث
يسمع صوت سيارة تقف خارج البيت يندفع محمد قبل أن يتم جملته الي النافذة ويلتفت الي أخويه
محمد: ولكن لا أعتقد ..وصل الوالد ... وصل الوالد
قطع على هاني ثم عادل
عادل: من الأفضل عدم ذكر أي شيء نعلمه
هاني: وأنها تستريح الآن في غرفتها
محمد: وإذا
عادل:"بعصبية" دعنا من إذا ... لماذا ... وماذا
يسمع صوت الباب الرئيسي يفتح
يسمع صوت الأب وهو ينادي ... يندفعوا الأخوة لملاقاته
يظهر الأب على باب الصالون وهو يحمل صحيفة بيده يخترق الإخوة ويتجه لأقرب كرسي ليجلس عليه ... يبدو عليه الإرهاق
قطع على عادل وهاني ومحمد في غاية الاستغراب
قطع على الأب وقد بدأ يتصفح الصحيفة
محمد: تأخرت يبابا
الأب: أنا داري حركة هالسير كل مالها تزداد ازدحام صار الواحد يتمنى يبقى بالبيت ولا يخرج في الزحمة الخانقة القاتلة لعدم وجود الأخلاق لدى بعض سائقي السيارات .. الواحد منهم يخالف ويسوق بسرعة جنونية ويصدم سيارتك ويصرخ عليك ويقول ما تفتح عينك مش شايفني حتى الأرصفة أصبحت تستعمل لسير السيارات ولا يحق للمشاة المارة استعمالها وين نروح نمشي في الهواء
سكون مفاجئ... الإخوة ينظرون إلي بعضهم البعض الأب يعاود تصفح الصحيفة بعصبية ويرميها على الأرض يحاول بجهد كبير أن يتكلم فجأة يقف ويتجه إلي غرفته وقبل أن يصل بابها دون أن ينظر خلفه إلي الأخوة يقول
الأب : هل وصلت أختكم؟
قطع على عادل وهو يجيب
عادل: نعم وصلت وها هي في غرفتها تستريح .. كان من المفروض
الأب: الحمد لله على سلامتها .. بحاجة إلي الراحة .. وأنا كمان لازم أستريح
يدخل الأب إلي غرفته يعود السكون يسيطر على الإخوة
فجأة الكل يعود إلي حركته أو جلسته
محمد بحركة عصبية يزرع الصالون ذهابا وإياباً
قطع على عادل
عادل: أرجوك يا محمد. منشان الله ... بكفي راسي بجعني
قطع على محمد وقد توقف بشكل لا إرادي ينظر إلي عادل ويندفع إلي خارج الصالة ..ولكن عادل يستوقفه بالمناداة .. يقف عادل يمد يده إلي جيبه ويخرج نقوداً
عادل: خذ يا خوي محمد... احضر لنا بعض المشاوي ... لا أحد منا أكل .. إحنا في وضع صعب.. كنا في دوامة مش مهم خذ خذ
هاني: مين اله نفس للأكل .. ما في نفس.. ما حدا جوعان
عادل: يا أخي الجوعان بيأكل ..إحنا أو غيرنا ربما يحضر سمير ...خبرنا بأنه سيعود ... والوالد .. نقدم الطعام بشكل طبيعي زى عادتنا و بلاش المبالغة في الحكي ... بلاش نزيد الطين بله
قطع على محمد يتجه إلي عادل يأخذ النقود ويتجه إلي باب الصالة الرئيسي ... يسمع صوت جرس الباب الرئيسي
يختفي محمد متجها للباب الرئيسي يعود إلي الدخول وخلفه سمير الذي يحمل كيس بلاستيك ... يحاول محمد أن يتناوله منه .. سمير لا يعطيه فرصة
قطع على عادل وهاني قبل أن يظهر سمير ومحمد
عادل: مين يا محمد .. سمير.. عدت بسرعة لم نكن نتوقع ذلك
سمير: الوالدة الله يخليها قدَّرت أنه ما حدا عنده وقت يحضر أو يطبخ .. قالت لي الله يسمع منك ويهدئ بالكم المهم .. طبخت هاللقمة الكم..
قطع على محمد يتناول كيس الطعام من سمير
قطع على هاني
هاني: غلبت حالها الخالة.. لمين كل هالأكل .. ما حدا اله نفس يتناول الطعام
سمير: ما شاء الله .. يعني صايمين.. والي متى في الأول وفي الأخر راح تجوعوا يعني مين منكم كان فاضي.. ولاَّ لديه من الوقت ... الجميع في حالة ترقب وبعدين هذه خالتكم .. هل يوجد أحد منا يستطيع مخالفتها
هاني: صدقني يا سمير.. لا أحد يشعر بالجوع ولا نفسه يضع لقمة في فمه
سمير: هذه مزايدات لا لزوم لها.. إلا إذا قرر توا أن تموتوا من الجوع من أجل ماذا يا أخي .. بكفينا ما نحن فيه فلا لزوم لهذا الكلام غير المنطقي ايش هالمكابرة ... الطعام موجود وكل واحد على كيفه ... انتو تأكلوا علشان تعيشوا وله بتعيشوا علشان تأكلوا
محمد: بصراحة أنا لم أفهم كلامك الأخير ... لا ضرورة لإفهامي ... أنا ميت من الجوع .. كما اتفقنا نتصرف بشكل طبيعي والشيء الطبيعي في هذه اللحظة الذي يشعر منا بالجوع يأكل .. ولاَّ لا .. إلاَّ إذا غيرتم رأيكم
قطع على المجموع ويحاولون كل منهم الابتسام ولكن يبدو عليهم الانفعال
سمير: الابتسامة كمان شيء حلو والله ما في أحلى من أن الإنسان يبتسم .. إلا إذا استسلمتم أنتم وفقدتم إرادتكم وتصميمكم على التحدي وإعادة الأمور إلي طبيعتها
قطع على باب غرفة نوم الأب .. يظهر الأب .. الكل يلتفت إليه مع محاولة التصرف العادي
سمير: عمي... لم أعلم أنك هنا أرجوا أن لا نكون قد أزعجناك
الأب: أهلا سمير... حاولت أن أغفوا ولو لدقائق.. لم أتمكن وأنا أشعر بمعدتي خاوية وبصراحة أنني جائع ولا استطيع كعادتي أن أغفوا على معده فاضيه عادة تعودت عليها
قطع على محمد يحاول أن يُعلم والده بأن الأكل موجود
قطع على الأب يتجه إلي باب المطبخ سعيا وراء الأكل
الأب: مش مهم ايش الموجود بنأكل .. لقمة زيت و زعتر و شقفة جبنه أي شي
محمد: الأكل موجود والحمد لله يا بابا... الخالة أم سمير الله يخليلنا إياها
قطع على محمد يلتفت إلي سمير مستجيرا
محمد: سمير أنت حضَّرت الطعام وقلت بأن الخالة حضرت الطعام
قطع على سمير ونظرة غامضة لمحمد ولعله يريد إحراج محمد
سمير: أنا لم أقل ولا كلمة ... وأنت كمان لم تسأل .. وصدقني أنا لا أعرف
حملت الكيس وعدت مسرعا وحتى لم أسأل الوالدة عما حملتني إياه يمكن زيت و زعتر يا عمي
قطع على عادل وقد دخل الحوار
عادل:نعمة وبركة... أي شي من خالتي.. جزاها الله كل خير
هاني: الله لا يحرمنا منها
محمد: يا ناس دخليكم أجلو المجاملات متنا من الجوع يله نأكل وبيني وبينكم مش ضروري الجلوس في غرفة السفرة .. نحضر الطعام إلي هنا ايش فيها .. ولا الأكل هون مش طبيعي ولا عادي .. لازم نأكل على طاولة السفرة
الجميع يتجهون إلي طاولة السفرة بسرعة ... هاني ومحمد يتناولان الكيس ويبدأن في بتفريغه على الطاولة .. وعادل وسمير يتجهان إلي الطاولة ويأخذان مكانهما ماعدا الأب الذي واقفا يخطف النظر إلي باب غرفة أمال دون أن يلحظ أحد ... يلاحظ الجميع عدم جلوس الأب
الجميع ينظرون إليه يشعر بنظراتهم ويقرر أن يتجه إلي طاولة السفرة يجلس على رأس الطاولة ينظر إلي الطرف الأخر من الطاولة حيث كانتا زوجته تجلس في العادة وطبعا الكرسي خالي .. يلاحظ الجميع نظرات الأب للكرسي الخالي فيسارع عادل للتخفيف من هذا الجو المشحون
عادل: سمير وين تركت خالتي.. كان لازم تكون معنا بعد ما كلَّفت وغلَّبت حالها وجودها معنا بركة. وحتى هي بتزعل من اللي ما بيأكل
سمير: كانت ناوية الحضور معي .. ولكن في آخر لحظة جاء عندها من يؤجل حضورها على غير موعد لم يكن لديها علم مسبق انتو عارفينها مجاملة من الدرجة الأولى ومستحيل تكسف أحد.. لو كان على حساب راحتها ويبدو أن القادمة عليها مع ابنتها حضرت لطلب مساعدة أو نصيحة
محمد: راح عن بالي.. نسيت أن خالتي تحب مساعدة الآخرين والأقربون أولى بالمعروف.. تستطيع مساعدة ابن أختها في عملية الحث والتدقيق
عادل: كلامك غير مفهوم إطلاقا
هاني: ليس غريبا عنا
سمير: أعطوه فرصة ليعبر عمَّا يجيش في صدره حرام عليكم ولا لأنه صغيركم
محمد: يا سمير أنت إنسان مهذب ورقيق.. وأنا أقدِّر موقفك النبيل هذا مني.. كل ما أردت قوله أن تقوم خالتي بمساعدتنا أخوتي الأعزاء .. أنا الأخير لأنه لسه بكير علي ولا شو رأيكم؟ لا تقاطعوني أرجوكم ثلاث زيجات معا وفي نفس الوقت والمكان أقل بكثير لو تم عرس منفرداً .. تكاليف فرح لثلاثة بدل واحد.. أنتم تُقَدِّرون تماما وتعرفون غلاء المعيشة
هاني: كفاية كفاية .. كنك واثق بأنك ستتحدث بأمور .. يا أخي قلنا واتفقنا أنه نتصرف بشكل طبيعي ولم نقل أن نبالغ في تصرفاتنا ونتجاوز الحدود
الأب " فجأة" أين أختكم. لماذا لا تحضروها .. مش مهم.. دعوها على راحتها
قطع على الأب وقبل أن يتناول لقمة واحدة ينظر إلي غرفة أمال
الأب: "بامتعاض" طبعاً طبعاً شو عليها خليها على دلالها هذا أفضل نسيت عندي موعد هام مع أبو أحمد ... وعليَّ أن أذهب إليه الآن لا أستطيع تأجيل هذا الموعد كان يجب أن يتم قبل أيام ولكن ما حدث
عادل: يا بابا أنت لم تأكل ولا لقمة
سمير: عمي كلها بضعة دقائق... حتى لو تأخرت عن الموعد بإمكان أبو أحمد الانتظار
الأب: الموعد هام لي... الأمر يتعلق فيَّ ولن يتأثر أبو أحمد الآن حتى لو لم أذهب.. مصلحتي تتطلب أن أذهب ولا أتأخر
لقطة واسعة تظهر الجميع .. تداخل الأصوات بين مؤيد ومعترض ومحاولة للإشارة لإقناع الأب للبقاء ولكن يضع الأب حدا لهذه المحاولة يتجه إلي باب الصالون يتوقف عند الباب..