ما جدوى الفصل الثالث من الباب الأول من دستور 2011
ما جدوى الفصل الثالث من الباب الأول من دستور 2011 إذا كانت الدولة تغض الطرف عن المتجاسرين على دينها الرسمي وتتساهل معهم في ذلك ؟؟؟
من المعلوم أن دستور 2011 ينص في الفصل الثاني من الباب الأول على أن السيادة للأمة تمارسها مباشرة بالاستفتاء، وبصفة غير مباشرة بواسطة ممثليها. ومعلوم أن الأمة المغربية مارست هذا الحق مباشرة بتصويتها على هذا الدستور الذي نص في الفصل الثالث الموالي على أن الإسلام دين الدولة ،والدولة تضمن لكل واحد حرية ممارسة شؤونه الدينية . وبموجب هذا الفصل وجب على هذه الأمة أن تلتزم بالدين الإسلامي ، وتصدر في اعتقادها و في ممارسة حياتها وفق تعاليمه إلا أن ما يصدر عن شريحة علمانية لا شرعية لوجودها في الدستور من تجاسر عليه من خلال المطالبة بأمور مناقضة لتعاليمه، وغض الدولة الطرف عن ذلك ،والتساهل معه، يجعل الفصل الثالث من الباب الأول من الدستور مجرد حبر على ورق ، ومجرد ادعاء يكذبه ما يصدر عن تلك الشريحة التي يفسح لها المجال الواسع إعلاميا للتفنن في التجاسر على دين الأمة وسيادتها .فمع مطلع كل يوم تطالعنا وسائل الإعلام بأشكال مختلفة من التجاسر الهادف إلى النيل من دين الأمة صادرة عن أشخاص يجاهرون بعلمانيتهم ولائكيتهم أو لادينيتهم ويطالبون إما بتعطيل بعض نصوص الدين أو بإلغائها كليا باسم الحرية . ولا شك أن العبارة الثانية في الفصل الثالث من الباب الأول هي التي شجعت هؤلاء على ذلك حيث جاء ت بعد العبارة الأولى : " الإسلام دين الدولة" عبارة : " والدولة تضمن لكل واحد حرية ممارسة شؤونه الدينية " وهي عبارة حمالة أوجه ، وقابلة للتأويل ، فقد يفهم منها أنها تعني المغاربة غير المسلمين وتحديدا اليهود ،والذين لا يلزمهم دين الدولة الرسمي إذا ما مارسوا شؤونهم الدينية المخالفة لتعاليمه ، كما أنه قد يفهم منها أن الدولة تضمن لكل واحد من المغاربة حرية ممارسة شؤونه الدينية مهما كانت، ولا تلزمه حينئذ العبارة الأولى التي تنص على أن الدين الرسمي للدولة هو الإسلام ، وبهذا التخريج أو بهذا التأويل يفهم أن الدستور يسمح بممارسة ديانات أخرى إلى جانب الدين الرسمي حتى بالنسبة للمغاربة المسلمين . ولا شك أن هذه العبارة هي التي كانت وراء ظهور المطالبة بحرية المجاهرة بمخالفة تعاليم الإسلام من قبيل الإفطار العلني في رمضان، وذلك في المجال العمومي ، وممارسة ما يسمى العلاقة الجنسية الرضائية والمثلية ، وممارسة الردة بالتنصر، وغير ذلك من الممارسات المخالفة للدين الرسمي للدولة . والملاحظ أن حمل تلك العبارة لأوجه فتح باب التجاسر على دين الدولة واسعا ، وجعل شريحة العلمانيين تذهب في ذلك إلى أبعد الحدود في غياب الرقابة الواجبة على دولة ينص دستورها على أن السيادة للأمة تمارسها مباشرة بالاستفتاء، وقد فعلت بالفعل بتصويتها على دستور 2011، وقررت أن يكون دين الدولة الرسمي هو الإسلام لا غير مع احترام حرية ممارسة رعاياها اليهود تدينهم لا غير ممن يريد العلمانيون إدراجهم مع الطائفة اليهودية من المسلمين المرتدين أو الفسّاق من خلال التوسع في تأويل العبارة الثانية في الفصل الثالث من الباب الأول في الدستور. ومع أن الدستور الذي مارست الأمة سيادتها بالتصويت عليه نص على وجود مجلس علمي أعلى وإعطائه صلاحيات لحماية دين الدولة وحراسته ، فإن هذا الأخير لا يحرك ساكنا حين تتجاسر الشريحة العلمانية على الدين الرسمي للدولة ، ولا يحث هذه الأخيرة على منع ذلك مع أنه جزء من الدولة وآلية من آلياتها . وعلى هذا المجلس أن يلزم كل مسؤول في الدولة ،وكل مواطن مهما كان على احترام دين الأمة، ولا يقبل بأي تصريح صادر عنه قد يوحي بشكل من الأشكال بتعطيل سيادة تعاليم الدين الإسلامي من قبيل ما صرح به وزير العدل على سبيل المثال والذي صرح إعلاميا أن ما يسمى العلاقة الجنسية الرضائية بين راشدين لا تعني المجتمع أو الأمة التي أعطاها الدستور حق ممارسة سيادتها ، وقد مارست بالفعل هذا الحق حين صوتت على أن الإسلام هو دين الدولة ، وأن هذا الدين يجرم العلاقة الجنسية الرضائية . وكان على الجهة الوصية على الدين في البلاد بما فيها المجلس العلمي الأعلى أن تسارع إلى التنديد بما صدر عن هذا الوزير، وأن تكون في الموعد وهي صاحب حق إصدار الفتاوى الشرعية حين يصدر عن أي كان ما يسيء إلى دين الدولة ودين الأمة ذات السيادة .
وسوم: العدد 759