مفاتيح الخير، مغاليق الشرّ: هل لديهم مقاييس موحّدة ، للخير والشرّ؟

الخير والشرّ، على المستوى الإنساني العامّ ، واضحان ، لعقلاء البشر، جميعاً !

وهنا ينتقل القياس ، من الخير والشرّ المعروفَين ، بشرياً ، إلى قياس المصالح ، المختلفة والمتعارضة ، التي يراها كلّ فريق ، من جهته ؛ فيرى الخير كامناً ، في مصلحته ، وفيما يحقّقها له !

ولعلّ الأمثلة ، توضح الأمر، بجلاء :

دولتان صغيرتان ، في آسيا ، يحكمهما حاكمان ، لكلّ منهما ، طريقته : في التفكير ، وفي التعامل مع الآخرين ! أحدهما : لايترك باباً ، من أبواب الخير، التي يعرفها الناس ، إلاّ سلكه؛ فهو ينفق بعض أمواله ، في هذه الدولة ، أو المنطقة ؛ لبناء بعض المرافق الضرورية ، فيها ، من مدارس ، ومشاف ، وغيرها ! وينفق بعض أمواله ، مساعدات للمحتاجين ، في دول قريبة وبعيدة .. ويسعى ، إلى إصلاح ذات البين ، بين أطراف متنازعة ، على مستوى دول ، وأطراف سياسية متنوّعة !

أمّا الآخر، فلا يترك باباً ، من أبواب الشرّ، إلاّ ولجَه ، وأنفق فيه أموالاً طائلة :

من تأييد حاكم مجرم فاسد .. ومن دعم مجموعة ضالّة منحرفة ، في بلادها .. ومن توظيف عصابات إجرامية ، مرتزقة ؛ لزعزعة أمن دولة مستقرّة ، فيها حكم صالح .. ومن العبث ، بأمن بعض جيرانه .. ومن التجسّس ، على بعض آخر، من الجيران .. ومن الكيد الخبيث ، لجاره الصالح ، الذي ينفع الناس ؛ غيرةً منه ، وحبّاً لأذيّته !

لذا ؛ يفرح الناس ، بكلّ نجاح ، يحرزه الأول ، ويظهرون البهجة ، ويقيمون الاحتفالات ! وهم ينظرون إليه ، على أنه بلسم ، لعلاج جروح الناس ، ومآسيهم ، ويدعون الله ؛ أن يوفّقه ، إلى كلّ خير، وأن يكون النجاح حليفه ، في كلّ مسعى نبيل !  

بينما ينظرون ، إلى الثاني ، على أنه مندوب الشيطان ، في صناعة الكوارث والمآسي ، للناس، ويدعون ربّهم ، ألاّ يوفقه ، في أيّ عمل ، وأن يعجّل ، بإنقاذهم ، من شروره !

ومن الطريف ، أن أنصار هذا الثاني ، ومؤيّديه ، يرون أفعاله المؤذية ، خيراً ، كلّها ، لأنها تحقّق مصلحة دولته ! فكلّ أذى ، يلحقه بالآخرين ، أو يسبّبه لهم .. ينفع دولته ، وبالتالي ، فهو خير! وهو يحشد أجهزة إعلامه ، للترويج لهذا الخير، والتغنّي به ، وإظهار الخير الحقيقي ، الذي لدى جيرانه ، على أنه شرّ ، ووصف أيّ نجاح لهم ، بأنه إخفاق !

وسوم: العدد 810