ما هو الغرض الحقيقي من وراء طرح ومناقشة موضوع عذرية الفتاة المغربية
ما هو الغرض الحقيقي من وراء طرح ومناقشة موضوع عذرية الفتاة المغربية في كلية الطب والصيدلة بمدينة الدار البيضاء ؟
نشر موقع هسبرس مقالا تحت عنوان : ( بوطيب يرصد " وهم العذرية " وينبه إلى مخاطر " شهادة البكارة " لصاحبه المدعو عبد الإله شبل ، تحدث فيه عن نقاش دار بكلية الطيب والصيدلة بالدار البيضاء حول موضوع عذرية الفتاة الذي يعتبر من "الطابوهات"، والذي يسبب لها مشاكل عديدة مع أسرتها وفي المجتمع. ومما دار في هذا النقاش كلمة لرئيس الجمعية المغربية للعلوم الجنسية ،وهوأستاذ بكلية الطب والصيدلة بالبيضاء الدكتور رشيد بوطيب ، وكلمة الأستاذ الجامعي بمدينة ليل الفرنسية يفيس فيرول، وكلمة عبد الصمد الديالمي الذي قدمه صاحب المقال كباحث في علم الاجتماع .
أما رشيد بوطيب حسب صاحب المقال فقد نبه الأطباء الذين يقدمون شهادات العذرية للفتيات اللواتي يرغبن في الزواج إلى قضية تشهير بعضهم بهن خروجا عن مبادىء الطب واحترام سرية المهنة. كما أشار إلى أن عشاء البكارة لا يعني أن صاحبته لم تمارس الجنس، لأن غشاء البكارة قد يكون محصنا لا يتعرض لنزيف في أول علاقة جنسية ، وأن هذا الغشاء لا يدل على التربية الحسنة لصاحبته ، كما أن هذا الغشاء قد يكون مفتوحا منذ ولادتها ،وهذا لا علاقة له بممارستها الجنس من قبل أو بالتربية الحسنة أو عدمها. وأشار إلى أن العذرية تخلق مشاكل للفتاة المقبلة على الزواج ، وتؤدي ضريبتها الباهظة ، وأن هذا الأمر لازال مشكلا في المجتمع المغربي . وذكر أن مناقشة هذا الموضوع يدخل ضمن النقاشات الجارية في المغرب حول الحريات الفردية ، والإجهاض وغيره، والتي تطرح تساؤلات حول موضوع حرية الفتاة في استعمال جسدها.
أما الأستاذ الفرنسي يفيس فيرول، فقد صرح أن موضوع العذرية لا يطرح مشكل في فرنسا ، ولا يناقش بالحدة التي يناقش بها في المغرب، وأن منطق العذرية المعتمد في الدول العربية والإسلامية، ومن ضمنها المغرب يجعل النساء ضحايا خلال فترة الزواج .
وأما عبد الصمد الديالمي، فقد تساءل : لماذا لا يوجد رجل" أعذر " وأن كون " العذرية " اسم مؤنث يعتبر حكما مسبقا .ويرى أن العذرية عند العرب والمسلمين تعتبر رأسمال الفتاة إذا ضيعته ضاع منها كل شيء، وأنها تفقد قيمتها بفقدان العذرية مهما كانت مكانتها العلمية والأسرية .
ويبدو الغرض من وراء طرح ومناقشة هذا الموضوع واضحا بجلاء من خلال وجهات النظر الثلاث الواردة في المقال الذي غطى هذا اللقاء ، ذلك أن أصحابها أجمعوا على أنه يجب أن يتجاوز المجتمع المغربي قضية إدانة فقدان العذرية أو غشاء البكارة . فرشيد بوطيب حاول نفي العلاقة بين العذرية والتربية الحسنة إذ قد تمارس العذراء الجنس دون فقدان العذرية ، وقد تولد بدون عذرية دون أن تكون قد مارست الجنس . وواضح أنه تحدث عن حالات لا تمثل عموم العذارى ، فليس الغالب أن كل عذراء تمارس الجنس لا تفقد بكارتها ، وليست كل بكارة لا تفض بأول اتصال جنسي ، لهذا لا يمكن التشكيك في تربية كل العذارى ،وفي عفتهن انطلاقا من حالة عذراء قد تكون احترست أثناء ممارسة الجنس قبل زواجها حتى لا تقيم على نفسها حجة بفقدان عذريتها . وليس الغالب على كل العذارى صلابة غشاء بكارتهن الذي لا يمزق عند أول اتصال جنسي . وليس الغالب على كل العذارى أن يولدن دون غشاء بكارة. ولا يمكن لهذه الحالات التي تحدث عنها السيد بوطيب أن تقنع المجتمع المغربي بالانتقال من ثقافته إلى ثقافة المجتمع الفرنسي التي تحدث عنها الأستاذ الفرنسي يفيس فيرول ،والتي لا تعير اهتماما للعذرية لما بين قيم الثقافتين الأخلاقية من اختلاف . ولا يحق لهذا الفرنسي أن يعتبر ثقافته بخصوص موضوع العذرية أرقى من ثقافة المغاربة ، ويعتبر بموجب ذلك أن المغربيات ضحايا منطق العذرية خلاف الفرنسيات. فإذا كان المجتمع الفرنسي لا يعير أهمية للعذرية، فلا يلزم المجتمع المغربي أن يحذو حذوه كما أراد فيرول وبوطيب والديالمي . والثقافة الإسلامية ليست ثقافة عابثة كما هو الشأن بالنسبة لغيرها من الثقافات لأنها صادرة عن وحي منزل من رب العباد لا يأتيه ما يأتي غيره من باطل . فالقرآن الكريم يتحدث عن حالتين تكون عليهما الأنثى ، فهي إما بكر أو ثيب ، مصداقا لقوله تعالى مخاطبا أزواج النبي صلى الله عليه وسلم : (( عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات ثيبات وأبكارا )) فليس من قبيل العبث أن يذكر الله عز وجل الثيبات مقابل الأبكار ، ولا يمكن تجاوز العذرية كصفة ملازمة للأنثى ، وهي صفة تترتب عنها أحكام فقهية في الإسلام تتعلق بالزواج منها على سبيل المثال أن الباني بالعذراء إذا وجدها ثيبا له الخيار في مواصلة الحياة الزوجية معها أو مفارقتها . ويمكن أن تدافع الخبرة الطبية الحديثة عن اللواتي يولدن طبيعة أو جبلة دون غشاء بكارة ، لإقناع أزواجهن بعذريتهن ، ومعلوم أن الفقه الإسلامي لا يتجاوز الخبرة العلمية، ولا ينفيها، ولا يعارضها بل يعتمدها في أحكامه .
أما وجهة نظر السيد الديالمي ،وهو معروف لدى الرأي العام بخرجاته الجنسية الإباحية ،فمثيرة للسخرية حين يتساءل لماذا لا يوجد ذكر" أعذر" علما بأن الذكر يعذر حين يختن ويسمى قبل الإعذار الأغرل ، وتلك هي طبيعة عذريته ـ إن جاز أن نسميها كذلك ـ وهي مخالفة لعذرية الأنثى لأنه لا يفقد غرلته أو قلفته بممارسة الجنس كما تفقد هي عذريتها بذلك . والأكثر إثارة للسخرية هو اعتباره التأنيث في كلمة عذرية حكما مسبقا أريد به استهداف الأنثى. ولست أردي إن كان السيد الديالمي يعلم أنه يقال في اللسان العربي "عذر الرجل" إذا كثرت عيوبه وأخطاؤه، وما أكثرها في خرجاته الجنسية والإباحية التي يطالعنا بها بين الحين والآخر. وعنده ،وحسب منطقه الشاذ أن الأنثى ذات المستوى العلمي لا يضيرها أن تفقد عذريتها ، ولا ينقص ذلك من قيمتها لأنها فوق القيم الدينية والأخلاقية .ولقد مللنا من تغريداته المشجعة على استباحة الأعراض منذ أوائل الثمانينيات في جامعة فاس ، ولا زال على حاله وقد غزاه الشيب ولم يزده إلا عيبا .
وفي الأخير نشير إلى أنه قد ورد في كلام الدكتور بوطيب حسب ما جاء في المقال ما يدل على أن طرح ومناقشة موضوع العذرية وإن اتخذ شكل ندوة علمية في مؤسسة جامعية ظاهرا ، فإنه يدخل ضمن الحملات المنسقة التي تستهدف القيم الإسلامية والأخلاقية في مجتمعنا وعلى رأسها عفة المرأة ، ذلك أنه حين يقول بأن هذا الموضوع يندرج ضمن النقاشات الجارية في المجتمع المغربي حول الحريات الفردية ، والإجهاض وغيره ،والتساؤلات حول جسد الأنثى وعن حريتها في استعماله ، فإنه يصرح بوضوح أن ندوته التي وصفها بالعلمية لا تخرج عن هذا السياق ، وأن القصد هو التطبيع مع فقدان العذرية ، وهو تمهيد للتطبيع مع الإباحية تحت شعار حرية الجنس التي ترفع جهات مشبوهة عقيرتها مطالبة بها تحت مسمى العلاقة الجنسية الرضائية ، و تحت شعار حق الأنثى في جسدها وحريتها في استعماله . ولقد صارت العذرية عند هذه الجهات المستلبة ثقافيا معرة وعارا ، وفقدانها دون زواج حضارة وتقدما إذ كيف يجوز في نظرهم للفتاة الغربية أن تفعل في عذريتها ما تشاء، وتهديها لمن تشاء دون زوجها في حين تفرض الوصاية على عذرية الفتاة المسلمة ،وتكون هدية زوجها دون غيره ليلة عرسها؟
وسوم: العدد 760