لكلّ إنسان نسَقُه ، ولكلّ جماعة بشرية نسقُها.. والفوضى هي بَديلُ النسق !
تعريف النسق : النسق هو مجرّد مفهوم ، وأداة للتحليل ! لا وجود له ، إلاّ في ذهن المحلّل ! إنّ الأسرة ، والشركة ، والجمعية ، والإدارة الحكومية ، والحزب ، والدولة ، والقانون .. كلّها أنساق ؛ أيْ : مؤسّسات ، ننظر إليها ، ونحلّلها ؛ على أنها أنساق !
وفي إطار ماتقدّم ، يمكن تعريف النسق( system ) بأنه : مجموعة من العناصر المتفاعلة ، والمتّجهة ، نحو هدف محدّد ! فأركان النسق ، هي : العناصر، والتفاعلات ، والهدف !
ويمكن تعريف النسق ، أيضاً ، بأنه : شبكة من المكوّنات ، المتبادلة التأثير والتأثّر، تعمل ، مجتمعة ، من أجل الوصول إلى هدف ! ( تعريفات النسق ، الواردة في هذه السطور: مأخوذة ، من بحث بعنوان : مقدّمات في المنهج النسقي – الصادر، بتاريخ 31/ أيار- مايو/ سنة 2014 / للباحث : د إدريس أو هلال) .
استناداً ، إلى كلّ ماتقدّم ، يستطيع أيّ عاقل ، الجزم ، بأن كلّ إنسان حيّ، هو نسق قائم ، بذاته .. وكلّ جماعة بشرية ، هي نسق قائم ، بذاته ! وأن اقتحام أيّ نسق ، من خارجه ، سيؤدّي ، إلى أحد أمرين : إمّا تشكيل نسق جديد .. وإمّا فوضى ، تحلّ محلّ النسق المقتحَم ! كما أن كلّ تحليل ، من أيّ نوع : سياسياً كان ، أم اجتماعياً ، أم اقتصادياً .. خارج إطار النسق ، هو نوع من العبث الفكري البائس ، الذي لايوصل ، إلى أيّة نتيجة إيجابية ؛ بل سيشوّه حقيقة الموضوع ، الذي يحلّله !
نسق الإنسان الفرد : لكلّ إنسان ، مكوّنات كامنة فيه ، شكّلها بنفسه ، أو فرض عليه تشكيلها ، أو تشكيل بعضها ! ومكوّناته كثيرة ، منها : شكله ولونه ، وخصائصه البدنية والنفسية ، وتقاليده ، ومايحبّ وما يكره .. وعلاقاته مع الآخرين ، وأمراضه ، وأنواع طعامه ، وما هو محميّ عنه ، من الطعام والشراب .. وما يفضّله من عادات : كالمطالعة والرياضة ، ومشاهدة التلفاز.. ونحو ذلك ، ممّا هو مستقر لديه ، تتفاعل مكوّناته ، فيما بينها ، تأثّراً وتأثيراً ، ويعامله الناس ، من خلاله !
نسق الأسرة : الأسرة مجموعة أفراد ، تشكّل نسقاً قائماً، بذاته ،على ضوء التعريف المذكور، أعلاه ! وأيّ خلل، في مكوّنات النسق الأسَري ، من عناصر وتفاعلات وأهداف ، يؤدّي ، إلى تحويل النسق ، إلى نسق جديد ، أو إلى فوضى !
وبهذا المنظار، يمكن النظر، إلى سائر الأنساق : الكبيرة والصغيرة ، والبسيطة والمعقّدة ؛ كلّ منها ، بحسب طبيعتها : الإنسانية ، والاجتماعية .. وغيرها !
ومن هذه الانساق : نسق القبيلة .. نسق الحزب .. نسق المؤسّسة : ( كبيرة أو صغيرة ، خاصّة أو عامّة !).
أمّا الأنساق السياسية الكبيرة ، مثل : نسق الدولة الداخلي ، والنسق الإقليمي ، الذي تعمل الدولة ، في إطاره ، والنسق الدولي ، الذي يعمل في ، إطاره النسق المحلّي للدولة ، والنسق الإقليمي .. أمّا هذه الأنساق ، فيُنظَر إليها ، بمناظير مختلفة ، عن مناظير الأنساق المحلّية : كالأسرة ، والحزب ، والقبيلة ، والمؤسّسة ! وذلك ؛ للتداخل الكبير، بين هذه الأنساق الكبيرة ، الذي يزداد مع الأيام ، ومع التقدّم المتسارع ، في وسائل التواصل ، حتى يعجز، في بعض الأحيان ، رئيس دولة ، عن التصرّف ، في كثير من شؤون دولته : السياسية والاقتصادية والأمنية .. دون مراعاة القوى والمصالح ، التي لجيرانه ، في الإقليم ، ومراعاة النسق الدولي القائم، والذي تتحكّم بمكوّناته الأساسية ، بعض الدول النافذة ، وبعض القوى المؤثّرة ، داخل الدول النافذة ، والتي لا تترك لبعض رؤساء الدول ، إلاّ سقوفاً منخفضة ، وهوامش ضيّقة ، حتى في التعامل ، مع شعوبهم !
وسوم: العدد 817