الآخرون لايفكرون لك ليساعدوك ، بل يفكرون بك ، كي يوظفوك لمصالحهم !
مطلوبٌ منّا ، أن نفكّر لأنفسنا ؛ لأن الآخرين ، الذين يفكّرون بنا ، إنّما يفكرون لأنفسهم ، في كيفية التغلب علينا ، أو محقنا ، أو ابتلاعنا ! والأمثلة واضحة ، أمامنا ، حيّة ، متحرّكة ، في بلادنا ، تدمّر كلّ شيء ، وتحرق الحجر والشجر والبشر.. في دوّامة دَم ، قلّ أن شهد ، لها ، العالم نظيرا !
وما دمنا مُنحنا القدرة ، على التفكير، فيجب علينا استعمالها ، في شؤوننا الخاصّة والعامّة ! وستختلف ، بالضرورة ، أراؤنا ، باختلاف نظرتنا للإمور، ضمن أنساقها ! والنسَق السوري ، نسَق زئبقي ؛ كما سمّاه ، أحد الباحثين ، في نظرية الأنساق ! وهذا النسق السوري الزئبقي ، فيه عناصر هائلة ، من القوى والمصالح ، والعلاقات والمواقف ، والأفكار: الصغيرة والكبيرة ، والمتعارضة والمتفقة ، والمتعادية والمتحالفة .. بأشكال مختلفة ، متحرّكة ، زئبقية ، لا تكاد تلقي عليها نظرة ، في ساعة ، إلاّ وجدتَها اختلفت ، في الساعة الثانية ، كرمال الصحراء ، التي تعبث بها الرياح ، فتشكّلها ، كلّ ساعة ، بشكل جديد !
وكلّ مهتمّ، بالشأن السوري ، مخلص عاقل، إنّما يبحث ،عن البدائل ، ضمن هذا النسق الزئبقي؛ البدائل الممكنة والمجدية ، لشعبه و دولته ! ومصائبُ الأخرين ، قد تكون فوائدَ له ، كما قال المتنبّي :
وكما تكون البدائلُ ، في الفعل ، تكون في القول ! وكلاهما عَمل ، وكلّ منهما مرتبط بالآخر، في التفكير السليم ، الذي يَعمل ، لخدمة قضيّة معيّنة !
والذين اختاروا ، لأنفسهم ، العمل ، في صناعة الكلمة ، لابدّ ، لهم ، من أن يصنعوها - في القضايا العامّة - لخدمة هذه القضايا، الهامّة ، من وجهة نظرهم، وقد تكون نافعة ، في ظرف ، ضارّة ، في ظرف آخر!
والنظر إلى الأمور، ضمن أنساقها ، لابدّ ، أن يختلف ، من شخص ، إلى آخر، من حيث الإمكانية والجدوى ، ومن حيث النظرُ، ذاته ، ومن حيث القدرة ، على إدراك الإمكانية والجدوى، عقلياً، ومن حيث الإخلاص ، المستقرّ في النفس ، ومن حيث القدرات المعنوية ، الكامنة في كل ناظر؛ على مستوى الصبر، والتصميم ، والخبرات العلمية والنظرية .. ومن حيث الاستعداد للتضحية ، في سبيل فرض الرأي الأجدى ، الأنفع للأمّة : حالاً ومَآلاً !
فمن لديه رأي محدّد ، في حَسم المسألة السورية ، بما ينفع أهل سورية ، يكون قابلاً، لأن تتفق عليه: نُخبٌ سوريّةٌ ، فاعلة مؤثرة ، قادرة على فرضه ، على القوى الهائلة ، في سورية ، المتحكّمة ، بقراراتها الكبيرة ؛ فيجب عليه طرحه ، والعملُ على فرضه ، في الساحة ، بأيّ شكل ممكن ومجدٍ ، عبرَ تشكيل رأي عامّ ، حوله .. أو عبرَ وسيلة ، غير هذي ؛لإخراج سورية ، من دوّامة الدم ، التي تعصف بأهلها، منذ سبع سنين، ونيّف!
وسوم: العدد 780