تواصُل زوجي صحيح، لِعَيْش مُشترك مُريح

د.محمد رشيد العويّد

العلاقات الزوجية

ندعو الزوجين إلى التواصل، ويؤكِّد خبراء العلاقة الزوجية ضرورته وأهميته، لكن هذا التواصل قد يكون سبباً في زيادة الخلافات وتأزُّم النزاعات، إذا لم يتمّ بالأسلوب الصحيح.

كيف يكون التواصل بين الزوجين صحيحاً وسليماً وإيجابياً؟

لابدّ من مراعاة مايلي:

- عدم اللوم وإلقاء التبعة والمسؤولية على الآخر، مع تبرئة النفس من الخطأ.

إن قيام أحد الزوجين بلوْم الزوج الآخر يؤلمه ويُحزنه ويُحبِطه، ويُصبح من ثَمّ مُعطِّلاً للتواصل المطلوب بينهما.

وإذا كان الزوجان يتواصلان لبحث مشكلة فليحذرا تبادل اللوم، بل ليفعل كل منهما العكس من ذلك، أي يبدأ بلوْم نفسه واتّهامها بالتقصير أو الخطأ، حتى يُبادِر الآخر إلى مثل ذلك، أي اتّهام نفسه، فينجحان في اتّقاء الانفعال والحدّة والغضب.

- تجنّب السخرية تماماً في أثناء التواصل، حتى لو كانت هذه السخرية مزاحاً.

إن السخرية أيضاً تحُول دون التواصل الصحيح والسليم والإيجابي، فينبغي على الزوجين كليهما تجنبها وإبعادها عن تواصلهما، وليتذكّرا النّهي القرآني الحكيم عنها: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾الحجرات (11)

- أكثر الاعتقادات خطراً على التواصل الصحيح؛ اعتقاد الزوجين أنه لابد من انتهائه بانتصار أحدهما، ومن ثمّ يحرص كل منهما على أن يكون هو المنتصر.

ولهذا ينبغي أن يكون اعتقادهما: المنتصر الحقيقي هو حياتنا معاً في سعادة ووفاق واستقرار، فإذا حقّقنا هذا الانتصار فنحن كِلانا منتصران والمهزوم هو الشيطان.

ويحسُن تذاكر الزوجين بهذا في بداية كل حوار، حتى يشعُر كل منهما بالأمان، ويركّز اهتمامه على هذه الغاية: انتصار زواجنا ونجاحه واستقراره، ومن أجل ذلك لاحرج في تصحيح أخطائي وتغيير اعتقاداتي، وتنازلي عن كثير مما لي، لمصلحة سعادتنا معاً.

- الحرص الشديد على عدم مُقاطعة أحد الزوجين الزوج الآخر وهو يتكلم، وإعانته على إتمام فكرته، والتعبير عن مشاعره.

ومما يُحقِّق هذا: عدم الاستعجال في الردّ أو التعليق أو الإضافة، والتحلّي بالحِلم والتأنّي والصبر.

إن مُقاطعة من يتكلّم من الزوجين تُثير ضيقه، وقد تُشعِل غضبه، فيُخفِق التواصل ليصير تقاطعاً وتنافُراً ونِزاعاً.

- قد لايكون الكلام هو الذي يُعطِّل التواصل أو يُدمِّره، بل بعض حركات الوجه، مثل الابتسامة الصفراء الساخرة, أو زمّ الشفتين الذي يعني رفضه مايسمعه من كلام، أو إظهار ملامح عدم التصديق برَفْع الحاجبين مع نظرات الدهشة والاستنكار، أو حركة إحدى الكفين تعبيراً عن عبارة: دعك من هذا الكلام... وهكذا.

كذلك العبث بأشياء أمامه تعبيراً عن سأمه من الكلام الذي يسمعه، وعدم ارتياحه له، أو عدم موافقته عليه.

- من الأمور المهمة في تحقيق التواصل بين الزوجين: المُحافظة على مستوى الصوت فلايكون مرتفعاً أو حادّاً أو غاضباً، بل يكون خفيضاً نديّاً ودوداً، يرتاح إليه السامع، وينشرح له صدره، وتأنس به نفسه، ويطمئن به قلبه.

وبعد، أيها الزوجان الغاليان، فإن نجاحكما في تواصل سليم إيجابي طيب يوصلكما إلى نجاح حياتكما الزوجية،واستقرارها، وهناءتها.

وسوم: العدد 772