الاستقسام بالأزلام والميسر
قال الله تعالى في محكم كتابه: "يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون" –سورة المائدة الآية 90
وقد عرف العرب في الجاهلية الاستقسام بالأزلام. والاستقسام كلمة سامية قديمة تعني العرافة وهي القيام بالتكهن. وهذا المعنى ما زال في الكلمة العبرية كيسم. وليست بمعنى تقسيم الشيء وتجزئته. وقريب من ذلك أن القِسم هو الحظ والنصيب.
كان أهل الجاهلية يستقسمون بالأزلام وعرّفوا الزّلم أنه السهم وإنه القِدح المزلم وعرفوا القدح أنه السهم قبل أن ينصل ويراش والجمع قِداح.
وكان عند الكاهن سهام على أحدهم حز واحد كناية عن أمرني ربي، وعلى الثاني حزان كناية عن نهاني ربي، وتوضع سهام غفل للتمويه، فإذا أراد الرجل سفرًا لتجارة، أو زواجًا أو أمرًا ضرب تلك القداح فإن خرج السهم الذي عليه حز مضى لحاجته وإن خرج السهم الذي فيه حزان لم يمض أمره. وكان عدد القداح عند الصنم هُبل سبعة، منها خمسة غُفل، فإذا خرج سهم واحد من الغفل تتكررت العملية من جديد. ومن مساوئ هذا الاستقسام أن جعلوا الحر لصيقًا وبالعكس عندما أجالوا القداح لمعرفة نسب المولود. وقد نهى الله تعالى عن الاستقسام بالأزلام لما فيه من التشاؤم والضرر. يقول الله تعالى: " وإن تستقسموا بالأزلام ذكلم فسق لكم _سورة المائدة الآية 3
الميسر:
هي لعبة كالقمار كان يشارك فيها أيسار القوم أي أغنياؤهم. وذلك بأن ذبحوا جملاً وقسموه إلى عشرة أقسام، ثم أخذوا سبعة قِداح(أسهم) لها حظوظ، وثلاثة غفل لا حظ لها. وراح أيسار القوم يختارون من السبعة. ثم يؤتى بالقداح عليها حزوز فإن كان فيه حز كان لصاحبه جزء من الجمل إذا ربح وعليه جزء واحد إذا خسر. أما إذا كان عليه سبعة حزوز فيربح سبعة أقسام من الجمل ويسمى صاحب القدح المعلى، وأن لم يخرج سهمه غرّم سبعة أجزاء من الجمل. وهكذا تذبح الجمال الواحد تلو الآخر وكان الأيسار يتبرعون باللحم للفقراء. قال الله تعالى: "يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما" سورة البقرة الآية 219. فالنفع هو إطعام الفقراء من اللحم، وأما الإثم فإن هذه اللعبة تؤدي إلى إفلاس الأغنياء وهي كالقمار.
أما كيفية اللعبة فهي أن يعمد إلى القداح فتشد مجموعة في قطعة جلد تسمى الربابة، ثم يعمد إلى رجل يدعى الحُرضة فيلف على يده اليمنى صنفة ثوب لئلا يجد مس قدح له في صاحبه هوى فيحابي في إخراجه، ثم يؤتى بثوب أبيض يدعى المجول فيبسط بين يدي الحرضة، ثم يقوم على رأسه رجل يدعى الرقيب ويدفع ربابة القداح إلى الحرضة وهو محول الوجه فيأخذها بيمينه ويدخل شماله من تحت الثوب فينكز القداح بشماله. فإذا نهد منها قدح تناوله فدفعه إلى الرقيب. فإن كان مما لا حظ له ردّ إلى الربابة ، فإن خرج القدح المعلى أخذ صاحبه سبعة أنصباء، ، فأن خرج بعده المسبل أخذ الثلاثة الباقية وغرم الذين خابوا ثلاثة أنصباء من جمل آخر. فربما نحروا عدة جمال ولا يحل للخائبين أن يأكلوا مما ذُبح.
راجع كتابابن قتيبة، الميسر والقداح
وسوم: العدد 824