فلسطين ومطرقة السفير
وكعادتي في كل صباح ، نهضت وتوجهت لفوري إلى التلفاز ، لأتبين ماجرى ويجري في القطر السوداني الشقيق بعد مليونية أمس الأحد ( 30.06.2019 ) التي تركزت مطالبها في حكم مدني صرف ، بعيد عن حكم الجنرالات ، من أي نوع كان . وبينما كنت أقلب بعض صفحات التلفاز ، فوجئت بالسفير الأمريكي في إسرائيل ، ( ديفيد فريدمان ) يمسك بمطرقة كبيرة ، ( ندعوها في حوران مهدّة ) وبحضور ممثل عن حكومة ترامب ، وممثلين كثر عن حكومة نتنياهو ، ويشرع بصب جام غضبه على جدار طيني أمامه بكل ماأوتي من قوة ومن قلة شرف وأخلاق ، إلى أن فتح فيه ثغرة صغيرة ، استمر بتكبيرها مستعيناً بالقوى الإحتياطية الموجودة خلفه ، حتى بات هذا الجدار ، الذي سيمكن إسرائيل من حفر نفق تحت بلدة سلوان العربية متجهاً نحو حائط البراق ، مما يشكل خطراً حقيقياً على كل الأبنية التي تقع فوقه ، أثراً بعد عين .
إن مالفت نظري في ذلك المشهد العجيب، هو الفرحة العارمة التي كانت تكسو وجه سيادة السفير الأمريكي ، وهو ينهال بمطرقته الضخمة على ذلك الجدار الطيني المسكين ، متناسياً أنه سفير لأمريكا في إسرائيل ، أي أنه أمريكي وليس إسرائلياً ، وهنا تذكرت كلاما للفيلسوف الأمريكي ( ناؤوم تشومسكي ) كنت قرأته في مقدمة أحد كتبه ذات يوم ، يقول فيه " إن من يقل أمريكا يقل إسرائيل ، ومن يقل إسرائيل يقل أمريكا " ، وهنا حضر رجب وبطل العجب . واستمعت أيضاً لأحد الإخوة الفلسطينيين ، وهو يعلق على هذا الدور، المضحك والمبكي معاً ، الذي يقوم به السفير الأمريكي في ( إسرائيل ) بقوله إنه ( يعني السفير ) مستوطن إسرائيلي وليس سفيراً أمريكياً في إسرائيل !! .
وهنا واتتني – كمواطن سوري - فكرة أخرى ذات صله ، مآلها ، هو أن نذكر إخوتنا في الإئتلاف الوطني السوري ، أن يوجهوا دعوة رسمية إلى هذا السفير ، مصطحباً معه طبعاً مطرقته ( مهدّته ) ، عله يستطيع بخبرته الصهيوأمريكية إزالة ذلك الجدار الإسمنتي الذي يفصل بين الشعب السوري وبين عائلة الأسد منذ نصف قرن ، فلعل سيادة الوريث بشار الأسد ،بإزالة هذا الجدار، يتذكر هضبة الجولان ( نعم هضبة الجولان ماغيرها ) ، ويتذكر أيضاً أن المطارق والمناشير ، وكل تنكنولجيا بوتينياها ، لاتعيد أرضاً ، ولا تطعم خبزاً ، ولا تقيم حكماً ، وإنما هي العدالة والمساواة وحكم القانون والديموقراطية ، ورؤية الشعب مثل أصابع اليد الواحدة ، مختلفة الطول والعرض والوزن والشكل ، ولكنها تؤدي وظيفة واحدة موحدة ، قالها المتظاهرون في مظاهراتهم السلمية عام 2011 ( وواحد واحد واحد الشعب السوري واحد )، ولما لم تستجب لمطالبهم المشروعة ياسيادة الوريث آنذاك ، رفعوا سقف مطالبهم إلى : " الشعب يريد إسقاط النظام " . وهو مطلب ما يزال على طاولة الثوار حتى اليوم ، وسوف يبقى على طاولتهم ، حتى الغد ، وحتى بعد الغد ، بل وحتى بعد بعد الغد وإن غداً لناظره قريب .
وسوم: العدد 831