موازنة بين النشاط السني العربي والنشاط الرافضي الإيراني في إفريقيا..
الرائد لا يكذب أهله..
من أعظم الخطأ والخطيئة التغافل المتعمد لمخططات عدوك الذي لا يرى له عدواً في العالم إلا أنت ..
فمن مسلمات حوادث التاربخ وعقيدة المسلمين أنّ عداوة الرافضة للمسلمين أعظم من عداوتهم لليهود والصليبيين بل وللوثنيين عباد الأصنام من البوذيين والهندوس، ومن نازع في هذه المقدمة فليس من جملة العقلاء فضلاً أن يكون من أهل العلم وطلبته..
في السنوات الأخيرة قدر الله لي زيارة خمس عشرة دولة إفريقية لأغراض علمية ودعوية، ورأيت ما لم يره كثير من إخواني ممن يشغلهم همّ هداية بني آدم إلى سواء الصراط صراط التوحيد وتعظيم النبوة واتباع الوحي..
والرائد لا يكذب أهله..
إن الدعم الرافضي في إفريقيا يكاد الناظر يجزم أنه ليس مدعوماً من إيران وحدها فحسب بل يمدها بمددٍ مادي وغطاء سياسي قُوى المكر الكبرى والتي تتحكم في إعادة التشكيل الديموغرافي لمناطق النزاع الديني والسياسي في العالم..
لقد التقت كلمتهم على وجوب وقف انتشار الإسلام في تلك القارة السمراء، ثم اجتمع مكرهم على تصدير الإسلام المحرف والبديل وهو الإسلام الرافضي، فلا غرو أن تتباين أهدافهم وتتفق كلمتهم..
وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال..
إن الرافضة درسوا الشخصية الإفريقية دراسة نفسية (سيكولوجية) عميقة وعلموا مداخلها ومخارجها ومواطن اجترارها..
لا اتحدث هنا عن جانب التوغل والتغول السياسي فليس هو موضوعنا ولست من أهله فله رجاله ومتخصصوه، إنما الكلام عن كيفية غزو العقلية السنية المسلمة في تلك البقاع من قبل الرافضة وإعادة تشكيلها ..
اعلم أنه:
ليس للرافضة أي نشاط يذكر في دعوة الوثنيبن إلى الإسلام مقابل النشاط العظيم لأهل السنة نسأل الله أن يبارك في تلك الجهود..
يهتم الرافضة أولاً بامتلاك قنوات التثقيف الإعلامي مثل الفضائيات وإذاعات الراديو، وهذا من أولوياتهم ، ورصد الإحصائيات الخاصة بهذا النشاط لا يتسع له هذا المقال..
أما أهل السنة فيأتي هذا الأمر في آخر أولوياتهم إن جاء أصلاً، وهذا من الفرار يوم الزحف والذي يجب على أهل السنة دعمه بكل قوة وتقديمه على كل أولوية حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله..
الدعم العربي السني يهتم اهتماماً بالغاً بالدعم الإغاثي (آبار - مساجد - أضاحي - إطعام المساكين - كسوة الفقراء - بناء مساكن لمن لامأوى لهم..) وهذا كله أمر حسن وباب كبير من أبواب الجنة، لكن يجب ألا يكون من الأولويات والأوليات بل نجعله في المرحلة الثانية بعد توفير آلات التثقيف والعلم والتعليم وتثبيت الترسانة العقيدية من خلال طرق ابواب التعليم والتثقيف السني كلها ابتداء من الفصول والمدارس إلى الدورات العلمية للدعاة وطلاب العلم لصد عاديات الانحراف العقدي والفكري..
فيجب على النشاط السني العربي اغتنام محبة الافارقة الطيبين للجنس العربي وتقديمه على أجناس العالم - في الجملة-
فتجد 90% من نشاط الدعم الرافضي في بناء الفصول والمدارس والبعثات التعليمية الى حوزات العراق وإيران،
وعند أهل السنة 90% من نشاطهم في الآبار والنشاط الإغاثي، وهذا خلل عظيم في الأولويات كما سبق..
النشاط الرافضي الإيراني يبدأ عمله من مؤسسات الدولة والسفارات المستضافة بعكس النشاط السني العربي يبدأ من الأفراد (من الدعاة خريجي الجامعات العربية) والجمعيات الأهلية ، وقلما تدعمه سفارة عربية تكون ظهيراً له.
وهذا يعرضه للتشظي والتفكك عند أول اضطراب كما حدث في النموذج المدغشقري..
النشاط الرافضي الإيراني يجعل النقطة بحراً، بمعنى: أنه ينشر جلسة في إحدى الحوزات في الأدغال الإفريقية قد حضرها عدد لا يتجاوز أصابع اليدين فينشرها في الإعلام الرافضي العربي كأنها مؤتمر عالمي!! فيوحون للمستمع ان إفريقيا كلها رافضية.. والمراقب يتعجب من الجزئيات التافهة التي تُضخم في إعلام القوم..
وعلى عكس النشاط العظيم لأهل السنة لا تتبناه قناة عربية، ولكن أقول:قد يسوغ هذا لأجل دوافع الحفاظ على رأس المال بدلاً من خسارته كله لأسباب ليس هذا موضع ذكرها..
من المآخذ العظيمة على النشاط السني العربي في إفريقيا الرضى بتحريش الشيطان بين الأفراد والمؤسسات والجمعيات العاملة هنا، حيث لا تجد تعاوناً بينها - إلا ما رحم الله- وقد رأيت من ذلك العجب والله المستعان!
النشاط الرافضي الإيراني قائم على خطط مستقبلية (استيراتيجية) لنشر مذهبه وتصدير العقيدة الخمينية وثورته وثيرانه..
وهذا يوجد في بعض صور النشاط السني العربي لكن يحتاج إلى تقويم فضلا عن نكران الذات والتجرد وقبول النصيحة ..
النشاط السني العربي في تلك البقاع مفخرة للإسلام بحق وله محاسن عظيمة وجهود مشكورة ويعمل فيه رجال لا يعلمهم كثير من الناس ولكن الله يعلمهم..
وكذلك من إخواننا الأفارقة فيهم مجاهدون بحق في سبيل دينهم لعلي أفرد لبعض نماذجهم مقالا في المستقبل إن شاء الله..
وأكتفي بهذا ونكمل فيما بعد إن شاء الله..
وأخيرا..
لا أعلم عملاً دعوياً مؤسسياً في هذا العصر أعظم من فكرة الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية وإنتاجها لأسطول من الدعاة وطلبة العلم ينتشرون في جنبات العالم عامة وإفريقيا خاصة..
فهم حائط الصد الأول وترسانة الدفاع السني في تلك البقاع..
ولا شك أنه امر يستحق ان نفرد له مقالاً إن شاء الله..
وكذلك الدعاة الفضلاء من خريجي الأزهر الشريف وعملهم الدؤوب في مجال الدعوة بعد رجوعهم إلى أوطانهم..
فاللهم احفظ بلاد العرب جميعها وحواضر الإسلام من مكر وكيد خصومهم ومناوئيهم..
وسوم: العدد 805